كيف تحولت الصين من درع إيران لمواجهة الإدارة الأمريكية إلى سيف فى جعبة ترامب؟.. الرئيس الأمريكى نجح فى استخدام ورقة التجارة للضغط على بكين كما فعل مع أوروبا.. والدولة الفارسية "كبش فداء" للوصول إلى اتفاق تجارى

الجمعة، 09 نوفمبر 2018 06:30 ص
كيف تحولت الصين من درع إيران لمواجهة الإدارة الأمريكية إلى سيف فى جعبة ترامب؟.. الرئيس الأمريكى نجح فى استخدام ورقة التجارة للضغط على بكين كما فعل مع أوروبا.. والدولة الفارسية "كبش فداء" للوصول إلى اتفاق تجارى
كتب - بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى لهجة غير مسبوقة، بدت واثقة إلى حد كبير، أكد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن واشنطن وبكين فى طريقهما إلى التوصل إلى اتفاق، وصفه بـ"العادل" فيما يتعلق بخلافاتهما التجارية، فى القريب العاجل، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول ما إذا كان التصريح الذى أدلى به الرئيس الأمريكى مجرد دعاية انتخابية، قبل ساعات قليلة من انطلاق انتخابات التجديد النصفى، والمقررة يوم الثلاثاء، أم أنها تنم عن تطور حقيقى فى المفاوضات الأمريكية الصينية حول الخلافات المتعلقة بالتجارة، والتى كانت تشير إلى نحو الانطلاق بقوة إلى طريق الحرب التجارية التى ربما تأكل الأخضر واليابس.

إلا أن التجارة ربما ليست القضية الوحيدة المطروحة على مائدة المفاوضات الأمريكية الصينية فى الوقت الراهن، حيث يرتبط انفراجها إلى حد كبير بالمواقف تجاه القضايا الدولية الأخرى، وفى القلب منها المسألة الإيرانية، حيث يمثل تضييق الخناق على طهران، بمثابة الأولوية القصوى فى عقل الإدارة الحاكمة بالولايات المتحدة، تزامنا مع دخول الحزمة الثانية للعقوبات الأمريكية على طهران حيز النفاذ فى 5 نوفمبر الجارى، وذلك لإجبار نظام الملالى نحو الخضوع لرغبات ترامب، والتى تقوم فى الأساس على احتواء التهديد الإيرانى، ليس فقط على فيما يتعلق بالقضية النووية، وإنما أيضا ما يرتبط بالدور المشبوه الذى تلعبه طهران فى منطقة الشرق الأوسط، والذى يمثل تهديدا صريحا لمصالح أمريكا وحلفائها.

من درع إيران إلى سيف ترامب.. تحول الموقف الصينى

ولعل الشره الصينى الدائم على النفط الإيرانى، على اعتبار أن بكين تمثل أكبر مستورد للنفط القادم من طهران، يمثل أحد الأوراق المعدودة التى يراهن عليها الملالى فى حربه الكلامية ضد إدارة ترامب، خاصة وأن التعاون الصينى الإيرانى فى مجابهة الولايات المتحدة ليس بالأمر الجديد، حيث كانت الحكومة الصينية أحد أكبر الداعمين لطهران فى حقبة الحصار الذى قادته واشنطن على نظام الملالى خلال عهد الرئيس الأسبق جورج بوش، قبل أن تتخذ إدارة الرئيس السابق باراك أوباما منحى مخالف عبر الاتفاق الذى قام برعايته بين إيران والقوى الدولية، والذى تم التوقيع عليه فى يوليو 2015، وهو الاتفاق الذى قرر الرئيس ترامب الانسحاب منه بعد ذلك فى شهر مايو الماضى.

ترامب ونظيره الصينى
ترامب ونظيره الصينى

ولكن الموقف الصينى تجاه إيران ربما شهد مؤخرا تغييرا جذريا، خاصة بعدما أعلنت شركة الصين الوطنية للبترول وشركة سينوبك الرائدة في اقتصاد جمهورية الصين الشعبية، والتي تعمل في قطاع النفط والأعمال المصرفية والعديد من "المجالات" الأخرى، عن تجميد الواردات النفطية من إيران وجميع عملياتها هناك لفترة غير محددة، وهو ما يمثل استجابة صينية ضمنية للموقف الأمريكى المتشدد من طهران، وذلك بالرغم من الموقف المعلن لبكين، والقائم على رفض العقوبات الأمريكية على طهران، لتتحول بكين من الدرع الأكبر لحماية الدولة الفارسية من البطش الأمريكى إلى سيف بتار فى جعبة ترامب فى إطار الحرب الدبلوماسية الحالية التى تهدف إلى إخضاع نظام الملالى.

دبلوماسية ترامب.. الصين على درب أوروبا

الموقف الصينى تجاه طهران، والذى يقدم دعما غير مباشر لجهود ترامب من أجل تضييق الخناق على بكين، يمثل تكرارا للموقف الأوروبى، والذى طالما راهن عليه المسئولون الإيرانيون منذ بداية أزمتهم مع الإدارة الحالية، فعلى الرغم من أن أوروبا تبنت موقفا مناهضا للقرار الأمريكى الأحادى الجانب بالانسحاب من الاتفاق النووى الإيرانى فى مايو الماضى، ورفضهم كذلك للعقوبات الأمريكية، إلا أن زعماء القارة فى النهاية لم يحركوا ساكنا تجاه شركاتهم التى قررت الانسحاب من السوق الإيرانية، وهو ما يمثل دعما ضمنيا للقرار الأمريكى، بعيدا عن لغة التصريحات التى دأبوا على استخدامها لانتقاد القرارات الأمريكية التى استهدفت طهران فى الأشهر الماضية دون جدوى.

أوروبا باعت إيران أولا واكتفت بالتصريحات لانتقاد الموقف الأمريكى
أوروبا باعت إيران أولا واكتفت بالتصريحات لانتقاد الموقف الأمريكى

وتعد حالة التخلى التى تعانيها طهران من قبل حلفائها أو داعميها فى المرحلة الراهنة انعكاسا صريحا لنجاح الدبلوماسية التى تبناها ترامب لحرمان الدولة الفارسية من أى محاولة من شأنها تقديم الدعم لها أو التخفيف من حدة العقوبات المفروضة عليها من قبل واشنطن، وهو ما بدا واضحا فى التهديد الصريح الذى أطلقه قبل حوالى 3 أشهر، عبر حسابه على موقع "تويتر"، والذى أكد خلاله أن الدول التى سوف تقوم بأعمال فى إيران لا يمكنها القيام بالشئ نفسه مع الولايات المتحدة، وهو التهديد الذى استهدف به حلفاء طهران، سواء من خصوم بلاده التاريخيين على رأسهم الصين وروسيا، أو حتى حلفاءه المتمسكين بالاتفاقية النووية، من دول أوروبا.

اتفاق فى الأفق.. بكين تضحى بطهران من أجل مزايا تجارية

وهنا تصبح الحاجة إلى عدم استعداء الجانب الأمريكى أولوية ملحة سواء لدى الحكومة الصينية من جانب أو حتى لدى الأوروبيين من جانب آخر، وذلك فى ظل الموقف المشابه الذى اتخذته إدارة ترامب تجاه كل منهما فى الأشهر الماضية، فى إطار الإجراءات التى من شأنها زيادة التعريفات الجمركية، وإلغاء المزايا الأمريكية التى منحتها الولايات المتحدة لشركائها التجاريين لسنوات طويلة، وبالتالى فإن التصعيد تجاه إدارة ترامب سوف يؤدى فى النهاية إلى مزيد من الإجراءات ومزيد من الخسائر.

وبالتالى فإن خروج الشركات الصينية من السوق الإيرانية، ربما يحمل فى طياته اتفاقات مبدئية دارت خلف الكواليس بين مسئولى البلدين فى الأيام الماضية من شأنها التوصل إلى صيغة تجارية معتدلة تحقق التوازن بين الولايات المتحدة والصين تجاريا، بينما تهدف فى الوقت نفسه إلى تحقيق الرؤية الأمريكية الهادفة إلى ممارسة أكبر قدر ممكن من الضغوط على الحكومة الإيرانية، فى الوقت الذى تعانى فيه طهران من أوضاع اقتصادية متردية، بالإضافة إلى حالة من الغضب المتزايد فى الداخل بسبب الفشل فى إدارة الملف الاقتصادى من قبل الإدارة الحاكمة فى البلاد.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة