محمد الدسوقى رشدى يكتب:دموع التماسيح فى سوق الدراما المصرية.. يبكون فى كل وقت.. يبكون فى كل حين.. أهل التنظير وهواة تمضية وقت فراغهم فى تحليل شئون الفضائيات يمصمصون الشفاه ويرفعون شعار الخراب قادم والخطر قد حل

الأحد، 18 نوفمبر 2018 05:40 م
محمد الدسوقى رشدى يكتب:دموع التماسيح فى سوق الدراما المصرية.. يبكون فى كل وقت.. يبكون فى كل حين.. أهل التنظير وهواة تمضية وقت فراغهم فى تحليل شئون الفضائيات يمصمصون الشفاه ويرفعون شعار الخراب قادم والخطر قد حل الدراما المصرية بين الهنود والأتراك

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تلك وسيلة من لا يعرف، وأداة من خصص لنفسه مقعدا على مائدة التنظير، وتلك مشكلة مصر عامة، أن يفتى القاعد للمجاهد، وأن يخصص من وضعه يده فى الماء الباردة كل وقت فراغه لتحطيم خطط ومحاولات إصلاح كل من يعملون وأياديهم فى ماء الواقع الساخن.
 
ولنا مما سبق نموذج فى ساحة صناعة الدراما المصرية، خلال السنوات الماضية تسأل أهل التنظير وهواة تمضية وقت فراغهم فى تحليل شئون أهل العمل عن حال الدراما ؟، يبكون الوضع ويمصمصون الشفاه ويرفعون شعار الخراب قادم والخطر قد حل، تسألهم لماذا ؟، يأتى الرد سريعا الدراما أصبحت كما العدد فى الليمون مسلسلات كثيرة ومحتوى يدمر القيم المجتمعية لمصر، وتأثير لا يتناسب مع حجم أجور نجوم الدراما المبالغ فيها، وسيناريوهات تصنع على طريقة الترزية بما يوافق هوى النجم الأوحد للمسلسل ولا يحقق مصلحة المجتمع والوطن ولا رسالة الدراما ذاتها، ثم تبدأ البكائية على زمن الدراما الجميل الذى كنا نعيشه بإنتاج مسلسلات أقل فى العدد وأقل فى التكلفة ولكن محتواها أفضل ورسالتها تخدم الوطن وقضاياها.
 
وقطعا لم ينس أصحاب تلك البكائيات على حال الدراما المصرية فى السنوات الأخيرة أن يرفعوا أصواتهم بتوجيه النداء إلى من يهمه الأمر من أهل الدولة وأهل الصنعة بضرورة التدخل السريع إعادة ضبط وهيكلة سوق صناعة الدراما حتى لا تخسر مصر ريادتها وقوتها الناعمة، تحت شعار نريد كيفا لا كما، نريد دراما جيدة الشكل والمحتوى تقدم رسالة واعية لا تجامل النجوم، تحقق تأثيرا مجتمعيا محليا وإقليميا ولا تكون مجرد عدد فى الليمون. 
 
لا شئ مما سبق يمكن أن تكره، مصر كانت ومازالت فى حاجة إلى تحسين منظومة الإنتاج الدرامى بها، وعلى رأى الست "ليلى مراد" يبقى كلام السادة المتباكون على حال الدراما المصرية فى السنوات الماضية كلام جميل منقدرش نقول حاجة عنه، كل عاقل يريد محتوى درامى جيد ينافس الدراما السورية والتركية، ويعيد مصر إلى ريادتها ويحقق دوره الإجتماعى بما يخدم قضايا الوطن ورسالته كما كان يحدث فى الماضى، ولكن تأتى المفاجأة بأن تجد أمامك نفس الأصوات التى كانت تصرخ وتطالب بإعادة هيكلة وضع السوق الدرامى، وتشكو من رداءة المحتوى الدرامى، وتطالب بأن يتم الاهتمام بالكيف والمحتوى والرسالة بدلا من الاهتمام بزيادة عدد المسلسلات وأجور النجوم، وهى تصرخ الأن وتشكك فى أولى خطوات إعادة هيكلة الساحة الدرامية، تحت مظلة شعارات مثل حرام تخفيض الأجور، حرام تخربوا بيت الناس، تلك هى المفاجأة من كانوا بالأمس القريب يشكون من تخريب الدراما للعقول وللمجتمع المصرى بسبب كمية المسلسلات الكثيرة الغير منضبط محتواها، ويصرخون من أن ذلك يتم من أجل أن تتضخم مكاسب النجوم والمنتجين، هم أنفسهم الأن الذين يشكون من إعادة هيكلة تتم إنتصارا للكيف على حساب الكم.
 
هذه أصوات متعجلة، تريد الحكم على التجربة قبل أن تبدأ طمعا فى إرضاء نجم زميل أو نيل مصلحة من منتج ذات صلة، ماذا لو انتظر الجميع لتقييم التجربة التى كانت مطلبهم من قبل، ألم يكن هؤلاء الذين يتباكون على حال الدراما الأن هم أنفسهم أول من كتبوا تعليقا ورفضا ونقدا على أجور النجوم المبالغ فيها والتى تلتهم ميزانية أى مسلسل وتؤثر على مضمونه وجودته، ألم يكن هم أنفسهم أول من طالبوا بالتركيز فى إنتاج محتوى درامى جيدا يخدم أهداف الدولة ويرتقى بالمجتمع بدلا من توهان الرسائل فى معركة التفاخر بعدد المسلسلات التى يتم إنتاجها فى الموسم الواحد، ألم يكن هؤلاء أول من طلبوا بألا يتم حصر الدراما فى الموسم الدرامى وترك شاشات التلفزيون فارغة دراميا طوال شهور السنة لصالح الدراما التركية والهندية ومن قبلها السورية ؟،ألم يكن من باب أولى أن ينادى المثقفين والمفكرين والمنتجين بضرورة توجيه الإنتاج الدرامى نحو إنتاج مسلسلات تعبر عن الواقع المصرى الحقيقى وتشتبك مع قضايا الدولة لخدمتها فى حربها مع الإرهاب والتطرف والبناء والتنمية والوعى، بدلا من توجيه كل الطاقة للصراخ بسبب أجور النجوم وتخفيض تكاليف المسلسلات، رغم أن هذه الأصوات كانت أول من حدث وعاير صناع الدراما فى السنوات الماضية بأن الشباب والشركات الصغيرة قادرة على إنتاج محتوى درامى جيد وأفضل من مسلسلات العشوائيات والمخدرات والبلطجة بتكاليف انتاجية وأجور أقل؟.
 
المثير فى الأمر يكمن فى التفاصيل، تفصيلة التعاطف مع كلمات ممثلة طالما اشتكى المجتمع كله من تأثير ماتقدمه فى الدراما على القيم المصرية، وكتب البعيد قبل القريب عن تراجعها خلال المواسم الرمضانية السابقة، رغم وجودها على قائمة الأعلى أجرا.
 
الأكثر إثارة يبقى فى تفصيلة الخوف من إنخفاض عدد المسلسلات فى الموسم الرمضانى، رغم أننا على مدار سنوات طويلة نسعى لإقناع الفضائيات بأن موسم الدراما ليس رمضان فقط، ونسعى لإقناع المنتجين والنجوم بأن مسلسلا مصنوع بدقة وتمهل وصاحب رسالة وإيقاع منضبط أفضل بكثير من إنتاج 10 مسلسلات يتم "تظبيط" أوراق السيناريو الخاصة بها لإرضاء نجم العمل الأوحد ويمل الجمهور ويشكو من المط والتطويل فى الحلقات.
 
المدهش هنا ليس خوف العاملون فى كواليس تلك المسلسلات سواء العمال أو الفنيين أو غيرهم، تلك مخاوف يمكن تفهمها والعمل على تبديدها أمر ضرورى، المدهش حقا يكمن فى تفصيلة أخيرة تخص بعض المثقفين والنجوم وصناع الدراما الأوائل الذين يعملون على تصدير الخوف من خراب مادى قادم فى الساحة الدرامية، بعد أن كانوا هم أول من حذروا من من خراب الوعى المصرى بسبب حالة الاستسهال فى الإنتاج الدرامى على طريقة العدد فى الليمون بدلا من الاهتمام بجودة المحتوى.
 
لا عاقل فى مصر يتمنى إنهيار صناعة الدراما، فتلك الصناعة هى أقوى أسلحة القاهرة على مدار أكثر من نصف قرن، ولا عاقل فى مصر يمكنه إنكار أن تلك الصناعة فى حاجة إلى إعادة هيكلة وتنظيم حتى تعود الشاشات لتقديم محتوى يليق بالواقع ويناسب تاريخ مصر الإبداعى والريادى، ولكن أيضا لا يوجد صاحب عقل يمكنه أن يقيم عملية إعادة ضبط منظومة مترهلة خلال السنوات الماضية قبل أن يرى ويتابع نتائجها فى أرض الواقع، ننتظر ونرى ثم نبدأ عملية تقييم بعدها يحق لمن يريد الصراخ أن يصرخ ومن يريد الإشادة بأن يشيد ومن يعمل مخلصا من أجل التطوير أن يستكمل عمله.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة