مصر تقود أسود أفريقيا.. الفرصة حانت لتوحد القارة السمراء.. خبراء: يمكن لمصر العمل على تحويل أجندة أفريقيا 2063 لخارطة للنهضة بالقارة من خلال التغيير فى التوجهات .. ومواجهة المخاطر الأبرز أمام الدول الأفريقية

الإثنين، 10 ديسمبر 2018 10:30 ص
مصر تقود أسود أفريقيا.. الفرصة حانت لتوحد القارة السمراء.. خبراء: يمكن لمصر العمل على تحويل أجندة أفريقيا 2063 لخارطة للنهضة بالقارة من خلال التغيير فى التوجهات .. ومواجهة المخاطر الأبرز أمام الدول الأفريقية  الرئيس السيسى فى منتدى أفريقيا 2018
كتب - مصطفى عبد التواب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 
 
«أفريقيا مستقبل الاقتصاد العالمى وريادة الأعمال، لأنها تمتلك كل العناصر التى تمكنها من تحقيق طفرة اقتصادية»، بهذه العبارات خاطب الرئيس عبد الفتاح السيسى الشباب الأفريقى الحاضر فى مؤتمر أفريقيا 2018، مذكرا بتجارب دولية أخرى استطاعت أن تصبح رقمًا مهمًا فى الاقتصاد العالمى، بعدما كان حالها حال أغلب دول القارة السمراء، وفى مقدمة هذه التجارب ما شهده العالم فى الفترة ما بين ستينيات وتسعينيات القرن الماضى، والتى أخرجت ما عرف بالنمور الآسيوية، بعدما استطاعت هذه الدول الاستقاده من مواردها لتصبح فى مقدمة الاقتصاد العالمى. 
 
 
ما يجمع القارة الأفريقية من روح داعمة للعمل المشترك فى الوقت الراهن، يقابله تفاؤل عالمى بمستقبل القارة، إذا ما أخذت فى اعتبارها عددا من المحددات بحسب ما لخصه أبيبى سيلاسى، مدير إدارة أفريقيا بصندوق النقد الدولى، قائلًا: إن نمو الناتج المحلى الإجمالى لأفريقيا يرتفع، لكن يجب على القارة السمراء أن تفعل المزيد لتعزيز تعافيه، وأن تستعد لاضطرابات رئيسية فى الاقتصاد العالمى، مشيرًا إلى أن 22 دولة أفريقية ينمو اقتصادها بما يقرب من 6٪ سنويًا، بينما يصل النمو فى دول أخرى ما بين 3 و4 أو 5٪.
 
 
تشير توقعات الأمم المتحدة إلى أن إجمالى عدد الشباب فى القارة السمراء، سوف يصل إلى 60٪ من إجمالى السكان بحلول عام 2050، وبحسب الأمم المتحدة فإن هؤلاء الشباب يحتاجون إلى التعليم وفرص العمل والسكن والرعاية الصحية، لتجنب أى ضغوط على الحكومات الأفريقية قد تهدد الاستقرار فى القارة السمراء، وهو ما يتطلب عملا جادا من الدول الأفريقية للاستمرار فى النهوض ببلادهم، وهو ما أكدت عليه مصر فى أكثر من مناسبة، بينها «منتدى أفريقيا 2018» الذى تحتضنه مدينة شرم الشيخ حاليا، فضلا عن الكثير من المحافل التى جمعت مصر بالقارة الأم، وتمثلت رسالة مصر فيها دائمًا، فى عبارات الرئيس السيسى بـ«أننا فى مرحلة من التحديات أمام القارة السمراء، وهذه التحديات تحتاج إلى التكامل الإقليمى ومد يد العون بين الدول الأفريقية».
 
 
 
 
تجربة مثل «النمور الآسيوية»، تدفع إلى التساؤل: هل تشهد القارة السمراء تجربة لنهوض اقتصاديات تعبر عن زئير أسود القارة الأفريقية؟ وإجابة هذا السؤال تتطلب فى الأساس البحث عما تريده القارة ممثلة فى أكبر تجمع يمثلها والذى أصدر وثيقة «أفريقيا 2063.. أفريقيا التى نريد»، وجاءت فى سياق الاحتفال بمرور 50 عاما على إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية خلال قمة الاتحاد الأفريقى فى مايو 2013.
 

ماذا تريد أفريقيا؟

ما تريده القارة تمثل فى 18 هدفا، فى مقدمتها، أن تكون أفريقيا مزدهرة من خلال النمو الشامل والتنمية المستدامة، والقضاء على الفقر وتحقيق رخاء وازدهار مشترك عن طريق التحول الاجتماعى والاقتصادى للقارة، وكذلك الوصول إلى قارة متكاملة ومتحدة سياسيًا تستند على المثل العليا لعموم أفريقيا، وعلى رؤية نهضة أفريقية منذ عام 1963، حيث استلهمت القارة فكرة الوحدة مرتكزة على مبادئ الحرية والاستقلال السياسى والاجتماعى وحق الشعوب فى تقرير مصيرها.
 
وتمثل الهدف الثالث فى الوصول إلى ثقافة الحكم الرشيد والقيم الديمقراطية، لإنهاء النزاعات من القارة السمراء بحلول عام 2020، وهو ما يخدمه الطموح الرابع للوثيقة من خلال توظيف آليات السلم وحل الصراعات على كل المستويات، وغرس ثقافة السلام والتسامح لدى الأطفال الأفارقة، لما تهدره هذه الصراعات من موارد الدول الأعضاء.
 
 
ما سبق لم يكن فى معزل عن الحفاظ على الهوية الثقافية وميراث القيم واحترام التنوع الدينى للشعوب الأفريقية، ودعم مشاركة كل الشعوب الأفريقية فى صناعة القرار، للوصول إلى أفريقيا قوية ومتحدة، ولاعبا مؤثرا ومهما فى الشؤون العالمية من خلال اقتصاد قوى وتوفير مصادر لتمويل الخطط الطموحة للدول الأفريقية. 
 
وحددت الأجندة خطة استراتيجية لإصلاح منظومة التمويل بناء على خبرات 50 عاما من العمل المشترك، تضمنت هذه الخطة، عدم الاعتماد على المنح الخارجية كمصدر وحيد للتمويل، والترحيب فقط بالمنح التى تدفع تجاه مصلحة القارة وليس مصلحة المانح، علاوة على التوقف عن التقدير المنخفض لإمكانيات القارة لما يمكن أن تقوم به لنفسها، والتوقف عن استجداء المانحين والمؤسسات الدولية، مقابل تشجيع المواطنين الأفارقة للمساهمة فى التنمية من خلال الاستثمار فى بلادهم، إلى جانب تصميم منتجات مالية للأسواق المحلية والأسواق المجاورة فى القارة السمراء من أجل جذب الاستثمارات بأنواعها المختلفة. 
 
وطالبت الخطة الدول الأعضاء بتحسين كفاءة وفاعلية نظم إدارة الإيرادات لضمان تعظيم الاستفادة من الإيرادات المحلية، وكذلك وضع نهاية لهروب رأس المال من القارة السمراء بطرق غير شرعية، حيث أظهرت دراسة مالية عالمية أن الأموال المهربة للخارج من القارة بلغت 854 مليار دولار خلال الفترة من 1970 إلى 2008، وتوقعت الدراسة أن هذه الأموال من المرجح أن تصل إلى 2 تريليون دولار، لذلك كان الأمر محل دراسة للاتحاد الأفريقى. 
 
وشددت الخطة على ضرورة تنويع مصادر وموارد القارة السمراء لتمويل خططها، حيث لا تعتمد على المؤسسات التقلدية فقط بل تمتد إلى التعاون مع الاقتصاديات الناشئة والشراكة بين القطاعين الخاص والعام فى القارة وتشجيع المستثمرين الأفارقة على زيادة استثماراتهم فى القارة. 
 

مصر والقارة 

هل ما تصرح به مصر مجرد أحاديث اعتادها الرأى العام الأفريقى منذ ستينيات القرن الماضى؟.. فى الحقيقة أن القاهرة حريصة دائما على مد يد العون إلى الأشقاء الأفارقة، ولعل هناك شاهدين على هذا الأمر، تمثل الأول فى إعلان الرئيس السيسى اعتبار أسوان عاصمة لشباب أفريقيا، والثانى إعلان الرئيس عن جائزة «أفريقيا لإبداع الألعاب والتطبيقات الرقمية»، علاوة على إعلانه عن منح تدريبية للشباب الأفريقى فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بإطلاق البرنامج الرئاسى لتدريب الشباب الأفريقى على القيادة».
 
 
لا يقتصر الأمر على الرئيس فحسب، بل هناك علامة ثانية تؤكد أن هذه الروح هى توجه حكومى، فبعدما فازت القاهرة بالمركز الأول والدرع الذهبية فى مسابقة الابتكار الإدارى التى نظمتها المنظمة الأفريقية للإدارة العامة، وذلك عن مشروع ميكنة المواليد والوفيات وربطها بالساعة السكانية، لما لهذا المشروع من أثر على الخطط الحكومية، حيث يمكنهم من معرفة تمركز المواطنين وأسباب الوفاة، ويمهد لميكنة جميع الخدمات الحكومية، فبعد فوز هذا المشروع بالجائزة، تقدمت دول من أبناء القارة السمراء، بطلب للحكومة المصرية لنقل التجربة إليهم، تمثلت هذه الدول فى جنوب أفريقيا وزامبيا وبتسوانا وبنين ورواندا وغانا والمغرب وجنوب وشمال السودان، وهو الأمر الذى قالت عنه المهندسة غادة لبيب، نائبة وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى: «نحن على استعداد لمساعدة جميع الدول الأفريقية، بما لدينا من خبرات، وليس هذا المشروع فقط، تنفيذا لتوجيهات الرئيس السيسى بالاهتمام بالشراكات الأفريقية.
 

تحديات أمام السيسى 

يتولى الرئيس السيسى، بداية من الشهر المقبل، رئاسة الاتحاد الأفريقى بعد انتخابه من قبل الأعضاء خلال يناير الماضى، ويقود الرئيس عمله بما سبق وأعلنه من حرصه دائما على العمل والتنسيق مع باقى الدول الأفريقية لتبادل الرؤى والخبرات والتجارب الناجحة لتحقيق التنمية المستدامة سواء فى إطار الخطط والأهداف التنموية الأممية والوطنية أو فى إطار أجندة أفريقيا 2063، فيما يرى خبراء أنه يمكن لمصر من خلال رئاستها للاتحاد العمل على تحويل أجندة أفريقيا 2063 لخارطة للنهضة الأفريقية من خلال التغيير فى التوجهات ومواجهة المخاطر الأبرز التى تواجه الدول الأفريقية، والتأكيد على ضرورة تضمين الدول الأفريقية لأجندة 2063 ضمن خططهم الوطنية والعمل على دعم تقدمه.
 
وبحسب عدد من الدراسات فإن هناك تحديات يجب التغلب عليها بشكل جماعى، فى مقدمتها الصراعات وعدم الاستقرار وغياب الأمن عن بعض بلدان القارة، مما أهدر العديد من الموارد مثل الأراضى والمعادن والمياه والأخشاب، نتيجة هذه الصراعات والإدارات الاقتصادية الفقيرة والكوارث الطبيعية والصناعية.
 
كما تشهد القارة تحديًا آخر هو انتشار نسب البطالة والفقر وغياب التوزيع العادل للثروة، وهو ما يؤدى إلى غياب التقدم الاقتصادى والاجتماعى، وظهور الجريمة المنظمة من تجارة مخدرات وتدفقات مالية غير مشروعة وانتشار القرصنة البحرية المرتبطة بهشاشة بعض الدول، علاوة على أن كل ما سبق نتج عنه انشقاقات داخل المجتمعات الواحدة بالقارة السمراء نتيجة العصبيات الدينية والعرقية، وهو ما يتطلب فتح حوار حوله ودعم التخلص منه، لتتمكن الدول من الاستفادة من طاقتها الكبرى والمتمثلة فى وصول شبابها إلى ثلاثة أرباع سكان القارة. 
 
مواجهة انتشار الأمراض فى بعض بلدان القارة، شرط من شروط التقدم أيضًا، حيث يعانى الكثير من دول القارة السمراء من انتشار الأمراض نتيجة موقعها الجغرافى والاستوائى والفقر وسوء التغذية، بالإضافة إلى ما سبق، هناك حاجة فى أن تستعد القارة السمراء لمواجهة التأثير السلبى للتغير المناخى، باعتبارها من أكثر قارات العالم تأثرًا بالتغيرات المناخية.
 
هناك أيضا انهيار أسعار المواد الخام الطبيعية عالميًا، وهو خطر آخر يهدد القارة السمراء، حيث يلجأ الكثير من الدول إلى تصدير مواده الخام بحسب تقارير دولية، دون إضافة أى قيمة عليها، لكن هذه المواد الخام تحتاج إلى العمل على إضافة قيمة لها من خلال دخولها للمصانع فى القارة وخروجها منها فى صورة منتجات بدلًا من تصديرها، وهو ما من شأنه توفير فرص العمل لشباب القارة، ونمو اقتصاديات الدول، وتوفر التمويلات اللازمة للمزيد من المشروعات. 
 
التغيير ليس بالأمر المستحيل فى الدول الأفريقية، فهناك تجارب فى القارة السمراء كانت أصوات الرصاص والحروب الأهلية لا تتوقف بها، واليوم تمكنت من التغلب على ذلك، ورسم صورة أخرى لبلادهم، وفى مقدمة هذه البلدان تأتى رواندا التى شهدت حروبًا أهلية بين قبائلها نتج عنها 800 ألف قتيل، لكن هذا الأمر انتهى الآن، واستطاعت تبنى سياسات رشيدة مكنتها من بلوغ اقتصادها لأن يكون من أسرع الاقتصادات نموًا فى أفريقيا، حيث بلغ نمو الناتج المحلى الإجمالى 8٪ سنويًّا بين عامى 2001 و2014، وهو ما ساهم فى تخفيض الفقر والبطالة.
 
 هناك أيضا تجربة كوت ديفوار والتى تحقق نموًا اقتصاديًا قويا بعد تبنى الحكومة خطة انطلقت فى عام 2016 وتستمر حتى عام 2020، وبلغ نموها الاقتصادى فى عام 2015 قبل هذه الخطة 8.4٪ مما شجعهم على مزيد من الإصلاحات، ومن المتوقع أن تصبح دولة ناشئة قوية بنهاية الخطة، وكذلك موريشيوس التى استغلت موقعها الجغرافى من المحيط الهندى، لتضاعف عدد السائحين لديها، حيث وصل عدد السائحين لديها خلال 2015 إلى مليون سائح، وعقدت اتفاقات مع الدول الكبرى للنقل الجوى الأكثر انفتاحًا، مما يجعل أعداد السائحين إليها فى تضاعف، ولا يمكن إغفال كينيا كدولة استطاعت أن تصل بنموها الاقتصادى إلى 6.1٪، لتصبح مرساة للاقتصادات فى شرق أفريقيا.
 
كل ما سبق من دول لديها تجارب ناجحة، إلى جانب تجارب دول أخرى مثل جنوب أفريقيا التى لديها اقتصاد قوى، علاوة على ما لدى مصر من استقرار وزيادة فى النمو الاقتصادى بدأت فى حصاده مؤخرًا، إلى جانب قدرات لدى دول القارة التى لم تحقق هذا النمو بعد، يمكن أن يكون قوة اقتصادية ثابتة الأصل عالية النفوذ، تحقق ما طمح له الاتحاد الأفريقى، لكن وحده الحلم والإيمان به هو ما يتبقى حتى تعبر القارة السمراء إلى حيث تستحق بما لديها من خير وقدرات تفوق ما هو واقع من نتائج فى الوقت الراهن، وهو الأمر الذى يستدعى مبادرات مصر المستمرة للتأكيد على ضرورة وجود هذا الحلم والمضى فى تحويله لواقع، خصوصًا أن ما سبق من تجارب تمكنت فيها من النجاح دليل قوى على قدرة القارة.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة