تفاصيل الساعات الأخيرة فى حياة محمد فوزى وفايزة أحمد كما روتها سعاد محمد
الابنة إيمان بيبرس: «لم تنل أمى المكانة اللائقة بها» وهذا نص ما قاله العندليب عن صوتها
لماذا رفضت احتراف ابنتها الغناء وأسرار الساعات الأخيرة فى حياتها
نستكمل فى هذا العدد ما بدأناه من سيرة حياة الفنانة الراحلة سعاد محمد، الملقبة بشادية العرب، ويواصل ابناها إيمان بيبرس ورشاد فتوح وابن زوجها الكاتب الصحفى عماد فتوح كشف المزيد من الأسرار والتفاصيل عن حياتها وحقيقة العلاقة بينها وبين كوكب الشرق، وتفاصيل الحوارات واللقاءات بينهما، وماذا قال العندليب عن صوتها، وتفاصيل ما عايشته سعاد محمد من أحزان أثناء مرافقتها لصديقة عمرها فايزة أحمد فى الأيام الأخيرة من حياتها، وما شهدته فى زياراتها لمحمد فوزى بعد مرضه الأخير.
كما يكشف الأبناء كواليس فيلم الشيماء وأسرار صناعة روائع الأغانى التى شدت بها سعاد محمد فى الفيلم، حتى أطلق عليها بعده لقب شادية العرب، ويفسرون لماذا لم تنل المكانة التى تستحقها، وتفاصيل الأيام الأخيرة فى حياتها.
التوقف عن التمثيل وكواليس فيلم الشيماء
قامت الفنانة سعاد محمد ببطولة فيلمين فى بداية حياتها وهما «فتاة من فلسطين»، و«أنا وحدى»، وبعدهما اكتفت بعمل دوبلاج لأغانى عدد من الأفلام منها: «الشيماء، وبمبة كشر، وشهيدة العشق الإلهى».
تفسر ابنتها إيمان بيبرس عدم استمرار والدتها فى التمثيل واكتفائها بالمشاركة الغنائية فى الأفلام، قائلة: «ماما كانت موهبتها فى صوتها ولم ترغب فى الاستمرار بالتمثيل، ورغم تفرد موهبتها لم تحظ بالمكانة اللائقة بها».
وأكدت ابنة سعاد محمد أن السبب فى ذلك عدم قدرة والدتها على إدارة موهبتها والتعامل مع الشللية، وعدم وجود فريق يخطط لها ويدير موهبتها كغيرها من المطربات اللائى حققن شهرة ومكانة أكبر.
وعن فيلم الشيماء الذى حقق نجاحا هائلا بفضل غناء وصوت سعاد محمد، قالت ابنتها: «كان مقررا أن يغنى فى الفيلم عدد من المطربين ولكن الشاعر عبدالفتاح رشح والدتى وصمم أن تغنى كل أغانى الفيلم».
وأشارت ابنة سعاد محمد إلى أن بليغ حمدى والموجى وضعا عددا من ألحان الفيلم، ولكن الملحن عبدالعظيم محمد كان له نصيب الأسد فى تلحين معظم الأغانى، وجمعته علاقة قوية بوالدتها.
وأكدت أن والدتها تأثرت وتوحدت مع كلمات الأغانى، فبكت وهى تغنى واجريحاه، ورفض عبدالعظيم محمد حذف بكائها فى المونتاجو وهو ما ساهم فى صدق المشاعر ونجاح الأغنية.
وأشارت ابنة الفنانة سعاد محمد إلى أن الملحن عبدالعظيم محمد كان يراهن المايسترو على أن والدتها تستطيع الوصول إلى أعلى طبقة من طبقات الكامنجا فى عبارة «يا قرة العين يا محمد»، وظلت عازفة الكامنجا «أليس عبدالملك» ترفع طبقات الكامنجا وفى كل مرة يتفوق صوت سعاد محمد، ولذلك سميت قيثارة السماء، وهو اللقب الذى أطلقه عليها الشاعر عبدالفتاح مصطفى، كما سماها الأديب أحمد عسة «شادية العرب».
ويؤكد رشاد فتوح ابن سعاد محمد أنه رغم مئات الأغانى التى غنتها والدته، فإنها تصل إلى قمة روعتها وجمال صوتها عندما تتغنى بالأشعار والأغانى الدينية، وأهمها أغانيها فى فيلم الشيماء، حيث كانت تعيش حالة دائمة من الصوفية والعشق الإلهى.
وأوضح أنه تم عمل بروفات كثيرة جمعت والدته مع الفنانة سميرة أحمد، حيث دربتها على إتقان وحفظ الأغانى وشرحت لها المقامات حتى تتقن أداء الدوبلاج.
كوكب الشرق والعندليب
وعن علاقة كوكب الشرق أم كلثوم وسعاد محمد، قالت إيمان بيبرس إن أول لقاء جمع والدتها بأم كلثوم كان فى بيروت فى إحدى المناسبات الاجتماعية وكانت مع زوجها وقتها محمد على فتوح، فذهبت سعاد محمد لتسلم على كوكب الشرق التى قالت لها: «انتى سعاد أنا سمعت عنك كتير وصوتك حلو جدا»، وأكدت أنها والمطرب محمد قنديل أفضل الأصوات التى تحب الاستماع لها.
ويؤكد الأبناء قوة العلاقة التى جمعت أم كلثوم وسعاد محمد بعد إقامتها فى مصر، وأن كوكب الشرق كانت دائمة الاتصال بوالدتها وكانت سعاد محمد تزورها دائما.
وقال الابن رشاد فتوح: «كانت أم كلثوم تتصل بوالدتى تليفونيا، وكنت أرد عليها فتقول لى: إوعى يا ولد تتعبوا أمكم، وكانت تدعوها دائما لزيارتها وكانت أمى تلبى دعوتها وتزورها باستمرار».
وأكد الابن أن كوكب الشرق هى التى رشحت والدته للسنباطى لغناء أغنيتى «لقاء وانتظار» بدلا منها بعد أن ساءت صحتها.
فيما يؤكد الكاتب الصحفى عماد فتوح ابن زوج الفنانة سعاد محمد أنها كانت تعشق أم كلثوم ونشأت على أغانيها، مشيرا إلى أنها كانت دائما فى بداية حياتها تردد أغانى كوكب الشرق فى كل عواصم بلاد الشام، حتى لقبت بأم كلثوم المشرق العربى.
وأضاف أن الملحن رياض السنباطى كان من أقرب أصدقاء الفنانة سعاد محمد وكان يقول عنها: إنها صوت لن يتكرر ولحن لها أغان كثيرة، ومنحها قصيدتى «لقاء وانتظار» اللتين كان مقررا أن تغنيهما أم كلثوم بعد قصيدة الأطلال.
فيما قالت الابنة: «أمى طول عمرها شخصية بسيطة، ولم تدخل فى خلافات مع أحد فى الوسط الفنى، وكانت علاقتها جيدة بالجميع وتستقبلهم جميعا فى بيتها».
تشير ابنة سعاد محمد إلى ما قاله العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ عن والدتها، قائلة: «استضاف طارق حبيب العندليب الأسمر فى برنامجه من الألف إلى الياء، وطرح عليه عددا من أسماء المطربات ليقول رأيه فى أصواتهن، فقال عبدالحليم عن وردة «صوت قوى»، وعن فايزة «صوت حلو»، ولكنه قال عن سعاد محمد «هو ده الصوت لكن فى حلقة مفقودة»، مؤكدة أن الحلقة المفقودة هى قدرتها على إدارة موهبتها وأعمالها بشكل يساهم فى أن تحصل على المكانة التى تليق بها.
ويؤكد رشاد فتوح ابن سعاد محمد أن والدته مظلومة إعلاميا، مشيرا إلى أن رتيبة الحفنى أكدت أن صوت سعاد محمد يتم تدريسه فى أكاديمية الفنون لأنه صوت فريد.
الساعات الأخيرة فى حياة فايزة أحمد ومحمد فوزى
جلست المطربة الكبيرة سعاد محمد إلى جوار صديقة عمرها فايزة أحمد بعد أن تدهورت صحتها بسبب إصابتها بالسرطان، شعرت بأن قلبها يتمزق وهى ترى رفيقة عمرها التى كانت خير سند لها بهذه الحالة، ولكنها حاولت أن تتماسك أمامها، نظرت فايزة أحمد إلى صديقتها وبكت قائلة: «شوفتى اللى صار لى يا سعاد»، فاحتضنها سعاد محمد وبكت الصديقتان، وكان هذا آخر لقاء جمعهما، وبعد ساعات توفيت فايزة أحمد.
تحكى ابنة سعاد محمد عن الصداقة القوية التى جمعت والدتها بفايزة أحمد قائلة: «طنط فايزة كانت هى وأمى كالأختين حتى إنها أرضعتنى وكانت بمثابة البودى جارد الذى يحمى سعاد محمد، ولا تقبل أن يجور عليها أحد، خاصة أن أمى لم تكن تجيد التعامل فى بعض المواقف».
وتابعت: «كانت فترة مرض ووفاة صديقة فايزة أحمد من أصعب المواقف التى مرت على أمى، فكانت ترافقها وترى تطورات المرض، وكانت طنط فايزة تحتضن أمى وتبكى قائلة: «شوفتى اللى صارلى يا سعاد»، وظلت والدتى إلى جوارها حتى وفاتها.
وتتطرق الابنة إلى علاقة والدتها بالفنان محمد فوزى الذى لحن لها مجموعة من الأغانى الدينية، وكانت تعتبره صديقا وأخا، قائلة: «حزنت والدتى حزنا شديدا لمرض فوزى، وكانت تذهب لزيارته وتصطحب معها شقيقى أشرف، وكان فوزى مرتبطا به ويحبه، وكانت تعود باكية، مشيرة إلى أن فوزى كان يحاول وضع شقيقى الذى كان طفلا وقتها على قدمه كما اعتاد دائما، ولكن الأطباء منعوه خوفا من أن تنكسر عظامه بعد أن وصل وزنه إلى 37 كيلو، حتى إنهم كانوا يحملونه بملاءة السرير، لأن عظامه لم تكن تتحمل أن يتم حمله بالأيدى».
أصعب الأزمات
تواصل الابنة كشف تفاصيل أصعب الأزمات التى مرت بها والدتها، مؤكدة أن وفاة شقيقها الأكبر مصطفى رفيق دربها، الذى كان يشجع موهبتها فى سن 48 عاما، ووفاة والدتها التى كانت لا تفارقها كانت من أكبر أزمات حياتها.
وقالت الابنة: «ماتت جدتى خلال الفترة التى مات فيها فريد الأطرش وأم كلثوم، فشعرت أمى بانكسار شديد لفقد الأم والصديق والقدوة».
تشير إيمان بيبرس إلى أن طلاق والدتها من والدها بعد 25 عاما من الزواج، كان من ضمن الأزمات التى أثرت عليها، مشيرة إلى أن سبب الطلاق رغم الحب الكبير الذى جمعهما كان سفر الوالد فى مهمة عمل لسويسرا، ورغبته فى أن ترافقه زوجته، ولكن كان يصعب عليها السفر بسبب العديد من الارتباطات، فوقعت بعض الخلافات بينهما، وتم الطلاق بشكل متحضر، واستمرت علاقة الود بينهما، وظل يتابع حالتها الصحية ويقف إلى جوارها فى كل أزماتها حتى وفاتها.
وبعد طلاق سعاد محمد من زوجها الثانى محمد بيبرس تزوجت من تاجر لبنانى، ولكن كانت زيجة قصيرة حيث استولى الزوج على بعض أملاكها ووقع الطلاق بعد 3 أشهر من الزواج، كما أشار ابنها رشاد فتوح.
ومن الغريب أن المطربة الكبيرة رفضت احتراف ابنتها نهاد فتوح الغناء، حيث فازت ابنتها فى مسابقة استديو الفن هى وماجدة الرومى ووليد توفيق، وتفسر إيمان بيبرس رفض والدتها لغناء أختها قائلة: «ماما تعبت وخافت على بنتها لأن الزمن تغير، ولكن نهاد غنت وحققت شهرة واعتزلت بعد زواجها».
نهاية الرحلة
تبكى الابنة عندما تتحدث عن مرض والدتها قائلة: «ماما عانت سنوات طويلة من المرض، الذى بدأ عندما كانت فى حفلة بإنجلترا عام 1980، وأثناء تألقها فى الغناء توقف صوتها فجأة ونقلناها للمستشفى، وقالوا إنها أصيبت ببرد أثر على الأحبال الصوتية، وبعد فترة عاد صوتها ومارست حياتها».
وتابعت: «بعد هذه الواقعة بسنوات بدأ وزنها يقل حتى وصلت إلى 40 كيلو، وعرفنا أنها مصابة بورم حميد فى المخ كانت بدايته ماحدث لها فى لندن، وأجرت جراحة لإزالة الورم، وبعد العملية بدأت تعانى قليلا من النسيان، وكان الشىء الوحيد الذى لا تنساه الأغانى وكلماتها وملحنيها».
واستكملت الابنة رحلة والدتها مع المرض قائلة: «فى عام 98 ذهبنا لأداء فريضة الحج، وشعرت ببعض التعب وبعد عودتها أصيبت بأول جلطة فى القلب، وأجرت جراحة قلب مفتوح، وظلت حتى وفاتها فى 2011 تعيش بـ30 فى المائة من كفاءة عضلة القلب».
وأوضحت الابنة أن والدتها ذهبت لحضور حفلة فى دار الأوبرا بعد أشهر من إجراء الجراحة ورآها ابن المطرب عبدالغنى السيد بين الجمهور، فحياها على المسرح، وصعدت سعاد محمد لتبادل الجمهور التحية، حيث قابلها الجمهور بحفاوة شديدة، فاتفق معها سمير فرج الذى كان مديرا للأوبرا على إحياء حفلة بها.
وأشارت الابنة إلى أنه رغم حالة والدتها الصحية، فإنها أحيت حفل الأوبرا بعد جراحة القلب المفتوح بشهور قليلة، واصطحبوا طبيب القلب وعربة الإسعاف خوفا من أى مضاعفات تصيبها أثناء الغناء.
تبكى الابنة وهى تتذكر هذه الحفلة قائلة: «حضرها نصير شمة وصباح فخرى وظل المايسترو سليم سحاب يقبل يديها، وبمجرد أن خرجت على المسرح وغنت «قاسيت» انفجرنا بالبكاء، لأنها كانت تغنى بتأثر شديد حتى إن نصير شمة بكى».
وأشارت إلى أن والدتها أحيت حفلتين بالأوبرا وحفلة أضواء المدينة وحفلة بقرطاج حتى أصيبت بالجلطة الأخيرة عام 2007، وظلت حتى وفاتها عام 2011 تعانى من المرض، ولم تعد تتحرك بعد إصابتها بكسر فى الحوض قبل وفاتها بعامين، مؤكدة أن صباح ونجاح سلام وراغب علامة والمايسترو سليم سحاب والفنانة إيمان ومادلين طبر كانوا دائمى السؤال عن الفنانة سعاد محمد خلال فترة مرضها.
وأكدت إيمان بيبرس أن والدتها كانت تحلم طوال عمرها بعمل مسرحية غنائية لكنها لم تجد النص المناسب.
تتحدث الابنة بغضب قائلة: «رصيد أمى الغنائى يتجاوز ألف أغنية، وغنت ديوان الأصفهانى كاملا، ويتم إذاعته فى لبنان وسوريا، والعديد من الابتهالات مع الشيخ النقشبندى، وفى مصر لا تذاع لها سوى أغان محدودة»، مؤكدة أن والدتها لم تنل التكريم والمكانة التى تستحقها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة