خالد صلاح يكتب: ثم تأتى المفاوضات فى النهاية

الأحد، 11 فبراير 2018 12:00 م
خالد صلاح يكتب: ثم تأتى المفاوضات فى النهاية الكاتب الصحفى خالد صلاح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحرب فى سويا  (1)
 
 
مضت سنوات طويلة من القتل والقتل المضاد فى سوريا، أمة كاملة انتحرت عمدًا فى صراعات السلطة والسياسة والنفوذ والمذاهب، ثم فى النهاية يجلس أمراء الحرب على طاولات التفاوض، مرة فى أستانة ومرة أخرى فى سوتشى ومرات فى جنيف، بخلاف مفاوضات الكواليس بين رجال المخابرات فى كل جانب.
 
لم كان القتل إذن؟
لم كان الدم إذن؟
لم كان تشريد الناس إذن؟
طاولات التفاوض هى نهاية كل حرب، السياسيون يرفعون الشعارات الكبرى عن الحرية وعن العدل، ويخوضون حروبا واسعة من التدمير، ثم تتدخل القوى الكبرى لتسند هذا الطرف حينا، وذلك الطرف حينا آخر، ثم بعد أن تنكسر الدولة بكاملها، وتقضى النزاعات المسلحة على البنية التحتية للأمة، يبدأ التفاوض على السلطة والمال والثروات والنفوذ.
 
لا يزال العقل العربى يدمن هذا السيناريو الدموى، السيف أسبق من الفكر، والحرب أقرب من التفاهم، والقتال أمتع من المفاوضات، ثم بعد مئات الآلاف من الضحايا، وملايين اليتامى والمشردين، نستيقظ على حقيقة أنه لا قيمة للحرب، ولا غاية تحققت لأى من الأطراف المتصارعة، فقط هؤلاء الذين مولوا الحرب من الخارج، أو أشعلوها من الداخل هم الذين يقتسمون الغنائم، العقل العربى لا يعرف الحلول الوسط إلا بعد أن يدفع ثمن العناد المسلح، والشعوب العربية تغريها الكلمات الرنانة فتخسر أوطانها دفاعا عن شعار أجوف، أو تخسر حاضرها ومستقبلها تحت عناوين خبيثة ظاهرها الرحمة وباطنها من قبلها العذاب.
 
العقل الغربى سبقنا بسنوات فى إدراك خطورة هذه الصراعات المسلحة، فرسم المفكرون طرقا لحل المنازعات بعيدا عن الحرب وخارج منظومة الدم والضحايا، لكن الغرب ضبط هذه الحلول على مقاسه الخاص، ووفق ثقافته المتفردة، وترك طوفان الحروب والصراعات يسيطر على بقية أرجاء العالم، فيربح الغرب من تجارة السلاح، وتجارة إعادة الإعمار، وتخسر شعوب العالم، خاصة هنا فى الشرق الأوسط، بنيتها التحتية واقتصادها الأعرج، وشبابها الأعز الذين نقدمهم قربانا فى أتون الحرب، بدلا من أن نقدم لهم دولة قادرة على تحقيق أحلامهم البكر.
 
قل لى أنت على حرب واحدة من تلك الحروب الأهلية والصراعات «العربية - العربية» فى هذا الإقليم لم تنته بالتفاوض، قل لى أنت على حرب، أى حرب، رسمت غدًا أفضل للشعوب المتحاربة، وقل لى أنت على حرب، أى حرب، قرر أطرافها أن يتفاهموا قبل أن يرفعوا السلاح، وأن يتفاوضوا قبل أن يراق الدم الحرام بلا ثمن.
 
العقل العربى يعانى مرض السلطة بالسيف، لا السلطة بالرضا، العقل العربى لا يزال بعيدا عن ثقافة الحلول الوسط، والتفاوض حول بعض المكاسب وبعض الخسائر، لا يرى العرب سوى الانتصار كل الانتصار، ولا يرون سبيلا للانتصار إلا بالحرب كل الحرب، وإذا قرأ العرب فصول التاريخ فسيدركوا أننا قتلنا أنفسنا أكثر مما قتلنا المحتل، وسفكنا دماءنا أكثر مما سفكها العدو، وذبحنا شعوبنا أكثر مما ذبحنا المغول والروم والفرس والإنجليز والفرنسيون وكل المستعمرين عبر التاريخ.
 
نحن أعداء أنفسنا، عقول تدمن الانتحار الذاتى، وقلوب تتحمس للسيف والدم، وتاريخ لا يعرف سوى الهزيمة، عقول العرب هى مرض العروبة.
 
مفاوضات الاستانه
 
الحرب فى سويا  (2)
 
 
الكاتب الصحفى خالد صلاح
الكاتب الصحفى خالد صلاح

 







مشاركة



الموضوعات المتعلقة


التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

حفاة الوطن

المفاوضات لن تنجح في سوريا لانها ستكون ارض الملاحم كما ورد في الحديث الشريف الصحيح

من ينتظر الى ما يحدث في سوريا يجد ان المنطقة المشتعلة حاليا هى المنطقة الواردة في الحديث الشريف عن الملاحم والقتال بين المسلمين والغرب (الروم) فنجد الامريكان والقواعد الفرنسية على الحدود التركية السورية حتى منبج غرب الفرات ويحتاجوا لوصل هذه المنطقة بعفرين ليكون المنفذ الوحيد للدولة الكردية ولكن العقبة الرئيسية سيطرة الاتراك على المنطقة شمال حلب والمحصورة بين منبج وعفرين بما فيها دابق والاعماق فكيف يكون هذا بالحديث الشريف منذ 1400 سنة في اعجاز نبوى عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ فإذا تصافوا قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا، ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث لا يفتنون أبدا، فيفتتحون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان إن المسيح قد خلفكم في أهليكم فيخرجون ـ وذلك باطل ـ فإذا جاءوا الشأم خرج، فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فأمهم فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء فلو تركه لانذاب حتى يهلك ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته). الحديث في صحيح مسلم كتاب الفتن وأشراط الساعة

عدد الردود 0

بواسطة:

Nabil

صدقت

كل كلمة كتبت هي صحيحة تماماً. لقد أصبت كبد الحقيقة. يا ليت ملوكنا ورؤساؤنا يتفهمون هذا.

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة