صور.. لأول مرة فى تاريخ مصر.. بعثة أثرية صينية تستعد لإحياء التاريخ الفرعونى فى معبد "مونتو" بالكرنك.. وحصلت على موافقة وزارة الآثار على العمل رسمياً بعد توقيع مذكرة تفاهم بين الوزارة ومعهد الآثار الصينى

يستعد معبد مونتو ابن موت آمون رع بالكرنك، لانطلاق أعمال أول بعثة أثرية صينية فى تاريخ مصر لتنفيذ الحفائر والترميم داخله لفتحه أمام الجمهور خلال الفترة المقبلة لأول مرة، حيث أن المعبد مخصص لمونتو إله الحرب فى ثالوث طيبة والذى يتواجد فى شمال مجمع آمون رع ومساحته صغيرة نسبياً وغير مفتوح للزيارات حالياً، حيث وصلت البعثة الأثرية الصينى لمحافظة الأقصر والتقى اثنين من فريقها بوزير الآثار خلال زيارته مؤخراً لمعابد الكرنك، وينتظرون خلال الساعات المقبلة انطلاق العمل رسمياً بمعبد مونتو بالكرنك.

يقول الدكتور مصطفى الصغير، مدير عام آثار الكرنك، إنه أول بعثة صينية أثرية فى مصر ستنطلق فى عملها رسمياً داخل معبد مونتو شمال الكرنك والذى تم اكتشافه فى عام 1925، حيث ستقوم البعثة بأعمال الحفائر العلمية والترميم التوثيق للمعبد وعمل المسح الأثرى للجدران والكتل الحجرية داخله، موضحاً أن عمل البعثة جاء بناء على اتفاقية التعاون التى وقعها الدكتور خالد العنانى وزير الآثار مع مدير معهد الآثار الصينية للعلوم الاجتماعية فى شهر أكتوبر الماضى، مؤكداً أن الصينيين يحملون خبرات واسعة فى مجال الحفائر.

ويضيف مدير عام آثار الكرنك لـ"اليوم السابع"، أن البعثة الصينية ستكون بداية فعلية لعمل رجال الصين فى مصر خلال الفترة المقبلة وذلك عقب الزيارات المتكررة للرئيس الصينى ونائبه والوفود الصينية الرسمية لمصر مؤخراً، مشدداً على أن عمل أول بعثة صينية بمصر يأتى عقب توقيع مذكرة التفاهم بين وزارة الآثار والمعهد الصينى لتنسيق العمل المتعلق بسبل حفظ الآثار والمشاريع البحثية وبناء القدرات وتبادل المعارض المؤقتة، والبعثات الأثرية، كما تهدف إلى دفع ودعم الأنشطة الثقافية والتعليمية والأثرية بهدف رفع الوعى بالتراث الثقافى المصرى والصينى وحمايتهما والحفاظ عليهما، والتشجيع على تجديد وتشكيل البعثات المناسبة للبحوث والحماية والتقييم والنشر وغير ذلك من فرص التعاون المشتركة فى مجال حماية التراث الثقافى.

ويقول الطيب غريب كبير مفتشى معابد الكرنك، أن "مونتو" كان إله الحرب عند الفراعنة ويرمز له بالصقر فب النقوش على الجدران بمعابده المختلفة، حيث يعتبر "مونتو الصقر" هو الحامى لمنطقة طيبة، وحامى عدد كبير من ملوك الأسرة الحادية عشر، واعتبره المصريون إله الحرب وشيدت له عدة معابد أرمنت والطود وآخر بالكرنك وكذلك بمنطقة المدامود، ومعبد "مونتو" بالكرنك عبار عن مقصورة بناها الملك تحتمس الثالث وهو قريب من معبد بتاح، فهو عبارة عن هيكل متهدم يحيط به سور، فتلك المقصورة ترتفع على جدار مكسو بصفائح مربعة وبه بقايا نقوش مميزة على الحوائط.

ويضيف الطيب غريب لـ"اليوم السابع"، أن معابد الكرنك تعد مملكة تاريخية كبرى تضم عددًا كبيرًا من المعابد والمقصورات والأعمدة والمسلات وغيرها من التاريخ الفرعونى القديم ما زالت قابعة منذ آلاف السنين، وتعتبر الأعظم فى تاريخ القدماء المصريين، حيث أن أعمال التشييد التى أجريت داخله استمرت لأكثر من 1500 عام، وسمى معبد الكرنك بهذا الاسم بعد الفتح الإسلامى لمصر، حيث أن كلمة "الكرنك" تعنى الحصن أو المكان الحصين، ومدخل المعبد عبارة عن "طريق الكباش" الملىء بتماثيل لحيوان كان رمزاً للقوة لدى الفراعنة، والطريق الذى يتوسط التماثيل هو الطريق الرئيسى المؤدى للمعبد، وترجع شهرة الكرنك إلى كونه فى الحقيقة مجموعة من المعابد المتعددة التى بنيت بدايةً من الأسرة الـ11 حوالى فى العام 2134 ق.م على مساحة 63 فدانًا، عندما كانت طيبة مركزًا للديانة المصرية، وهذه المعابد المحاطة بأسوار من الطوب اللبن ترتبط ببعضها البعض من خلال ممرات تحرسها تماثيل متراصة على صفين لأبى الهول، تبلغ مساحة معبد آمون 140 مترًا مربعًا، وهو مزود بقاعة ضخمة لها سقف محمول على 122 عمودًا بارتفاع أكثر من 21 مترًا ومصطفة فى 9 صفوف، هذا غير النقوش البارزة على الأعمدة والبوابات العملاقة والمسلات.

وكان قد زار وفد أثرى مصرى برئاسة رئيس قطاع الآثار المصرية إلى دولة الصين بمقر معهد الآثار الصينى ببكين بعد الدعوة التى وجهها المعهد للوزارة، وذلك لتحقيق مزيد من التعاون المثمر مع الجانب الصينى وتدعيم العلاقات ومناقشة كافة سبل التعاون الممكنة فى مجال العمل الأثرى بين معهد الآثار الصينى ووزارة الآثار وتبادل وجهات النظر، وقام الجانب الصينى بعرض لخبرات الأثريين الصينيين فى مجالات الحفائر والترميم والدراسات الأثرية فى مواقع مختلفة فى الصين وفى دول أخرى فى آسيا وأمريكا الوسطى والجنوبية، وأكدا أنه سيتم تفعيل هذا التعاون والسعى لبدء عمل أول بعثة أثرية صينية فى مصر حيث تم اقتراح معبد مونتو بالكرنك بعد عرض لحالته الراهنة وخطط العمل المقترحة به.

وفى نفس السياق إستقبل المستشار مصطفى ألهم محافظ الأقصر، بمقر ديوان المحافظة، وفد شنغهاى الصينى "مجموعة المؤتمر الاستشارى السياسى"، بحضور سعد بخيت عبد الظاهر مدير الحفائر بمعبد الكرنك، وناقش الجانبان المصرى والصينى، سبل تعزيز التعاون المشترك فى مجالات السياحة والتعليم العالى والآثار والثقافة والفنون، والذى أكد وجود بعثة أثرية من الصين حالياً حصلت على الموافقة بالعمل فى معبد مونتو لإجراء الحفائر والاكتشافات العلمية بمعابد الكرنك، مشيراً إلى رغبته فى أن يكون هناك تبادل خبرات بين وزارة الآثار فى كل من مصر والصين.