أكرم القصاص - علا الشافعي

الانبا ارميا

عن الحياة.. "251.. "فرصة جديدة"

الجمعة، 28 ديسمبر 2018 04:23 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال: أيام معدودات ويبدأ عام جديد. لٰكننى أشعر بأن الأيام صارت متشابهة، ثقيلة، تمتلئ بالحزن والألم والدُّموع أكثر منها بالفرحة والابتهاج؛ وأظننى لا أتذكر كيف تكون مشاعر السعادة!! وأرى أنه شعور كثيرين. نظرت إليه صامتًا لحظات وكأننى أحاول عبور الأزمان والأحداث والمواقف، لأجدنى أقول: ربما تجد ما يمر بالعالم من أحداث متواترة، وما يتعرض له كل إنسان فى حياته من ضغوط وما يحمله من أعباء يجعل المشاعر السلبية تسيطر على حياته فيفقد سعادته. ولٰكن يجب ألا تعيش الحياة بمثل هٰذه المشاعر المدمرة؛ لأنك حينئذ تفقد معنى الحياة والرغبة فى الاستمرار فيها، وهٰذا لن يُفضى إلا إلى الموت! ولست أقصد محاولة التخلص من حياتك، بل أن تعيش الحياة بلا حياة. قال: عفوًا! لا أستطيع فهم معنى "الحياة بلا حياة"!! 
أجبته: بلا شك، ليس كل من يعيش الحياة هو حقًّا يحياها، وأنا أقصد الحياة بمعناها الواسع، لا مجرد التنفس والنبض والحركة؛ فيوجد من يُعدون أحياءً لٰكنهم بلا هدف، ولا أمل، لا يحاولون النمو أو تخطى العوائق والمشكلات فتصبح أيامهم متشابهة وكأنها يوم واحد لا ينتهي. وعلى الجانب الآخر، يوجد من يدركون أن رحلة الحياة ممتلئة بالآمال ومن ثَم يتسابقون لتحقيق أهدافهم، وفى الوقت نفسه لا يهابون رياحها بل يتعلمون كيفية الإبحار فى أمواجها العاتية. أما تعرِف المثل الذى تقول: "إن البحار الهادئة لا تصنع بحّارًا ماهرًا!"؟ إن الرياح والعواصف والأمواج المتلاطمة هى التى تمنحك الخبرة والمهارة وتعلمك بل تنمى قدراتك على الفَهم والتعامل مع مشكلات الحياة؛ إنها نظرتك إلى الأحداث التى تمر بك، وأنت فقط من يقرر أن تكون نظرتك إما إيجابية وإما سلبية. دعنى أقدم لك نموذجين من الواقع: رجلاً وشقيقته أصيب كل منهما فى سن صغيرة بمرض مستعصٍ يحتاج إلى معالجة طويلة ربما تستمر مدى الحياة؛ الشقيق استسلم لمرضه وامتلأت حياته باليأس حتى وصل به الأمر إلى محاولة انتحار فاشلة زادت من هموم الحياة على كاهله، وأما الأخت فلم تستسلم لمرضها بل بدأت فى ممارسة الرياضة وأتقنتها حتى حازت عددًا من الميداليات، وعاشت الحياة على نحو طبيعى جعلها تتخطى أزمتها ولا تُسرق منها أيامها فى حزن واستسلام؛ فعرَفت السعادة بل أمست خير عون للمتعبين والمتألمين.  
يا صديقى، إن العام الجديد هو فرصة جديدة منحك الله إياها، فكم من أناس لم تتَح لهم هٰذه الفرصة مثلك وانتقلوا من العالم! لذٰلك: عليك أولاً أن تشكر الله من أجلها، ثم تستثمرها من أجل رسالة الخير والسلام، ثم تنتبه إلى تلك الأهداف التى وضعتها أنت يومًا ما أمام عينيك كى تحققها؛ فكثير منا مع هموم وانشغالات الحياة يفقد رؤيته وتُسلب منه رسالته فتتخبط خطواته ويبتعد قليلاً قليلاً حتى يَضحَى غريبًا عن نفسه! 
 
كل عام وجميعنا بخير فى عام جديد. 
 
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسىّ
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة