عصام شيحة

لقاء فى المكتبة

السبت، 29 ديسمبر 2018 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دعوة كريمة تلقيتها من الصديق العزيز الدكتور مصطفى الفقى، مدير مكتبة الإسكندرية، على أثرها شاركت، على مدى يومى 25/26 ديسمبر الجارى، وسط مجموعة متميزة من العقول المصرية المبدعة فى مجالات شتى للمعرفة.
 
وكما جاء فى صدر الدعوة، «تقيم مكتبة الإسكندرية فى ختام كل عام لقاءً سنوياً للمثقفين، وقادة الرأى والإعلاميين، والمهتمين بالشأن العام، «بهدف إطلاعهم على ما أُنجز من عمل طوال العام إلى جانب خطة العمل المستقبلى».
 
وقد أعلنت المكتبة عن إطلاق مبادرتها لعقد قمة ثقافية عربية عام 2019. وعليه فقد آثرت أن تتناول كلمتى هموم الثقافة العربية، وما يواجهها من تحديات ومشكلات تُباعد بين الأمة العربية ونهضة ثقافية جامعة لأبنائها، كتعبير عن موروثنا الحضارى من جهة، وتطلعاتنا السخية نحو آفاق مستقبلية أرحب تستوعب مستجدات العصر القادم، ويمكننى إيجاز كلمتى فى اللقاء على النحو التالى:
 
• لم تنجح الأمة العربية فى مواجهة الثورة التكنولوجية الاتصالية باستراتيجية تضمن استيعاب الحداثة دون التفريط فى الهوية والخصوصية الثقافية. وقد كان حرياً بالحكومات العربية العمل بجدية على تحديث وسائل وأدوات زيادة الوعى العام، ولعل فى مقدمتها تجديد الخطاب الدينى، لما للدين من مكانة مرموقة فى الضمير العربى عامة، فضلاً عن انعكاساته على تناول واستيعاب المواطن لكثير من مفردات الثقافة.
• من المعروف أن الترجمة تعد وسيلة فعالة للتواصل الثقافى بين الشعوب، ونقل المعارف، سواء للبناء على ما أنجزته الشعوب الأخرى، أو لتكييف الواقع العربى ليتناسب مع الحديث فى الفكر والعلوم المتقدمة. وبالنظر إلى طردية العلاقة بين حركة الترجمة وحركة الثقافة فى المجتمع، أود الإشارة إلى بعض المشكلات التى تواجه الترجمة فى العالم العربى:
 
- غياب قاعدة بيانات دقيقة عن حركة الترجمة العربية.
- الميل نحو ترجمة الأدب أكثر من ترجمة العلوم بشكل عام، وبالتالى نفتقر إلى ترجمة مبنية على منهج يراعى احتياجات الثقافة العربية.
- الترجمة العربية فى معظمها من الإنجليزية، تليها الفرنسية على استحياء، ولا وجود تقريباً للغات الأخرى.
 
- وأخيراً، تعتمد حركة الترجمة العربية على المجهود الفردى، دون مشروع عربى متكامل على غرار مشروعات عصر النهضة.
 
• فى تقريرها عن العام الماضى 2017، أكدت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألسكو» أن معدل الأمية فى العالم العربى ما زال مرتفعاً مقارنة بدول العالم النامى، حيث إن %21 من العرب يعانون من الأمية، مقارنة بمعدل عالمى يبلغ %13.6. وجاء فى التقرير أيضاً أن 13.5 مليون طفل عربى تسربوا من التعليم النظامى جراء الحروب والنزاعات المسلحة.
 
• هل نحن بالفعل أمة «ماضوية»، تعيش فى ماضيها، تتغنى به، وتزهو بإنجازات الأجداد؟!. المتابع للثقافة العربية يتأكد من ذلك، ومن ثم نعجز عن اختراق آفاق أبعد بلغتها الثقافات المعبرة عن مجتمعات نهضت بقوة على طريق التنمية المستدامة، ولا أريد أن أذكركم بأمثال شعبية عربية ترسخ هذه الفكرة.. فـ«من فات قديمه تاه». فين أيام زمان. واللى مالوش ماضى مالوش مستقبل.. وغير ذلك كثير.
 
• تعانى الثقافة العربية جراء تناقض شديد بين جيلين، أولهما يتمسك بالماضى، ويرفض استيعاب أدوات وآليات الثقافة الحديثة، وجيل آخر ناشئ أو شاب لا يمت بصله لتاريخه، ويتفرغ تماماً لتناول الثقافة بوسائلها الحديثة، أذكر هنا أن كتاباً كبار لا يعرفون الكتابة على الحاسب الآلى إلى الآن ويتمسكون بالورقة والقلم وهم يكتبون مقالات وأخبار عن «الحداثة»!. مقابل جيل أتقن التعامل مع تكنولوجيا الاتصال والمعلومات ويجهل مفردات لغته العربية، هذا التناقض يخلق فجوة كبيرة داخل كل مجتمع، ويُباعد فرص إنتاج حوار مجتمعى حقيقى.
 
وختاماً، أكدت أننى لا أرفض حديثاً يؤكد أن العالم العربى يعانى أزمات سياسية، ومشكلات اقتصادية، وعقبات اجتماعية، لكننى أُصر على أن المشكلة حضارية بالأساس.
 
وإلى الأسبوع المقبل بإذن الله.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة