قانون القضاء على العنف ضد المرأة التونسية يدخل حيز التنفيذ فبراير الجارى

الجمعة، 16 فبراير 2018 08:50 ص
قانون القضاء على العنف ضد المرأة التونسية يدخل حيز التنفيذ فبراير الجارى المرأة التونسية - أرشيفية
أ ش أ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يدخل القانون التونسى الأساسى المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، حيز النفاذ فى النصف الثانى من شهر فبراير الجارى بعد أن صادق عليه مجلس النواب التونسى، واعتمده الرئيس الباجى قائد السبسى، ونُشر بالجريدة الرسمية.

وذكر تقرير لوكالة الأنباء التونسية، اليوم الجمعة، فى إطار ملف الخدمة الإعلامية النسوية لاتحاد وكالات الأنباء العربية "فانا"، أن القانون يهدف كما جاء فى فصله الأول إلى وضع التدابير الكفيلة بالقضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة القائمة على أساس التمييز بين الجنسين من أجل تحقيق المساواة واحترام الكرامة الإنسانية، وذلك بإتباع استراتيجية تقوم على التصدى لمختلف أشكال العنف بالوقاية وتتبع مرتكبيه ومعاقبتهم وحماية الضحايا والتعهد بهم".

وجاء القانون للتصدى إلى ظاهرة باتت تثير الانشغال فى المجتمع التونسى، وهى ظاهرة "العنف ضد المرأة" بأشكاله المتعددة وفى مناحى الحياة المختلفة، الأمر الذى دفع المجتمع المدنى التونسى وخاصة الجمعيات والمنظمات المدافعة عن حقوق المرأة إلى دق ناقوس الخطر مستندة فى ذلك إلى أرقام وإحصائيات أصدرتها جهات رسمية، وبالفعل قام الديوان الوطنى للأسرة والعمران البشرى (مؤسسة عمومية تتبع وزارة الصحة التونسية) سنة 2010 بأول مسح وطنى حول تفشى ظاهرة العنف ضد المرأة فى المجتمع التونسى، شمل 4 آلاف عينة لنساء تتراوح أعمارهن بين 18 إلى 64 سنة موزعة على كامل أنحاء تونس.

وخلص هذا المسح إلى نتائج شكلت صدمة للرأى العام التونسى، وأثبتت أن هذه الظاهرة المسكوت عنها غالبا متفشية بالفعل فى المجتمع، وأن امرأتين من بين 3 نساء يتعرضن للعنف، وأن نصف النساء التونسيات تعرضن له على الأقل مرة فى حياتهن، كما كشفت الدراسة أن النسبة الأكبر لحالات العنف ضد المرأة تقع من مقربين فى محيطها الأسرى، وأن هذا العنف يعتبر من الأسباب الرئيسية للموت والعجز لدى النساء فى الفئة العمرية من 16 إلى 44 سنة .

وقد دفعت هذه الحقائق المجتمع المدنى فى تونس لممارسة مزيد من الضغط على وزارة المرأة والأسرة والطفولة، لإعداد قانون لوضع الآليات الكفيلة بحماية المرأة ومساعدتها حال تعرضها لأى نوع من أنواع العنف، وأثمر هذا الضغط عن مشروع قانون أعدته الوزارة وأحالته إلى مجلس النواب للمصادقة عليه، وعقب مناقشات امتدت عاما كاملا فى مختلف لجان المجلس واستيفاء النظر فى كل بنود مشروع القانون، صادقت عليه الجلسة العامة بالإجماع بـ146 صوتا دون تحفظ أو اعتراض من أى نائب بالبرلمان التونسى.

وتعليقا على القانون ونقاط قوته وضعفه ، أعربت الناشطة النسوية التونسية يسرى فرواس عن تفاؤلها، إذ اعتبرت أن هذا القانون يعد خطوة كبيرة فى الاتجاه الصحيح نحو القضاء على التمييز بين الجنسين، وأنه أداة فعالة لمناهضة العنف ضد المرأة ويكافح ويعالج كل أشكاله، ولفتت فرواس، إلى أن القانون يحمّل مسئولية مناهضة العنف لكل مؤسسات الدولة والمجتمع، وأن أبرز نقاط قوته أنه استحدث آلية تمكن قاضى الأسرة من إصدار إذن الحماية بشكل فورى حال وقوع عنف واتخاذ جملة من الإجراءات لانتشال الضحية بصفة فورية، كما ينص القانون على عقوبات مشددة ضد المعتدى، ويكرس عدم الإفلات من العقاب.

من جانبها، لفتت بشرى بالحاج حميدة الناشطة الحقوقية وعضو مجلس النواب التونسى إلى أن إيجابيات القانون لا تعنى خلوه من النقائص فالقانون نص على سبيل المثال أنه "يعاقب بالسجن مدة 20 عاما مرتكب الضرب أو الجرح الواقع عمدا دون قصد القتل والذى نتج عنه الموت"، معتبرة أن العقوبات الجزائية فى تونس أثبتت على امتداد 60 سنة فشلها، موضحة أن العقوبات البديلة تكون فائدتها أكبر على الدولة وعلى المعتدى .

وفى السياق ذاته، هناك آليات نص عليها قانون القضاء على العنف ضد المرأة لا بد من تفعيلها حتى يتم تطبيق القانون على أفضل وجه، ومن أهم الأليات التى استحدثها القانون (المرصد الوطنى لمناهضة العنف ضد المرأة) الذى تكون مهمته إعداد تقارير سنوية دقيقة عن حالات العنف فى تونس .

بدوره، قال فيصل الصحراوى، المسئول عن برنامج دعم المساواة بين الرجل والمرأة التابع لوزارة المرأة والأسرة والطفولة التونسية، بأنه تمت صياغة المشروع الأولى للائحة عمل المرصد، وهى قيد المناقشة حاليا ، كما تم منذ المصادقة على القانون فتح ستة مراكز استقبال وإيواء للنساء ضحايا العنف فى 6 ولايات وهى (جندوبة وتونس والقيروان وصفاقس وقفصة ومدنين)، بالاشتراك مع جمعيات محلية، وأوضح أن وزارة المرأة خصصت الخط المجانى (1899) لاستقبال وتوجيه المكالمات الخاصة بالعنف المسلط على النساء وتخصيص وحدات أمنية لحماية الضحايا موزعة على كامل أنحاء تونس، وتكليف فريق مختص يضم عناصر نسائية للتعامل مع هذه القضايا.

وعن جهود المجتمع المدنى لمراقبة مدى التقدم فى إنفاذ القانون، قالت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات منية بن جميع، إنه لا شك أن صدور القانون كان ثمرة لجهود كبيرة بذلها نشطاء المجتمع المدنى عموما والجمعيات النسوية المدافعة عن حقوق المرأة خصوصا، إذ تم تشكيل ائتلاف يضم 60 منظمة ناشطة فى هذا المجال من أجل ضمان أكبر قدر ممكن من الحقوق للمرأة التونسية، وأضافت أن المجتمع المدنى لعب منذ تسعينات القرن الماضى دورا جوهريا ومحوريا فى الضغط على الحكومة للالتزام قانونيا بمناهضة العنف ضد المرأة بجميع أشكاله وهو ما مهد لصدور قانون "مناهضة العنف ضد المرأة" الذى كان ثمرة عدة تراكمات بدأت ببعض التنقيحات الجزئية لعدد من فصول المجلة الجزائية.

وتابعت أن المجتمع المدنى التونسى يظل له دور مهم فى مراقبة مدى التقدم فى تطبيق القانون والتنبيه إلى الإخلالات والتجاوزات التى قد تطرأ عند اصطدامه بأرض الواقع، كما أن الإعلام مدعو بدوره وبنص القانون إلى المساهمة فى هذا الجهد، إذ جاء فى الفصل 11 من قانون القضاء على العنف ضد المرأة "تتولى وسائل الإعلام العمومية والخاصة التوعية بمخاطر العنف ضد المرأة وأساليب مناهضته والوقاية منه وتحرص على تكوين العاملين فى المجال الإعلامى على التعاطى مع العنف المسلط على النساء فى ظل احترام أخلاقيات المهنة وحقوق الإنسان والمساواة ويمنع الإشهار وبث المواد الإعلامية التى تحتوى على صورة نمطية أو مشاهد أو أقوال أو أفعال مسيئة لصورة المرأة أو المكرسة العنف المسلط عليها أو المقللة من خطورته وذلك بكل الوسائل والوسائط الإعلامية".










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة