عصام شيحة

الأمن القومى.. تحديات وفرص «6»

السبت، 17 نوفمبر 2018 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إلى حين، وحتى ألاحق تفاعلات المشهدين الداخلى والخارجى من أبعاد أخرى، اليوم أختتم مجموعة مقالاتى عن الأمن القومى بحديث عن حركة دبلوماسية الرئاسة على الساحتين الإقليمية والدولية حماية للأمن القومى، ومجابهة لتحدياته، واقتناصاً لفرصه.
 
وأشير عن قناعة تامة إلى أن الخبرات المتراكمة لدى الرئيس السيسى كرجل مخابرات جعلت من فكرة الأمن القومى سبيلاً أولياً لما ينتهجه من سبل فى قيادته للوطن فى هذه المرحلة المغايرة والفارقة.
 
وأود فى هذا السياق التأكيد على الملامح الواضحة التالية فى حركة دبلوماسية الرئاسة، فأقول:
 
• لا يغيب أبداً البعد الاقتصادى عن الحركة النشطة التى يمارس بها الرئيس السيسى سياسته الخارجية، بل أكاد أجزم أن البعد الاقتصادى، كمكون رئيس فى الأمن القومى، هو المحرك الأول لدبلوماسية الرئاسة على الساحتين الإقليمية والدولية، ولاشك أن الأمر على هذا النحو يشى برؤية رئاسية ثاقبة، إذ لا جدال فى قدرة الاقتصاد على تحريك الكثير من الملفات، فهل ننكر أن صفقة محطات سيمنس العملاقة كان لها أثر كبير فى تعزيز العلاقات المصرية/ الألمانية، وفى الاتجاه ذاته سارت العلاقات المصرية/ الفرنسة بقوة دفع التطوير العسكرى الهائل من طائرات الرافال إلى حاملتى الطائرات، واكتشافات إينى الإيطالية ألم يكن لها دورها المهم فى تهدئة الأوضاع أثناء اشتعال أزمة مقتل الباحث الايطالى «ريجينى»؟ والوضع مع روسيا والصين يؤكد الفكرة ذاتها، أما المحور العربى، والخليجى تحديداً، فأنا أنظر له من منظور مختلف، إذ أرى أن أى دعم عربى لمصر، سواء فى صورة مساعدات أو منح أو استثمارات، إنما هو فى إطار الاستثمار العربى فى الأمن القومى العربى، فمصر القوية لا بديل عنها، ولا سبيل إلى نهوض غيرها بدورها التاريخى فى حماية الأمن القومى العربى، وليس من شك أن تحديات هذه الملفات ضخمة، لكنها بالقطع أقل مما تحمله من فرص كبيرة بالفعل تمكنت مصر من حصدها، ومستمرة الجهود فى استخلاصها.
• ونتجه يساراً إلى حركة الدبلوماسية الرئاسية باتجاه الملف الليبى، فلا شك فى أهمية ليبيا فى منظومة الأمن القومى لمصر، ولطالما دعوت إلى عدم الاكتفاء باعتبار ليبيا مجرد بلد يسعى المصريون إليه طلباً للرزق، بل أرى أن شراكة استراتيجية ينبغى أن تجمع البلدين بحضور سودانى مواز، ما يشكل مثلثاً بالغ القوة يمكن أن يدفع بأضلاعه الثلاثة إلى آفاق بعدية من التنمية والرفاهية، لكنه مثلث بالغ الحساسية أيضاً، تلك الحساسية التى تملأ الوطن العربى، وتختص دول الجوار بها نظراً لتراكمات تاريخية، ومن هنا يمكن النظر إلى حضور الرئيس السيسى مؤخراً مؤتمر «باليرمو» بإيطاليا، وما حدث فيه من هزيمة لمحور تركيا/قطر، وهو أمر قطعاً يحسب للدبلوماسية الرئاسية الهادئة والواثقة التى يتبعها الرئيس السيسى وتلقى كل تقدير من كافة القوى المعتدلة إقليمياً ودولياً، والحال أن الوصول إلى حل للملف الليبى يضمن لمصر حماية أمنها القومى عسكرياً، وبناء فرص حقيقية على البعد الاقتصادى.
 
• نأتى إلى القضية الفلسطينية، وقد تعمدت أن تأتى أخيراً للتأكيد على أنها القضية الأولى، مهما ازدحمت الأجندة العربية، فى الأمن القومى العربى الذى تنهض فيه مصر بدورها الرائد والتاريخى، فنجد أن كافة الأطراف الفلسطينية تتفق على أن وساطة مصر الوحيدة التى ترتقى إلى حد الشراكة، ولو أن بعض القوى الإقليمية كفت يدها عن غزة لما تطور الأمر من حين إلى آخر على نحو ما هو حاصل الآن، ذلك أن المطلب الوحيد لهذه القوى هو إفشال كل المساعى المصرية للتهدئة والبحث عن تسوية عادلة تحقق متطلبات الشرعية الدولية فى هذا الشأن، وهى نفس القوى التى تلعب ضدنا أيضاً فى ليبيا، ما يعنى أن الأمور مكشوفة ولا تغيب عن حركة الدبلوماسية الرئاسية الواعية التى تتسم بها مصر فى عهد الرئيس السيسى، والواقع أن الصراع العربى/ الإسرائيلى إجمالاً شكل مورداً مهماً على مدار عشرات السنين، حصلت من خلاله عدة قوى على مكاسب ضخمة، والأمل أن تتبدد الغيوم العربية فى سوريا واليمن والعراق ولبنان لتخلو الأمة العربية إلى ملفها الأصيل، ولكن برؤية موضوعية تتيح لنا حركة فعالة على المستويين الإقليمى والدولى باتجاه الوصول إلى حل الدولتين، باعتباره الحل الوحيد المقبول من كافة الأطراف الفاعلة، حتى ترامب أعلن أنه ليس ضده، وإسرائيل كانت قد قطعت شوطاً فى هذا الاتجاه، لكن إطالة أمد الصراع، كما قلت، يحقق فرصاً للبعض، ولا شك أن مؤسسة الرئاسة منتبهة إلى ذلك الأمر، ويكفى أن نؤكد أن حل القضية الفلسطينية سيرتفع بالأمن القومى المصرى إلى آفاق بعيدة غير منظورة، حاملاً فرصاً واعدة يستحقها النضال المصرى المتصل من أجل قضية العرب الأولى.
وإلى الأسبوع المقبل بإذن الله.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة