أحمد المالكى

تهنئة غير المسلمين فى الميزان

الأحد، 30 ديسمبر 2018 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
- ليس من وراء إظهار فتاوى التحريم بتهنئة غير المسلمين إلا إحداث جوٍ من الاضطراب الفكرى والخلل فى النسيج الاجتماعى الذى يوقع الاحتراب
 
تطالعنا رأسَ كل عامٍ فتاوى بحكم تهنئة المواطنين من غير المسلمين بميلاد السيد المسيح «عليه السلام»، وتموج الدنيا وتتداخل الأفكار، وتختلط المفاهيم، بل ويفتن بعض من ليس لديهم قِدَم  فى العلم الشرعى، جراء إظهار مثل هذه الفتاوى وتضاربها، ومما يحزننى أن ينسل بعض المحرمين عبر الإعلام رجالًا وركبانًا، يجلبون بخيلهم ورجلهم من كل حدب وصوب، ويولدون الشبهات من كل فج عميق، لتحقيق مطمعهم فى الظهور وإظهار آرائهم بل وفرضها على المجتمع الذى ينصهر فيه كل أفراد الشعب مع التآلف المتوغل فى أعماق القلوب والضارب بعمقٍ فى تاريخ هذا البلد المجيد، مع التعاون المثمر البناء فيما بينهم فى إطار الروح الجدية للعمل والمثابرة.
 
ومن الخطير فى هذا الأمر أنه ليس من وراء هذه الفتاوى وإظهارها إلا إحداث جوٍ من الاضطراب الفكرى، والخلل فى النسيج الاجتماعى الذى يوقع الاحتراب، من قبل الجماعات «المتأسلمة» التى لا يكون من ورائها إلا إحداث فتنة فى المجتمع وإن زعموا غير ذلك.
 
فتعالت صيحات البررة، أين الحق الواضح الجلى؟ فكان لا بد من بيانٍ واضحٍ، يوضح الحقيقة ويرفع الالتباس عن الناس.
إن المقرر عند الأزهر الشريف «مشيخة وشيخًا»، ودار الإفتاء المصرية، أنه لا مانع شرعًا من تهنئة المواطنين من غير المسلمين أو مجاملتهم بل ومواساتهم فى أى مناسبة تحل بهم.
 
وما صدر عن الأزهر الشريف «مشيخة وشيخًا»، ودار الإفتاء المصرية يقطع جهيزة قول كل خطيب.
فهم أهل الذكر الذين يعرفون قواعد الشرع الشريف، وبيانهم له وقعٌ فى النفوس داخل مصر وخارجها، فكلمتهم بإذن الله أتقى وأنقى وأبقى إلى يوم الدين.
والسؤال الذى يطرح نفسه رأس كل عام: هل ورد دليل عن النبى صلى الله عليه وسلم أوالصحابة يحرم تهنئة غير المسلمين وبخاصة فى مناسبتهم الاجتماعية والوطنية؟
 
فنقول: إن قواعد النظر فى القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة تقضى بأنه لا مانع من التهنئة ومشاركتهم فى أفراحهم ومواساتهم فى أتراحهم، ولذا لزم على المتصدى للفتوى والمتحدث فى الشرع الشريف النظر والتدبر فى كتاب الله والحديث الشريف ولا يفصل أحد المصدرين «الكتاب والسنة» عن الآخر، بجامع الوحى فى كلٍ وللترابط الذى لا ينفك بين المبيَّن «القرآن» والمبيِّن «الحديث» فى عبادة البيان كما هو مقررٌ فى علم أصول الفقه.
فإن قيل: إن ابن القيم- رحمه الله- نقل الإجماع على حرمة التهنئة.
 
فنقول: إن الإجماع حتى يتحقق لا بد له من مستند شرعى يستند إليه، لأن الفتوى بدون مستندٍ شرعىٍ خطأ، والأمة معصومة عن الخطأ، وهذا المستند لا بد وأن يكون صريحًا واضحًا أو ظاهرًا، وإذا عدمنا ذلك فلا أقل من أن يستند إلى الأصول والقواعد الفقهية العامة، فالله لم يترك عباده هملا، ولم يتعبدنا بأحكام لا نعرف لها علة ولا حكمة.
 
أما ما يقال بأن الله قد يلهم الأمة الاتفاق فى قضية من القضايا على الصواب، دون الحاجة إلى دليلٍ صريحٍ أو ظاهرٍ، فهو كلام ساقط، لا يعول عليه، ولا يلتفت إليه.
 
ودعوى الإجماع التى يتناقلها المحرمون لا تستند إلى مستندٍ شرعىٍ بل وتضاهى القواعد العامة والنصوص الصريحة التى تحث على البر بغير المسلمين والقسط إليهم، اللهم إلا إذا حملناها على الحربيين الذين يحاربوننا فتكون صحيحة، لاستنادها حينئذٍ على دليل صريحٍ صحيح.
فكان لزامًا علينا أن تتعالى صيحاتنا لهؤلاء المحرمين ولمن يظهرهم عبر الإعلام «دعوها فإنها فتنة مهلكة».
 
فقانون المواطنة الذى نحيا بظله يدعونا ألا نفرق بين مسلم وغيره فى هذه الواجبات الاجتماعية، ولا سيما إذا كان هناك ترابط وتفاهم وتواصل كالقرابة والمجاورة فى المسكن أو العمل أو صلة المصاهرة بين المسلمين وغيرهم، فهو من البر الذى لم ينهنا الله عنه، بل يحبه كما يحب الإقساط إليهم.
قال تعالى: «لا ينْهاكم الله عن الذين لمْ يقاتلوكمْ فى الدين ولمْ يخْرجوكمْ منْ دياركمْ أنْ تبروهمْ وتقْسطوا إليْهمْ إن الله يحب الْمقْسطين».
فالمسلمون يتقربون إلى الله ببر هؤلاء الذين يخالفونهم فى العقيدة، ما داموا لم يحاربوهم أو يظلموهم!!
 
ومن تتبع سير الصالحين ومواقفهم يجد من الألفة والإحسان مع غير المسلمين المسالمين لهم ما لا يخطر على بال أحد، حتى ساد الأمن والاستقرار آنذاك.
وهذا هو التطبيق الأمثل للإسلام، وليس فى ذلك خروج عن الدين، أو فيه نوع من الحرمة كما يرى بعض المحرمين، فالدين يسرٌ لا عسرٌ، ولما ورد فى «صحيح البخارى»: «ولنْ يُشَادَّ الدين أحدٌ إلا غلبه».
 
وفى الأخير: نهنئ إخواننا المسيحيين بل والمسلمين بميلاد المسيح عيسى ابن مريم «عليهما السلام»، كل عام ومصر وأهلها بخير وسلام.. حفظ الله مصر وأهلها وأمنها «آمين».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

اهبلاوى

نحن كمسلمون امرنا الله ان ﻻنفرق بين احد من رسله ونحن نحب كافة الرسل

نحن نحب كل رسل الله عز وجل الذين اصطفاهم على العالمين لهذا نهنئ جميع المصريين بمولد السيد المسيح والسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا ولقد جعله الله عز وجل وامه الصديقة مريم اية للعالمين ويكفى ان السيدة مريم هى اسم المرأة الوحيدة التى ذكرت فى القرآن الكريم وسورة كاملة باسمها

عدد الردود 0

بواسطة:

رشا المالكي

مقال رائع

جزاك الله خيرا كل عام والجميع بخير

عدد الردود 0

بواسطة:

Ahmed

عمنا. الشيخ. الجليل. نشكرك. لقول. الحق. من. نشات. رشدي منصور

ومادت. لا يفرق. بين. الرسل. منطقيا. لا. نتعرض. لاتباع. اي. رسول. .... ليتك. تبلغ. أخونا. العزيز. برهامي. ذلك. فهو. كاره. غيره. بل. كاره. السيد المسيح. بل. يعمل. ضد. الله. ذاته. الذي. قال. هذا. الكلام. . كلام. معقول. .

عدد الردود 0

بواسطة:

Ahmed

وفي. تلك. الحال. رد من : نشات رشدي منصور.

لا. يفرق. أيضاً. بين. كل. اتباع. رسول. وآخر. .. كلام. معقول. ومنطقي. ..

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة