لا زال التيار السلفى يواصل فتاويه المتشددة ليثير موجة غضب واسعة لدى المجتمع المصرى، فى ظل استمرار شيوخ التيار السلفى غير الحاصلين على تراخيص إصدار فتاوى، بإصدار فتاوى دينية شاذة، أخرها ما ذكره الشيخ عبد المنعم الشحات، المتحدث الرسمى للدعوة السلفية من هجومه على المحتفلين بالمولد النبوى الشريف، وهجومه على الاستماع للموسيقى واعتبارها حراما.
فى المقابل فتح أزهريون ونواب باللجنة الدينية بالبرلمان، النار على التيار السلفى عامة، وعبد المنعم الشحات خاصة، مؤكدين أن الاحتفال بالمولد النبوى حلال شرعا، وأن المتحدث باسم الدعوة السلفية ليس وصيا على المسلمين.
البداية بما قاله عبد المنعم الشحات، فى مقال له عبر الموقع الرسمى لـ"الدعوة السلفية"، : " لا أعلم لهذا المولد أصلًا فى كتابٍ ولا سنةٍ، ولا ينقل عمله عن أحدٍ مِن علماء الأمة؛ الذين هم القدوة فى الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بدعة أحدثها البطالون، وشهوة نفس اغتنى بها الأكالون".
وأضاف عبد المنعم الشحات: إذا أوقعنا عليه الأحكام الخمسة قلنا إما أن يكون واجبًا أو مندوبًا، أو مباحًا، أو مكروهًا أو محرمًا، وليس بواجبٍ إجماعًا ولا مندوبًا؛ لأن حقيقة المندوب ما طلبه الشرع مِن غير ذم على تركه، وهذا لم يأذن فيه الشرع ولا فعله الصحابة ولا التابعون المتدينون فيما علمتُ، وهذا جوابي عنه بيْن يدى الله -تعالى- إن عنه سُئِلت، ولا جائز أن يكون مباحًا؛ لأن الابتداع فى الدين ليس مباحًا بإجماع المسلمين، فلم يبقَ إلا أن يكون مكروهًا أو حرامًا وحينئذٍ يكون الكلام فيه في فصلين.
وأشار إلى أن الفصل الأول يتمثل فى أن يعمله رجل مِن عين ماله لأهله وأصحابه وعياله، لا يجاوزون فى ذلك الاجتماع على أكل الطعام ولا يقترفون شيئًا مِن الآثام، وهذا الذى وصفناه بأنه بدعة مكروهة وشناعة؛ إذ لم يفعله أحدٌ مِن متقدمى أهل الطاعة؛ الذين هم فقهاء الإسلام، وعلماء الأنام، سرج الأزمنة وزين الأمكنة.
وحرم عبد المنعم الشحات السماع للموسيقى قائلا إن الفصل الثانى يتمثل فى أن تدخله الجناية وتقوى به العناية حتى يعطى أحدهم الشىء ونفسه تتبعه، وقلبه يؤلمه ويوجعه؛ لما يجد مِن ألم الحيف، لا سيما إن انضاف إلى ذلك شىء مِن الغناء - مع البطون الملأى بآلات الباطل مِن الدفوف والشبابات".
تصريحات عبد المنعم الشحات، تتناقض مع الفتوى التى أصدرها دار الإفتاء المصرية التى أكدت فى وقت سابق، أنه كان المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشرى جميعه، وعبر القرآن الكريم عن وجود النبى صلى الله عليه وآله وسلم بأنه «رحمة للعالمين»، وهذه الرحمة لم تكن محدودة؛ فهى تشمل تربية البشر ، وتزكيتهم، وتعليمهم، وهدايتهم نحو الصراط المستقيم، وتقدمهم على صعيد حياتهم المادية والمعنوية، كما أنها لا تقتصر على أهل ذلك الزمان، بل تمتد على امتداد التاريخ بأسره، حيث إن والاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وآله وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنه تعبير عن الفرح والحب له صلى الله عليه وآله وسلم، ومحبَّة النبى صلى الله عليه وآله وسلم أصل من أصول الإيمان، وقد صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ»، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ».
من جانبه شن الداعية الأزهرى، أحمد البهى، هجوما عنيفا على عبد المنعم الشحات، مشيرا إلى أن المتحدث باسم الدعوة السلفية ليس واصيا على المسلمين كى يفتى فى هذه المسائل، وليس له أن يفتى فى تلك القضايا والموضوعات.
وأشار الداعية الأزهرى فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، إلى أن ما تركه النبى أو الصحابة ليس دليل على الحلال أو الحرمانية، بل إن الاحتفال بالمولد النبوى يدخل ضمن سن فى الإسلام سنة حسنة.
ولفت الداعية الأزهرى، إلى أن فتوى عبد المنعم الشحات المحرمة للاحتفال للمولد النبوى والموسيقى تكشف تناقض التيار السلفى، فهو يتحدث عن أن النبى والصحابة لم يكونوا يحتفلوا بمولد النبى، وعليه أن يعرف أنهم لم يكونوا يحتفلون بالمولد النبوى لأن محور الاحتفال بالنبى كان موجود، ونحن نحتفل بالمولد النبوى من أجل تذكير الناس بنبيهم.
وفى إطار متصل أكد الدكتور عمرو حمروش، أمين سر لجنة الدينية بالبرلمان، أن فتاوى التيار السلفى المحرمة للاحتفالات بالمولد النبوى الشريف، يجب أن يدفع البرلمان بضرورة مناقشة مشروع قانون تنظيم الفتاوى بعد أن وافقت عليه اللجنة التشريعية واللجنة الدينية، وأحيل للجلسة العامة.
وطالب أمين سر لجنة الدينية بالبرلمان، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، الدكتور على عبد العال رئيس البرلمان، بضرورة سرعة مناقشة مشروع قانون تنظيم الفتوى العامة والذى لا يجيز للسلفيين إصدار فتاوى، خاصة أن هذا المشروع أجيز من اللجنة الدينية واللجنة التشريعية ووزير الأوقاف ومفتى الجمهورية الحالى والسابق.
ولفت أمين سر لجنة الدينية بالبرلمان، إلى أنه بمجرد إقرار هذا القانون من مجلس النواب، سيتم منع أى قيادة سلفية من إصدار الفتاوى ، ولن يخرج إلى قنوات الفضائية سوى أصحاب الفكر المستنير فقط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة