عصام شيحة

فرق توقيت!

السبت، 24 نوفمبر 2018 04:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دائماً ما أشعر أن اتساقاً فى الحركة نعانى غيبته، إذا ما أردنا تقييم أداء قطاعات الدولة المختلفة باتجاه الأهداف التنموية التى تستهدفها الدولة. إذ يغالبنى شعور أن قطاعات تتوفر لديها عوامل الدفع القوية والفعالة، بينما تعانى قطاعات أخرى من تباطؤ تفعيل ما خُطط لها من تطوير وتحديث، إلى جانب قطاعات أخرى تكاد تنفصل عن الحركة النشطة التى تنتهجها الدولة. 
 
وأُشير فى السطور التالية إلى الفوارق فى سرعة حركة بعض القطاعات نحو أهدافها، عسى أن نؤكد على عناصر القوة، ونستنهض المتأخر عن دوره المرسوم له. فأقول:
 
• لا شك أن قطاع الطاقة يأتى على رأس القائمة التى صعدت بطموحاتنا كثيراً، ولم تكتف بتحقيق «المعتاد» فى ظل ظروفنا الصعبة، بل تجاوزته بالفعل، حتى إن «دبلوماسية الطاقة» التى اتبعتها مصر تصلح نموذجاً يُحتذى من قبل الدول النامية التى تستهدف معدلات نمو مرتفعة، إذ أيقنت مصر أن توفير الطاقة يأتى أولاً، وأن تكلفته، رغم ارتفاعها، فهى تُعد استثماراً مضموناً، فكانت الطفرة التى تحققت فى إنتاج الكهرباء، وقد بدأناها فى أوقات صعبة للغاية، كلنا نتذكرها، وكان من السهل على الدولة أن تُرجئ المليارات التى أُنفقت عليها لو لم تكن تملك نظرة مستقبلية ثاقبة. وعلى النحو ذاته كانت الاكتشافات الغازية الجديدة فى البحر المتوسط. وكان كذلك ترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية حتى يمكن البدء فى البحث عن البترول والغاز فى البحر الأحمر، وهو ما سيحدث فى القريب العاجل.
 
• نتجه للجانب الآخر، جانب القطاعات التى تنتظر تطويراً كبيراً فى المستقبل القريب، وهو قطاع النقل، فبرغم الحركة المستمرة فى مد وتطوير مترو الأنفاق، فإن ركوداً أصاب هيئة السكك الحديدية على مدى عشرات السنين، ما أدى إلى وصول الأمر إلى مستوى لا يتسق أبداً وطموحات الدولة فى التحديث والتطوير، وبالفعل تم توقيع عقود ضخمة لتوريد عربات السكك الحديدية، وعقود أخرى لتحديث المزلقانات، وبالضرورة من حقنا أن ننتظر تطويراً وتحديثاً لقدرات العامل البشرى، سواء بالتدريب فى الداخل أو الخارج، مع رفع مستوى معايير التشغيل بشكل عام، وحتى يشعر المواطن بالتطوير لا أرى أن التلميح برفع أسعار التذاكر من الكياسة فى شىء، وبالنسبة لبقية وسائل النقل فلست أرى أن وزارة النقل تطرح إستراتيجية واضحة للتطوير الشامل، سواء من حيث استخدام الطاقة النظيفة، أو مد خطوط مواصلات أكثر تطوراً تناسب ما نرجوه من تنمية مستدامة.
 
• والركود كله، يكاد يتركز فى خطة الحكومة لتطوير وتحديث العديد من شركات القطاع العام الخاسرة والمتأخرة كثيراً عن مثيلاتها فى العالم، رغم ما يمكن أن تضيفه إلى الناتج القومى الإجمالى إذا ما تمت خطط التطوير التى تتلكأ الحكومة فى تنفيذها، ومن ذلك تراجع الحكومة عن تنفيذ برنامج طرح بعض شركات القطاع العام فى البورصة، رغم ما لذلك من فوائد استثمارية ترفع الضغط عن كاهل ميزانيتنا المرهقة، والأمثلة فى هذا القطاع متعددة أولها شركة الحديد والصلب العملاقة التى تقبع تحت خسائرها منذ سنوات عديدة، وكذلك شركة القومية للأسمنت التى تأخرنا كثيراً فى تطويرها حتى أصبح إغلاقها الحل الوحيد الذى رحبت به الحكومة، بعد أن وصلت إلى مستوى لا يمكن معالجته بطريقة اقتصادية.
 
تلك نماذج يمكن القياس عليها، والبناء على دلالاتها بغرض الوصول إلى مستويات تشغيل أفضل تضمن اتساقاً حقيقياً بين حركة قطاعات الدولة تجاه أهدافنا التنموية، فليس من شك أن الارتباط وثيق بين أداء القطاعات المختلفة، وتأثيراً متبادلاً يحدث بالفعل فيما بينها لا يمكن تجاهله. ونظرة شاملة إلى حركة القطاعات المختلفة للدولة تؤكد أن الأمر يصل إلى حد وجود «فرق توقيت»، بين قطاعات سبقت توقعاتنا، وأخرى تجتهد فى الطريق، وأخرى تقف حائرة لا أدرى ماذا تنتظر.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة