رغم صغر أيديهم ونعومة أظافرهم إلا أنهم يجلسون فى مشهد مبهج يشبه العزف الجماعى بالأنامل على آلة موسيقية كبيرة معلقة على الحائط، إنهم أطفال يصنعون السجاد اليدوى بمنزل بسيط، حوله شقيقان إلى مصنع لإنتاج السجاد اليدوى وشغلا فيه أبناء وفتيات وأطفال قريتهن بمحافظة الفيوم فحقق نجاحا مبهرا، وأصبح يصدر منتجاته لدول أوروبا ويطلب منهم تصميمات بعينها يعلم المستوردون أنه لن يتقنها غيرهم.
يقول ناصر عبد الله صاحب الورشة، إنه منذ 6 سنوات قرر هو وشقيقه محمد إقامة مصنع للسجاد فى قريتهم الصغيرة حيث إنها المهنة التى يتقنونها فقاموا بتحويل الدور الأول من منزلهم إلى ورشة لصناعة السجاد وبدأ فى تدريب وتعليم أبناء القرية من الشباب والفتيات والأطفال خاصة أنه نسبة البطالة بالقرية كانت كبيرة.
ولفت ناصر إلى أن كل منتجاتهم تسافر إلى دول أوروبا من خلال مستورد من القاهرة يقوم بالتعاقد معهم ويقوم بتوفير الخامات ويتسلم منهم السجاد بعد انتهاء جميع مراحله، لافتا إلى أن هذه الحرفة تمر بعدة مراحل وكل مرحلة يخصص لها مجموعة من الأطفال ويديرهم "صنايعى" يكون مسئول عن منتجاتهم ويراقب جيدا سير صناعة السجادة بدقة حتى لا يكون هناك أى خطأ.
وأشار ناصر إلى أن المصنع به قرابة 4 شباب و30 طفلا و4 فتيات، لافتا إلى أنه يصر على تعليم الأطفال الحرفة لإنقاذهم من اللهو فى الشوارع وتعلم العادات السيئة وحتى يتم توفير مبالغ مالية تساعدهم على استكمال دراستهم، خاصة أن حالة أسرهم المادية ليست ميسرة، مؤكدا أنه يشجع الأطفال على التعليم والذهاب للمدارس ويتم تغيير ورديات عملهم خلال أيام الدراسة لتناسبهم وأجرهم يكون من 5 جنيهات حتى 15 جنيها فى اليوم.
وعن الخامات التى تستخدم فى صناعة السجاد، لفت إلى أنه يستخدم الغزل الصوف بألوانه المختلفة واختيار الألوان يكون طبقا لزوق "الزبون" وهناك سجاد يصل إلى 20 لون، موضحا أنه يسلم السجاد بنظام "المصنعية" وهى أنهم يتقاضون بالمتر وليس بالسجادة.
وقال محمود رمضان أحد العاملين بالورشة، أن صناعة السجاد مهنة ممتعة يحبها منذ صغره حيث تعلمها وهو فى الصف الثانى الابتدائى ومنذ أن تعلمها وأتقنها علم أن هذه هى الحرفة التى كانت تناسبه وهو الآن فى العشرين من عمره ويعمل بشكل يومى ويرى فى المهنة مستقبله ومسئول عن مجموعة من الأطفال العاملين بالمهنة، مشيرا إلى أنه مختص برسم السجادة فى أولى مراحل التصنيع ويدخر المال الذى يساعده فى بناء منزل صغير للزواج فيه من إحدى فتيات القرية.
وقال عبد الله سيد عامل بالورشة، أنه تعلم المهنة منذ أن كان فى السادسة من عمره وعمل بالمهنة بجانب دراسته حتى أنهى الدبلوم الفنى وأصبحت صناعة السجاد هى عمله الدائم، لافتا إلى أنه يطور من نفسه وكل يوم يتعلم تفاصيل جديدة فى الصناعة.
وقالت الطفلة إيمان عصام، إنها تعمل بصناعة السجاد بالورشة وهى بالصف السادس الابتدائى وتذهب للورشة يوميا بعد انتهاء اليوم الدراسى، مؤكدة أنها تعمل حتى تدخر مالا يساعد والدها عندما تصل لسن الزواج أن يجهز احتياجات زواجها خاصة أن والدها حالته المادية غير ميسرة.
وقالت الطفلة شهد ممدوح، أنها بالصف الأول الاعدادى وتعمل بصناعة السجاد منذ سنة وتعلمت الصناعة والآن تتقنها وتلتزم بالحضور يوميا وتتقاضى 21 جنيها عن كل يوم حتى تساعد فى تكاليف زواج شقيقتها.
وقال الطفل عيد محمد، أنه يعمل نصف يوم بعد الدراسة مقابل 10 جنيهات فى اليوم حتى يساعد والده فى الإنفاق على أسرته، وقالت شهد محمد إنها فى الصف الثانى الإعدادى وتعمل بشكل يومى فى الورشة حتى تنفق على أسرتها التى ليس لديها مصدر للدخل.
ولفتت الطفلة ياسمين صابر أنها رغم عملها بالورشة إلا أنها متفوقة فى دراستها وتحرص على الاجتهاد فيها ولا تتغيب أى يوم ولكن عملها بالسجاد لأنها تريد أن تتعلم الحرفة وتتقنها عندما تكبر.
وقال محمد عبد الله صاحب الورشة، إنه بدأ هو وشقيقه الورشة بإمكانيات بسيطة ولكن توفيق الله كان حليفهم لأنه نيتهم كانت إفادة الغير وإيجاد عمل لأنفسهم، لافتا إلى أنه تعلم المهنة وكان يعمل دون مقابل ولكنه ترك المهنة واشتغل فى مهن آخر ى حتى استطاع أن ينشئ المصنع وكان فى البداية يعمل هو وشقيقه وزوجته، وبعد ذلك بدأت فى تعليم شباب وأطفال القرية والاستعانة بهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة