أكرم القصاص - علا الشافعي

نائب رئيس مجلس الصناعات النسيجية: أهدرنا الاستفادة من تعويم الجنيه

السبت، 08 ديسمبر 2018 07:59 م
نائب رئيس مجلس الصناعات النسيجية: أهدرنا الاستفادة من تعويم الجنيه الدكتور مجدى طلبة نائب رئيس المجلس الأعلى للصناعات النسيجية
كتب هانى الحوتى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يختلف موقف رجال الأعمال تجاه المشاكل الاقتصادية، بعضهم يفضل الصمت إيثاراً للسلامة من تأثير الحديث على أعماله الخاصة، والبعض الآخر على النقيض تماماً يرفع راية مصر أولا، ويحاول دائما طرح مقترحات للمشاكل، والدكتور مجدى طلبة نائب رئيس المجلس الأعلى للصناعات النسيجية أحد المنتمين للنوع الثانى..إذ لا يكتفى رجل الأعمال الأكاديمى بنجاحه الشخصى فى تصنيع الملابس الجاهزة، ولكنه دائما مهموم بمشاكل الصناعة الوطنية وفى مقدمتها القطاع الذى يعمل به وهو الغزل والنسيج.

 

ولذا أجرينا حواراً مع مجدى طلبة للتعرف على رأيه فى مشاكل الصناعة المحلية بعد إجراءات الإصلاح الاقتصادى للحكومة والتى ضمت قرارات عديدة لتهيئة مناخ الاستثمار، والتعرف على مقترحاته لحلول تلك المشاكل، وإلى نص الحوار..

 

بداية.. كيف ترى وضع الصناعة المصرية؟

فى البداية..العالم كله متفق أن الصناعة هى القاطرة التى تقود اقتصاد أى دولة، ورأس هذه القاطرة هو الصادرات.

وبالنسبة للوضع الحالى للصناعة المصرية، تشير المؤشرات إلى انخفاض إجمالى الناتج الصناعى-وحتى الآن ليس هناك رقم محدد-  كما انخفض حجم الصادرات من 27 مليار دولار عام 2010 إلى ما يقترب من 25 مليار دولار، أى أننا لم نصل لحجم الصادرات ما قبل أحداث يناير..رغم أن الدولة اتخذت منذ عامين قرار تحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه"، والذى أهدرنا الاستفادة منه، بسبب عدم تجهيز الدولة قبل اتخاذ القرار من خلال تنشيط تدفقات العملة الأجنبية وعلى رأسها الصادرات وتشغيل المصانع المغلقة والمتعثرة.

 

إذاً.. ما هى المشاكل التى تواجه نمو القطاع الصناعى؟

هناك مشاكل عديدة تواجه نمو القطاع الصناعى، وأبرزها أولا وجود آلاف المصانع المغلقة والمتعثرة، وثانيا انخفاض الطاقة الإنتاجية حيث لا تتعدى 30-50% فى العديد من المصانع-والوزير الحالى رجل صناعة ويجرى حصر بالطاقات الإنتاجية- وثالثا ضعف القيمة المضافة إذ تصل مستلزمات الإنتاج المستوردة لبعض الصناعات بين 70-80% مثل صناعة السيارات، والملابس والتى لا تتعدى قيمتها المضافة 40%، وهذا شئ مضحك لأنه كان من المفترض أن نصل بالقيمة فى قطاع الصناعات النسيجية على الأقل 80%.

 

رابعا والأهم عدم توافر التمويل للصناعة، إذ تستثمر البنوك نسبة 80% من محفظتها فى أدوات الدين التى تحقق لها عائد جيد، فى الوقت الذى تصل نسبة 70% من حالات تعثر المصانع بسبب التمويل، خامسا تضخم الاقتصاد غير الرسمى والذى وصل إلى نسبة 70% من الاقتصاد، ولكن على الرغم من صعوبة حصره إلا أن الحكومة مطالب ببذل جهد أكبر فى الحصر وضمه للاقتصاد الرسمى بدلا من الضغط على الأخير.

 

سادسا عدم تحديث الصناعة المحلية حيث أهدرنا ملايين اليوروهات الممنوحة من الاتحاد الأوروبى على التطوير حتى أن أكثر من نسبة 90% من الصناعات لم تركب ماكينة جديدة منذ 9 سنوات، وهو ما قد يهدد بخروج بعض الصناعات من التنافسية بسبب عدم التحديث، بسبب أن المصانع مكبلة بالديون وبالتالى أهملت ملف التحديث والذى كان يجب أن تشترك فيه الدولة من خلال توفير التمويل الميسر ومحفزات للتحديث.

 

سابعا عدم توافر العمالة المدربة بسبب غياب البرامج التدريبية المعتمدة، وإهدار ملايين الدولارات على برامج التدريب الحكومية لم تنجح فى مهمتها، وفى الوقت نفسه تضخم المهن غير الحقيقة مثل سائقى التوك توك، وارتفاع معدل الدوران حتى أنها تصل إلى تغييرها شهرياً بنسبة 10-15% فى بعض المصانع أى تغيرها بالكامل بنهاية العام، وهو ما يفقد المصنع الجودة والإنتاجية.

 

 ثامنا عدم الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة، إذ أنه على الرغم من توقيع مصر اتفاقيات تجارة حرة مع نصف دول العالم، إلا أن معظم تلك الاتفاقيات تعمل لصالح الشريك الأجنبى أو حققنا أرقام صادرات هزيلة مثل اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبى والتى تبلغ حجم صادرات مصر فيها خمس وارداتها من دول منطقة اليورو، بعدما أهدرنا أموال الممنوحة من الاتحاد الأوروبى مقابل تحديث الصناعة على مدار السنوات الماضية علاوة على إهدار أحد موارد الدولة السيادية ممثلة فى إلغاء الجمارك على واردات دول الاتحاد الأوروبى، واتفاقية الكويز والذى لا تتعدى حجم صادراتنا منها مليار دولار فى الوقت الذى كان يجب أن تصل فيه إلى 10 مليار دولار على الأقل، حتى الصادرات لأمريكا تعانى خلل يصل إلى 1 لمصر مقابل 4 للولايات المتحدة، ونفس الأمر ينطبق على اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، والتى تنطبق لصالحها.

 

 تاسعاً عدم توافر الأراضى الصناعية بسبب الأسلوب الخاطئ للمطور الصناعى، وهو ما حذرت منه وزير الصناعة رشيد محمد رشيد قبل أحداث يناير، وقلت أن مصر سوف تعانى بعد 6 سنوات من عدم توافر الأراضى المرفقة بسبب توزيع الأراضى المرفقة على 5-6 شركات تتولى بيع الأراضى، ولا يوجد أى رقابة على أسعارها حتى وصل متر الأراضى إلى ألفين جنيه للمتر فى المقابل يصل سعرها فى ألمانيا 30 يورو وفى البرازيل دولار واحد فقط.

 

ومن المفترض ألا يضع المستثمر رأس المال كله فى الأراضى والمبانى ويتعثر فى توفير رأس المال العام، والحل إما أن تعمل الحكومة كمطور أو تحدد أسعار للمطورين.

 

عاشرا تشوه التشعريات، حيث نص قانون الاستثمار على منح حوافز للمستثمرين الجدد سواء محلى أو أجنبى وفى المقابل لا تطبق على توسعات القائم الذى شال هم الدولة خلال السنوات الماضية، إذاً  كيف تتساوى المنافسة بين المستثمرين الجدد والقائمين فى إنتاج سلعة معينة..وهذا الكلام غير دستورى لأنه لا يتوافر به مبدأ تكافؤ الفرص، ولو حد رفع قضية سيحكم بعدم دستوريته.

 

حادى عشر المعاملات المالية للمستثمرين مع الحكومة، إذ توقف هيئة التأمينات الاجتماعية ترخيص سيارات النقل للمستثمرين بسبب تراكم مستحقات التأمينات، فى المقابل لم تصرف مستحقات الرد الضريبى والمساندة التصديرية للمستثمرين، علاوة على تحصيل الدولة فوائد على مستحقاتها..والحل إجراء مقاصة بين تلك المديونيات.

 

وماذا عن أبزر الحلول لتلك المشكلات؟

الصناعة الوطنية أمامها فرص ومزايا تنافسية عديدة إلا أنه يجب أولا مراجعة وإعادة تقييم مجتمع الأعمال بالكامل لنقل المشاكل الحقيقة والمقترحات للدولة، ولذا يجب أن ترجع المجالس التصديرية لدورها كمجالس استشارية وليست تنفيذية.

 

ثانيا تعيين قائد للمجموعة الوزارية الاقتصادية، لمنع التضارب بين الوزارات لأن كل وزارة تعمل لمصالحها، وليس لمصلحة الوطن..وفى السابق كان هناك وزير يرأس المجموعة الاقتصادية، وقبل أحداث  كان يديرها وزير المالية، وحاليا قد يكون الأنسب وزير الصناعة لارتباط أغلب الحلقات به أو أى وزير آخر.

 

ثالثا رفع كفاءة الصف الثانى من القيادات الحكومية من خلال الفلترة وتوفير التدريب والدعم بكفاءات متميزة، لأن بعض التشريعات جيدة ولكن نصدم بالتطبيق تصل إلى حد الرفض.

 

ثالثا توفير العمالة الفنية المدربة من خلال استحداث أساليب جديدة للتدريب، وربط الصناعة بالتعليم الفنى المتوسط، وإنشاء قاعدة بيانات بالعمالة المدربة، لإنشاء صناعة تصدير العمالة، إذ كشفت إحصائية صادرة عن البنك الدولى عن دخول 45 مليون سوق العمل فى مصر خلال الفترة من 2010 حتى 2050 وهذا العدد الكبير لو أحسن استغلاله وتدريبه وتثقيفه سيكون مصدر للتصدير للأسواق التى سيحدث بها عجز مثل وأكثرها عجزاً فى أوروبا والتى تمثل بوابتنا الشمالية، وإلا سيكون هؤلاء الشباب قنبلة موقوتة فى الشارع.

 

رابعاً إنشاء قاعدة البيانات للصناعة تضم عدد المصانع وعدد المصانع المغلقة والمتعثرة والطاقات الإنتاجية والعمالة لسهولة اتخاذ القرار الصحيح، خامسا توفير محفزات لتحديث الصناعة حتى لا نخرج من التنافسية، حيث تسدد إحدى الدول المجاورة نسبة 25% من قيمة الماكينة الجديدة للمصنع، وهذه الدولة منذ 15 عاما كانت صادراتها 30 مليار دولار والآن تخطت 70 مليار كما أن 70% من صادراته بها قيمة مضافة مرتفعة.

 

سادسا إنشاء خريطة للصناعات مرتبطة بطبيعة الموقع، وليس "السوبر ماركت" حيث تضم المناطق الصناعية الحالية صناعات مختلفة بعضها لا يتناسب مع مكان تواجدها، ولذا يجب التفرقة بين صناعات تصلح بجوار المطارات وأخرى متخصصة لوجه قبلى.

 

سابعا معالجة التشوهات التشريعية للقوانين القائمة، من خلال استشارة أصحاب الشأن فى تلك القوانين قبل صدورها، وثامنا توفير تمويل ميسر وسريع للمستثمرين، إذ أنه فى الوقت الذى تعلن فيه الحكومة توفير نسبة 70 % مشروعات للقطاع الخاص، تصل نسبة محفظة التمويل المنوحة من البنوك للمستثمرين لنسبة محدودة جدا، بالإضافة إلى أن فائدة هذا التمويل مرتفعة جدا، حتى تمويل الصادرات.

 

ولا بد من وضع خطة قومية لزيادة الصادرات مرتبطة بتوقيتات محددة لتعظيم أرقام الصادرات، والوصول بالصادرات السلعية إلى 100 مليار دولار خلال 5 سنوات وهو ما سيتتبعه من خلق ملايين فرص العمل، مع العمل على تعميق حقيقى للصناعة، واكتمال حلقات الصناعة التى لنا بها ميزة تنافسية مما سيؤدى إلى زيادة القيمة المضافة.

 

وفى نفس الوقت لا بد من السيطرة على الارتفاع المطرد فى تكاليف الإنتاج الذى قد يهددنا فى الخروج من التنافسية أمام الدول الأخرى، من خلال آليات جديدة تساهم فى زيادة معدل النمو الصناعى.

 

كما يجب أن نستفيد من حماس القيادة السياسية ورغبتها فى إحداث تغيير حقيقى فى الاقتصاد المصرى، والعمل بنفس السرعة والآلية التى تتحرك بها، وإذا لم نحسن استغلال تلك الرغبة سنخسر فرصة لن تكرر، خاصة فى ظل وجود متغيرات سياسية عالمياً لصالح مصر، بما يساهم فى انتقال استثمارات صناعية لاستضافتها بمصر.









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة