قبل أكثر من ثلاث سنوات تسبب تدفق اللاجئين من الشرق الأوسط وأفريقيا إلى أوروبا فى واحدة من أكبر الأزمات التى شهدتها القارة العجوز فى العقود الأخيرة، فى ظل ما أثارته من انقسام بين قادتها حول كيفية التعامل مع الأعداد الغفيرة الفارة من جحيم الصراعات والحروب وتسعى لحياة جديدة فى بلادهم.
والآن، تعود الأزمة من جديد لتلقى بظلالها بشكل أكبر على الأوضاع الداخلية فى العديد من دول القارة، ليتحول "المهاجرون" إلى سبب لاحتجاجات نادرة فى قلب وحدة أوروبا، بلجيكا مقر الاتحاد الأوروبى.
حيث شارك الآلاف من المتظاهرين فى العاصمة البلجيكية بروكسل أمس، الأحد، فى احتجاجات ضد اتفاق الهجرة الخاص بالأمم المتحدةن والذى تم توقيعه فى مراكش خلال الأيام الماضية. ودعا إلى المسيرة الاحتجاجية احزاب الفلامنك اليمينية، وتجمعوا قرب مؤسسات الاتحاد الأوروبى الكبرى للتعبير عن غضبهم من الاتفاق الذى يخشون أن يؤدى إلى زيادة الهجرة.
وفى المقابل، نظمت الجماعات اليسارية والمنظمات الخيرية فى المدينة مسيرة مضادة شارك فيها قرابة ألف شخص وتدخلت قوات الشرطة لتفريق المحتجين بعد حدوث صدامات واستخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.
وكان أكبر حزب فى الائتلاف الحاكم فى بلجيكا، وهو حزب N-VA اليمينى، قد ترك الحكومة أمس احتجاجا على قرار رئيس الوزراء تشارلز ميشيل التوقيع على الاتفاق.
وكان 196 عضو فى الأمم المتحدة قد وافقوا فى يوليو الماضى على الميثاق العالمى من أجل الهجرة الآمنة والنظامية والمنظمة، ووقع عليه 194 دولة فى مراكش الأسبوع الماضى، بينما رفضت الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية منها النمسا والمجر وإيطاليا وبولندا وسلوفاكيا، الموافقة رسميا على الاتفاق.
ويسعى هذا الاتفاق، غير الملزم قانونا، إلى نهج دولى إزاء الهجرة يؤكد على الحقوق السيادية للدول لتحديد سياستها الوطنية الخاصة بالهجرة ويؤكد أيضا على الأهمية الأساسية للهجرة القانونية. لكن المنتقدين فى أوروبا يعتقدون أنه سيؤدى إلى زيادة معدلات الهجرة إلى القارة.
وكانت عدد من الدول الأوربية قد شنت حملة على الهجرة فى السنوات الأخيرة أبرزها المجر التى جرمت قانونا مساعدة طالبى اللجوء إليها.
وفى إيطاليا، تبنت الحكومة اليمنية الشعبوية سياسة صارمة إزاء المهاجرين، ورفضت السماح لمئات منهم بالوصول إلى أراضيها وقالت أن الموانئ مغلقة.. ويقف وراء هذه السياسة وزير الداخلية الإيطالى ماتيو سالفينى، الذى قال بعد توليه منصبه فى يونيو الماضى أن طرد نصف مليون مهاجر يقيمون فى إيطاليا سيكون أولى أولوياته.
تأتى هذه التطورات بعدما شهدت الولايات المتحدة على مدار الشهر الماضى انقساما حادا بسبب سياسة إدارة ترامب فى التعامل مع قوافل المهاجرين القادمين من أمريكا اللاتينية. وأصبحت قضية المهاجرين على الحدود المكسيكية من بين أبرز القضايا الحامية فى أمريكا، حيث يتبنى ترامب سياسة متشددة ترفض السماح للمهاجرين غير الشرعيين بالدخول عبر الحدود الجنوبية، ووضع خطة لمنع دخول طالبى اللجوء إلى الأراضى الأمريكية حتى يبت القضاء فى الطلبات المقدمة منهم، فيما تم نشر قوات أمريكية على المعابر الحدودية اشتبكت خلال الأسابيع الماضية مع المهاجرين الذين كانوا يحلمون بالوصول إلى أمريكا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة