أخذت الدولة المصرية، على عاتقها تحمل دعم للوقود، وخصصت مليارات الجنيهات بشكل سنوى، حتى لا يشعر المواطن بأى زيادات فى أسعار الوقود العالمية، حتى أن الحكومة تحملت العام الماضى 125 مليار جنيه دعما للسع البترولية، وفى العام المالى الجارى تتحمل 89.1 مليار جنيه، بعكس اقتصاديات أخرى منها على سبيل المثال الاقتصاد الفرنسى، والذى لا يقدم دعم يذكر على الوقود.
المقارنة قد تكون ظالمة بين قدرات الاقتصاد الفرنسى والاقتصاد المصرى، من حيث الإمكانيات فى كلا الدولتين، وتصب المقارنة فى صالح فرنسا، من حيث حجم الاقتصاد وتنوعه، ورغم ذلك لا تقدم أى دعم لمواطنيها، وهنا فى مصر تقدم الحكومة دعم للمواطن يصل لقرابة 419 مليار جنيه، ما بين دعم للوقود ورغيف الخبز، ومعاشات التكافل الاجتماعي للأسر الأكثر احتياجا، ودعم الكهرباء.
إذن لماذا المقارنة بين مصر وفرنسا، ولماذا يحاول أعداء الدولة المصرية من الخارجين عن عباءتها بعد ثورة 30 يونيو تصدير ما يحدث فى فرنسا من احتجاجات على غلاء الوقود لمصر؟.
هنا سنجد أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذى تقوم به القاهرة منذ منتصف 2016 يراعى جيدا الأسر الفقيرة وذلك حتى لا تتأثر ببرامج الاصلاح والذى يعيد هيكلة منظومة الدعم لصالح هذه الأسر.
وهنا سنجد أن الأرقام لا تكذب ابدا، فكل أسرة فى مصر تحصل على دعم 260 جنيهًا شهريًا على أنابيب البوتاجاز، ودعم الخبز يوميًا لكل مواطن بمقدار ثلاثة جنيهات، و1000 جنيه متوسط الدعم الشهرى للأسرة المصرية، إضافة إلى دعم على وحدات الإسكان الاجتماعى والذى رفعته الدولة من 25 إلى 40 ألف جنيه وهذا لا يحدث فى أى دولة فى العالم، بحسب عادل ناصر سكرتير عام اتحاد الغرف التجارية.
وقال ناصر، إن الدولة المصرية منذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي وإجراء هيكلة لمنظومة الدعم راعت عدد من الاعتبارات أهمها هى عدم المساس بالسلع الرئيسية، وتوفيرها بأسعار جيدة ومدعومة على بطاقات التموين، مشيرا إلى أن كل أسرة مصرية مستحقة للدعم تتحصل على ما تحتاجه من السلع بشكل شهرى على بطاقات التموين، وهذا لا نراه فى أى دولة فى العالم.
وأكد سكرتير عام الغرف التجارية، أن أسعار السلع مستقرة جدا ومتوفرة فى الأسواق بكميات لم نشهدها من قبل، لافتا إلى أن الدعم المقدم على السلع التموينية والوقود يخفف من أى إجراءات تم اتخاذها، لذلك فكرة المقارنة بين مصر واى دولة أخرى ستكون ظالمة، لأن برامج الدعم المقدمة فى مصر تراعى جميع الأسر بما فيها الطبقات التى لا تحتاج لدعم.
محمد دشناوى، المحلل المالى، يرى أن وصول الدعم لمستحقيه يعتبر أمرا صعبا، لذلك تلجأ الدولة لضبطه بشكل سنوى من خلال برامجها المعلنة، مؤكدا أن ما تقوم به مصر حاليا لم تستطيع أى حكومة سابق خوض شوط ولو صغير فيه، لأننا نجمع بين خطوات وإجراءات الإصلاح الاقتصادى وتقديم دعم كبير سواء على المواد البترولية أو رغيف الخبز أو المعاشات وغيرها
وأضاف دشناوى، فى تصريح لـ"اليوم السابع"، أن الدولة نجحت فى تكوين شبكات رعاية اجتماعية جيدة، رغم أن ذلك يحتاج لموارد كبيرة، وهو ما تقوم به الدولة حاليا من رفع كفاءة التحصيل الضريبى والقضاء على التهرب.
ومن جانبه يرى محمد البهى رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات، أن مصر تقدم برامج دعم مالى كبير على السلع الأمر الذى خلق نمط خاطىء استهلاكى لدى المواطنين، خاصة أن بعض السلع التى يتم وضع دعم عليها لا يحتاجها المواطنين مستحقى الدعم، كما أنه يوجد موروث لفكرة "بطاقات التموين"، التى يحصل عليها البعض دون احتياج حقيقة لها، بما يعنى أنها تصل لغير مستحقيها فى العديد من الحالات، ورغم ذلك فإن الدعم مستمر.
وبالعودة مرة أخرى لأسعار الوقود فى مصر وفرنسا كمثال سنجد أن سعر لتر البنزين فى مصر أقل كثيرًا من فرنسا، إذ يبلغ فى الدولة الفرنسية ما يعادل 1.63 دولار، بينما يبلغ فى مصر ما يعادل 0.43 دولار.
ويرى الخبير البترولى جمال القليوبي أن أسعار البنزين في مصر أقل من نظيرتها فى أغلب دول العالم، فلا وجه مقارنة لأن فاتورة الدعم سجلت 89 مليار جنيه وهو رقم ضخم جدا، مضيفا: "هناك نقطة أخرى غاية الأهمية هى أن الحكومة تتحمل فروق التسعير، حيث تتحمل الموازنة العامة للدولة أى ارتفاع فى أسعار النفط سنويا".
وتابع أستاذ هندسة الطاقة، أن كل ما يزيد عن الـ 67 دولار للبرميل المحددة فى الموازنة كان تحدى الدولة فى موازنة العام الحالى ، لافتا إلى أن ارتفاع النفط فى الربع الأول من العام ليصل لـ 80 دولار ليصل 84 دولار للبرميل، وهنا كل دولار زيادة فى سعر البرميل عن الـ 67 دولار سيكلف الدولة 3.5 مليار جنيه كعجز لكن فى الخارج سواء فرنسا أو دول أخرى فإن المواطن من يتحمل فروق الأسعار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة