أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 18 ديسمبر 1964.. جيفارا يبدأ زيارة للجزائر.. وبن بيلا يمنحه فيلا مقراً للحركات الثورية فى أمريكا اللاتينية

الثلاثاء، 18 ديسمبر 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 18 ديسمبر 1964.. جيفارا يبدأ زيارة للجزائر.. وبن بيلا يمنحه فيلا مقراً للحركات الثورية فى أمريكا اللاتينية جيفارا وبن بيلا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى أحد أيام مايو 1972انكسر صمت ثقيل يخيم على زنزانة الزعيم الجزائرى أحمد بن بيلا، المسجون فيها منذ انقلاب هوارى بومدين عليه يوم 19 يونيو 1965.. كان يحرسها مئات الجنود، فالمسجون هو أول رئيس للجزائر بعد استقلالها عام 1962، وقائد ثورتها المسلحة ضد الاستعمار الفرنسى منذ 1954.
 
يتذكر بن بيلا:«حدثت جلبة كبرى فى السجن.. كان الرئيس الكوبى فيدل كاسترو على بعد مئات المترات من الزنزانة».. يضيف فى مقاله«هكذا عرفت تشى»المنشور فى«المجلة الثقافية الجزائرية- 28 أبريل 2012»، ترجمة«سعيد بوخليط»:«كان كاسترو يزور مزرعة نموذجية قريبة جدًا.بالتأكيد لايعلم بوجودى بين جدران هذا المنزل الموريسكى المنعزل فوق هضبة.. فى تلك اللحظة، سيل من الذكريات قفزت إلى السطح.. مجموعة وجوه، شريط سينمائى بأكمله دحرجة الزمان تتابع داخل رأسى، ثم توهجت صورة تشى جيفارا فى مخيلتى مقارنة مع أى وقت سابق منذ أن افترقنا».
 
فى وهج الصورة، قفزت إلى مخيلة بين بيلا لقاءاته مع«جيفارا»المناضل الأرجنيتينى العالمى.. كانت نورًا مشعًا فى حياة السجين الذى كان رئيسًا، ووفقًا لكتاب«كوبا الحلم الغامض»، تأليف«عبد الحسين شعلان»، فإن جيفارا زار الجزائر للمرة الأولى بمناسبة الذكرى الأولى للاستقلال فى يوليو 1963، ومكث فيها نحو 3 أسابيع، اندمج خلالها مع الجو الجزائرى طبيعيًا وسياسيًا، حيث المناخ الحار و«الناشف»الذى يذكره بطبيعة أرض الأرجنتين التى ترعرع فيها، كما أبدى إعجابة بقدرة الشعب الجزائرى وبطولته فى طرد المستعمرين الفرنسيين».
 
يؤكد بن بيلا:«تعرفت على جيفارا إبان الأزمة الدولية خريف 1962، نتيجة قضية الصواريخ وكذا حصار كوبا الذى أعلنت عنه أمريكا.. اقتضى الأمر أن أتوجه إلى نيويورك فى سبتمبر 1962 لأحضر دورة الأمم المتحدة، وأرفع العلم الجزائرى فوق هذه المؤسسة».. من نيويورك سافر بين بيلا إلى كوبا يوم 16 أكتوبر 1962 رافضًا تحذير الرئيس الأمريكى كنيدى له فى لقائهما يوم 15 أكتوبر.. يتذكر بن بيلا:«وصلنا كوبا يوم 16 أكتوبر، استقبلنا بابتهاج شعبى فائق الوصف، وبناء على البرنامج، يفترض أن تجرى المباحثات السياسية داخل مقر الحزب فى هافانا، لكن الأمور جرت بطريقة مختلفة كليًا، فما إن وضعنا حقائبنا فى المكان المخصص لإقامتنا حتى كسرنا البروتوكول، وانساب حوار مفتوح بين فيدل، جيفارا، راؤول كاسترو، والمسؤولين الذين كانوا برفقتى.. دام اللقاء ساعات وساعات».
 
 تعمقت العلاقة بزيارات جيفارا للجزائر، وشهدت زيارته الثانية التى بدأت يوم 18 ديسمبر- مثل هذا اليوم -1964واستمرت ثلاثة أشهر حدثا مهما.. يذكره شعلان:«اقترح جيفارا على بن بيلا أن تصبح الجزائر محطة لتزويد الحركات الثورية الأمريكية اللاتينية بالأسلحة، دفعًا لعيون واشنطن التى هى قريبة من كوبا، وكان رد بن بيلا الموافقة الفورية والإيجابية، بل والأكثر من ذلك تحضير التجهيزات اللازمة لذلك، وحدد مركز القيادة فيلا كبيرة فى مرتفعات العاصمة تدعى فيلا«سوزينى».. يؤكد بن بيلا، أن هذه الفيلا كانت مخصصة للتعذيب ومركزًاللفرنسيين أيام الاحتلال، ومات داخلها مجموعة من المناضلين والمناضلات، وإذ بها تتحول إلى مركز يستضيف الحركات الثورية لأمريكا اللاتينية تحت الإشراف المباشر لجيفارا، وأنشئت عدة شركات للاستيراد والتصدير بهدف التمويه».
 
يكشف عن سبب ذهاب جيفارا لأفريقيا للتغيير بالثورة المسلحة:«كان يعتبر أن الحلقة الأضعف للإمبريالية توجد فى قارتنا، بالتالى ينبغى عليه تكريس كامل قواه قصد مواجهتها.. حاولت أن أشرح له، بأنها«الثورة المسلحة»ليست أفضل طريقة من أجل المساعدة على النضج الثورى الذى يزاداد داخل قارتنا، مع ذلك تمسك بأن يكون انخراطه مطلقًا وجسديًا، هكذا ذهب إلى أنغولا والكونغو برزافيل عدة مرات».. يؤكد بن بيلا:«رفض الطائرة الخاصة التى أردت وضعها رهن إشارته بغية ضمان سرية تحركاته.. كنت أجتمع معه بعد كل رحلة، نقضى فترات طويلة نتبادل الأفكار، وكل مرة يعود مندهشًا للغنى الثقافى الذى تتصف به القارة».
 
يصفه:«كان شجاعًا، شهمًا، واعيًا، بجسد أنهكه مرض الربو، حينما صحبته بين الفينة والأخرى على مرتفعات«الشريعة»المطلة على مدينة «البليدة» لاحظت أن حالته تتفاقم، فيكتسى وجهه لونا شاحبا.. من قرأ عمله «يوميات بوليفيا» سيدرك إلى أى حد كانت صحته منحطة، لكنه واجه ذلك باختيارات جسدية ومعنوية مهولة اعترضت سبيله».. يتذكر بن بيلا:«تاريخ 9 أكتوبر 1967 نقش فى ذاكرتى بحروف من نار، يوم قاتم كليًا، داخل مجرى حياتى كمعتقل معزول، حين أعلنت مختلف محطات الإذاعة خبر وفاة أخى، وبأن الأعداء الذين حاربناهم معًا، أخذوا ينشدون زهوًا بما ظفروه.. أنا وزوجتى استمر تعلقنا بـ«تشى».. صورة كبيرة له زينت جدران سجننا، ونظرته ظلت شاهدًا على حياتنا اليومية، أفراحنا وأحزاننا، صورة ثابتة صغيرة اقتطعتها من مجلة وألصقتها على ورق مقوى، ثم وضعت لها غلافًا بلاستيكيًا، رافقتنا دائمًا فى أسفارنا لأنها أعز مالدينا.. صورته وهو ممدد، صدره عاريًا، جسده يشع نورًا، كثيرًا من النور والأمل».
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة