قد لا يعلم الكثير شيئا عن المركز المصرى الفرنسى الموجود داخل معابد الكرنك، منذ 51 عامًا، ويعتبر هذا المركز تكريسًا للاهتمام الفرنسى بالكرنك، الذى بدأ مبكرًا جدًا منذ قدوم جان فرانسوا شامبليون عام 1828م، حين أبدى انبهاره الشديد بعظمة الكرنك قائلاً عنه : "هنا تجلت العظمة الفرعونية بكامل مجدها، فهذا أكبر وأعظم ما تخيله ونفذه الإنسان"، كان ذلك حين قام بتسجيل نصوص المعابد أثناء تواجده بصعيد مصر.
تم إنشاء المركز المصرى الفرنسى لدراسة معابد الكرنك فى 31 يوليو عام 1967 بناءاً على البروتوكول الموقع بين كل من ثروت عكاشة وزير الثقافة المصرى آنذاك، ونظيره الفرنسى أندريه مالرو، حيث كان الكرنك محل اهتمام الطرفين، وفى عام 1857م، تم إنشاء مصلحة الآثار برئاسة أوجست مارييت، وبعدها أنشأت إدارة مشاريع الكرنك، حينئذ سطع اسم كل من علماء الآثار الفرنسيين جورج لجران، موريس بييه، وهنرى شفرييه، من خلال ما قاموا به من أنشطة ملحوظة بالمعبد.
ومن هنا يتضح أن تاريخ الشغف الفرنسى بالكرنك موغل فى القدم لفترة تقارب المائتى عام، وكان المركز المصرى الفرنسى لدراسة معابد الكرنك أحد ثمار هذا الاهتمام بواحد من أكبر وأهم المواقع الأثرية العالمية.
يستند المركز المصرى الفرنسى لدراسة معابد الكرنك على كل من وزارة الآثار من الجانب المصرى، والمركز القومى للبحث العلمى ووزارة الشئون الخارجية والتنمية الدولية من الجانب الفرنسى.
وقال الدكتور مصطفى الصغير، مدير عام آثار الكرنك والمشرف على مشروع طريق الكباش، إنه تم توقيع الاتفاقية بفضل توجيه الأثرية الفرنسية كريستيان ديروش نوبلكور المستشارة الدائمة لليونسكو فى مصر فى يوليو 1967، ثم تم توقيع البروتوكول وافتتاح المركز بشكل رسمى فى 11 يونيو 1970 بتواجد ثروت عكاشة وأندريه مالرو، وقد نصت المادة الأولى من هذا البروتوكول على تعريف المركز وبيان أنشطته "إن المركز المصرى الفرنسى للدراسات الأثرية والمعمارية لمعابد الكرنك الذى تم إنشاؤه فى 31 يوليو 1967 هو مؤسسة مصرية فرنسية تتمتع باستقلال إدارى، وتتركز مهامه فى الاهتمام بالبحوث العلمية بدرجاتها التى تقام فى معابد الكرنك، بالإضافة إلى أعمال التنقيب الأثرى للموقع وحفظه وترميمه وحماية آثاره وتنمية قدرات المتخصصين المصريين المعنيين بالمركز.
وأوضح مدير عام آثار الكرنك والمشرف على مشروع طريق الكباش، أن المركز يضم فى عضويته أعضاء متخصصين فى مختلف المجالات الأثرية المرتبطة بالأعمال داخل الكرنك من مختلف الجنسيات، يقومون بعمل مشاريع دراسية وأبحاث وأنشطة عملية منها الهندسية والمعمارية والأثرية وحفائر وترميم وغيرها الكثير، ويقوم المركز بإصدار "مجلة الكرنك"، وهى مجلة علمية تنشر الأبحاث الخاصة بالكرنك بشكل دوري كل عام. ويوجد مقر المركز المصرى الفرنسى لدراسة معابد الكرنك فى المنطقة الأمامية للمعبد شمال ساحة الكرنك. ويضم المقر المكاتب الإدارية، وقاعات البحث، ومكتبة متخصصة، ومعامل تصوير، والأرشيف.
عما عن النشاط الفرنسى داخل الكرنك، فقال الدكتور مصطفى الصغير، إذا تحدثنا عن النشاط الفرنسى القديم داخل الكرنك والذى يسبق تكوين المركز المصرى الفرنسى فسنجده تاريخ طويل من الاهتمام، كان للمركز الفضل فى توثيقه وحفظه للأجيال المتعاقبة، لعل من أبرز هذه الأنشطة:
الأعمدة المنهارة في قاعة الأساطين الكبرى
الصرح التاسع
المقاصير الألباستر
المقصورة البيضاء لسنوسرت الأول
المقصورة الحمراء لحتشبسوت
- تنظيف الأكوام الحجرية المتراكمة بالكرنك عبر العصور وإعادة بناء العناصر المعمارية بالمعبد، مثل إعادة ما سقط من أعمدة فى قاعة الأساطين الكبرى والصرح الثاني للمعبد.
- اكتشاف خبيئة الكرنك أمام الصرح السابع فيما بين عامى 1903 و 1907 والتى كشفت عن آلاف التماثيل الكبيرة والصغيرة من المصنوعة من الحجر ومن المعدن والتي تم دفنها خلال العصور القديمة.
- تفريغ الصرح الثالث والذى عثر بداخله على أحجار المقصورة البيضاء للملك سنوسرت الأول والتى تم إعادة تشييدها في المتحف المفتوح بالكرنك عام 1937، وتعتبر شاهداً فريداً ومميزاً لمدى ما وصل إليه فنان الأسرة الثانية عشر من دقة وروعة تجلت في شغفه الشديد بتصوير كل التفاصيل الصغيرة المعقدة للنقوش.
- إعادة بناء الصرح التاسع بعد انتشال ما وجد به من أحجار التلاتات الخاصة بالملك أمنحتب الرابع (إخناتون).
- إعادة بناء وتركيب المقاصير المقدسة المنحوتة من حجر الألباستر والتى تخص كل من أمنحتب الأول وتحتمس الأول وتحتمس الثالث وتحتمس الرابع بعد العثور عليها في مناطق مختلفة بالكرنك في المتحف المفتوح، وتعد من أجمل المقاصير المشيدة بحجر الألباستر.
- إعادة بناء وتركيب المقصورة الحمراء للملكة حتشبسوت المبنية من حجر الكوارتزيت فى المتحف المفتوح، والتى تعتبر تحفة معمارية بحق، وقد صورت عليها حتشبسوت سجل المقاصير التي شيدتها بين الكرنك والأقصر لاستراحة قوارب ثالوث طيبة المقدس.
- اكتشاف ودائع الأثاث الذهبية الخاصة بتشييد المعبد أسفل الصرح السادس الذي بناه تحتمس الثالث.
- إعادة بناء وتركيب الفناء المحاط بالأعمدة لتحتمس الرابع في المتحف المفتوح.
- اكتشاف مخزن شباكا أحد ملوك الأسرة الخامسة والعشرين النوبية والمعروف باسم بيت الكنز الكبير.
- اكتشاف منازل الكهنة شرق البحيرة المقدسة.
- اكتشاف مقبرة رمزية للمعبود أوزيريس شرق الكرنك، وكذلك بعض المقاصير الخاصة بنفس المعبود.
- عمل حفائر موسعة بكل أنحاء الكرنك، وتنفيذ مشروعات الترميم للحفاظ على الآثار المكتشفة به.
ترميم وتركيب أعمدة قاعة الأساطين
حفائر مدخل المعبد
فناء تحتمس الرابع1
فناء تحتمس الرابع2
قاعة الأساطين الكبرى
كما احتفل المركز المصرى الفرنسي لدراسة معابد الكرنك بيوبيله الذهبى فى العام الماضى 2017 بمناسبة مرور خمسون عاماً على إنشاءه، وقد شهد الدكتور خالد العنانى وزير الآثار هذه الاحتفالية التى جرت فى الكرنك فى حضور نخبة متميزة من علماء الآثار والسفراء والدبلوماسيين.
قياس ارتفاع عمود طهرقا
مسلات الكرنك1
مسلات الكرنك2
مسلات الكرنك3
مسلات الكرنك4
مسلات الكرنك5
ودائع الأساس الذهبية لتحتمس الثالث
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة