حسين حمودة يفند الأوهام الـ7 الشائعة عن نجيب محفوظ.. تعرف عليها

الإثنين، 31 ديسمبر 2018 05:13 م
حسين حمودة يفند الأوهام الـ7 الشائعة عن نجيب محفوظ.. تعرف عليها الدكتور حسين حمودة
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فند الدكتور  حسين حمودة، أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة الأوهام التى يطلقها البعض على الكاتب الكبير نجيب محفوظ، وقال حسين حمودة، سوف أتوقف أمام ما يمكن أن نطلق عليه أوهام شائعة عن نجيب محفوظ، وأقصد تلك المقولات المتعجلة وربما كان بعضها مغرضا وربما كان بعضها منطلقا من رغبة فى التصنيف المستسهل والتى شاعت عن نجيب محفوظ.
 
جاء ذلك فى الأمسية الثقافية التى نظمها المجلس الأعلى للثقافة، والتى جاءت بعنوان " نجيب محفوظ رؤية جديدة" وشارك فيها عدد من الكتاب والمثقفين منهم الدكتور أحمد درويش والدكتور محمد بدوى والدكتورة اعتدال عثمان، والكاتب محمد شعير، والكاتب إيهاب الملاح والدكتور محمد سليم شوشة.
 
حسين حمودة
 

وأضاف الدكتور حسين حمودة سبعة أوهام، ذكرها وفندها: 

الوهم الأول:

مقولة إن نجيب محفوظ هو كاتب الطبقة المتوسطة، وشاعت هذه المقولة فى منتصف الخمسينيات وارتبطت بكتابات نقدية مهمة وجادة لكنها كانت تتوقف عند تجربة نجيب محفوظ السابقة، أى رواياته التى كتبها فى فترة الأربعينيات، رغم أن بعض هذه الروايات لم تقف عند حدود الطبقة المتوسطة ومن ذلك رواية زقاق المدق، وفيها شخصيات كثيرة وتناغمات تتجاوز حدود الطبقة المتوسطة.
1
 

الوهم الثانى:

يتصل بمقولة إن نجيب محفوظ هو "بلزاك العرب" أو "فلوبير العرب"، وهنا اختزال لعالم نجيب محفوظ المتعدد، فـ نجيب محفوظ بعد مرحلة الأربعينيات أى فى الخمسينيات والستينات الأولى، غادر تلك المرحلة المرحلة التى سجنت فيما سمى "الواقعية" فلم يعد يقف عند حدود الرصد الواسع جدا لعدد كبير من الشخصيات، ولم يعد مهتما كثيرا بالزمن المرجع ولم يعد يأبه كثيرا بالكتابة حول تفاصيل العادات والتقاليد، ففى روايات مثل الطريق والشحاذ وإلى حد ما ميرامار أصبح هناك تركيز على الشخص المفرد وعالمه الداخلى، وصار هناك اهتمام بالقضايا الكبرى القديمة المتجددة مثل علاقة الفرد بالجماعة، وفكرة العدالة، وفكرة الخيانة، وما إلى ذلك، والذى مثل طريقا آخر يختلف عن الطريقة التى كتب بها نجيب محفوظ رواياته فى فترة الأربعينيات.
 وهناك مغامرات أخرى مثل (أولاد حارتنا وحديث الصباح والمساء، والحرافيش) وفى كل مغامرة نأى وابتعد عن التقاليد التى تأسست عليها كتابة بلزاك أو كتابة فلوبير.
 
2
 

الوهم الثالث:

يتصل فى تلك المقولة التى ترددت فى بعض السنوات فى أن نجيب محفوظ كاتب يدعو إلى الرذيلة، طبعا هذه المقولة انطلقت من بعض الأشخاص الذين لم يقرأوا نجيب محفوظ، بل شاهدوا بعض الأفلام، وتوقفوا عند فكرة أن هناك شخصيات مثل حميدة فى زقاق المدق، ونور فى "اللص والكلاب" وريرى فى "الشحاذ" ونفيسة فى "بداية ونهاية" توقفوا فقط عند كونهن "عاهرات" ولم يتأملوا كيف صور نجيب محفوظ هذه الشخصيات.
3
 

الوهم الرابع:

يتصل بمقولة إن نجيب محفوظ كاتب ضد الدين، وهى مقولة مأساوية، وترتبت بشكل خاص على أشكال متنوعة من إساءة القراءة لعمله المميز "أولاد حارتنا"، ونجيب محفوظ لخص مأساة "أولاد حارتنا" تلخيصين، الأول حيث قال فى عبارة محددة "إنها رواية قرأت ككتاب"، والتلخيص الثانى أشار فيه إلى الملابسات التى أحاطت بالرواية قبل نشرها أو بعد نشرها، حيث لم يتوقع صداما مع رجال الدين لكنه توقع صداما مع رجال السلطة، ففى تصوره، الذى قد يكون صحيحا أو غير ذلك، أن هذه الرواية لا تصطدم بالدين بقدر ما تصطدم بإساءة استخدام الدين من قبل رجال السلطة، والمهم أن هذه القراءة الخاطئة قادت إلى محاولة اغتيال نجيب محفوظ، على يد شباب لم يقرأوا له شيئا.
4
 

الوهم الخامس:

هو أن نجيب محفوظ يسير بجوار الحائط، ثم أنه أشجع كاتب وأجبن إنسان، ثم أخير باختصار أن نجيب محفوظ إنسان جبان، هذه الصياغة بهذا المعنى اتصلت بنوع من الغواية فى الكلام حتى تقلصت للصورة التى نعرفها، وفى هذا الاتهام نوع من عدم التمييز بين المجاملات البسيطة العادية، فيما هو خارج الكتابة من جهة، وفى الجرأة غير المتناهية تقريبا فى الكتابة نفسها، روايات نجيب محفوظ فى الستينيات مثلا كانت الصوت الأجرأ والأكثر إدانة لدولة الصوت الواحد، فمثلا ميرامار فيها شخصية سرحان البحيرى عضو الاتحاد الاشتراكى الفاسد، كذلك فإن رواية ثرثرة فوق النيل كان يمكن لها أن تقود نجيب محفوظ إلى السجن لولا تدخل جمال عبد الناصر شخصيا، وبالتالى فإن نجيب محفوظ هو "نصوص نجيب محفوظ"، وبالتالى فإن مقولة "نجيب محفوظ جبان" الغرض منها الحصول على تصفيق عابر  سوف ينتهى فيما تبقى كتابات نجيب محفوظ.
5
 

الوهم السادس:

إن نجيب محفوظ لم يدافع عن القضية الفلسطينية وأنه مع التطبيع مع إسرائيل، وأنه نال جائزة نوبل من أجل ذلك، وذلك ليس أمرا منصفا، وما نعرفه جميعا أن نجيب محفوظ كان مع قرار التقسيم فى عام 1948 الذى ينص على وجود دولتين فلسطينية وإسرائيلية وهو ما رفضه معظم العرب ووافق عليه أقلية منهم نجيب محفوظ، وبغض النظر على كون نجيب محفوظ كان محقا فى هذا الرأى أو غير محق، فإن هذا هو تصوره ما كان يؤمن به وما ظل مؤمنا به دائما، وحين عقد الرئيس أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد، أشار محفوظ، فيما بعد، إلى أن السادات هو الذى أيده ولم يكن هو الذى أيد السادات، على أى حال أحاطت ملابسات مأساوية بهذا المعنى فيما بعد وهناك بعض النقاد للأسف، هاجموا نجيب محفوظ فى بعض الدول البترولية، ثم عاد هؤلاء الكتاب واعتذروا له، وفى الحقيقة لم يأبه نجيب محفوظ لا بالهجوم عليه ولا بالاعتذار له.
 
وفيما يخص القضية الفلسطينة فإنه حرص فى خطابه بجائزة نوبل على أن يقدم كلمات واضحة ومحددة منها التركيز على وصف الانتفاضة الفلسطينية بـ "الهبَّة الباسلة النبيلة" وتوقف فى الخطاب نفسه عند ما يلاقيه "الفلسطينيون رجالا ونساء وأطفالا وشبابا من ويلات الاحتلال الإسرائيلى وما يمارسه من عنف يتمثل فى تكسير للعظام وقتل بالرصاص وهدم للمنازل وتعذيب فى السجون والمعتقلات" وهذه هى كلمات نجيب محفوظ بالضبط كما وردت فى الخطاب.
 

الوهم السابع:

إنه لم ينصف المرأة، حيث رأى البعض أنه صور المرأة بشكل سلبى، متخذين من "أمينة" فى الثلاثية نموذجا، وهم لم يقفوا عند البديهية الخاصة فى أن نجيب محفوظ يصور وضع المرأة فى فترة معينة دون تدخل، وغير منتبهين إلى أن الصورة التى وصلتهم جاءت من الفيلم الذى أخرجه حسن الإمام، لكن شخصية أمينة فى النص الروائى لها شكل مختلف يتطور، فالرواية ليست رواية بيت السيد أحمد عبد الجواد فقط، لكنها رواية التحولات التى طرأت على هذا البيت وعلى غير هذا البيت، فأمينة التى طردت فى الرواية لأنها تمردت على أوامر زوجها وذهبت سرا لزيارة سيدنا الحسين، فى نهاية الرواية يصبح قعيدا بسبب المرض، بينما تذهب هى لزيارة كل بيوت أهل الله، وهناك شخصيات أخرى فى الرواية مثل صديقة كمال فى الثلاثية "عايدة" ، وحليمة التى قادت "عاشور الأخير" إلى الوعى الذى ينقذ العالم فى الحرافيش.
 
وأنهى الدكتور حسين حموده كلامه قائلا يمكن أن أشير إلى ما يمكن اعتباره يمثل وهما قادما وهو يرتبط بعبارة "تجاوز نجيب محفوظ"، وهو ما ظهر فى السنتين الأخيرتين فى تحقيقات صحفية مع كتاب شبان وكاتبات شابات وفى بعض الحوارات، واحد منهم يتباهى بأنه لم يقرأ عملا واحدا لنجيب محفوظ، وآخر يرى أن الكتاب الحاليين الذين يتعاملون مع الوسائط الحديثة لم يعد بمقدور واحد منهم أن يقرأ نجيب محفوظ، والوهم فى أنه ليس هناك تجاوز فى الحقيقة بل هناك تواصل وتراكم وتساؤل، فكل يبنى هرمه دون أن يهدم هرم الآخر، وذلك ما يدفعنا إلى الوهم المرتبط بالقطيعة، وهو ليس فى الأدب فقط بل فى حياتنا كلها.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة