داخل دكان صغير فى منطقة المحجوب بالمحلة الكبرى بمحافظة الغربية، ينحنى محمد السيد كامل البالغ من العمر 63 عاما على ترابيزة طويلة ترتفع عن الأرض بمسافة صغيرة ليقوم بكى ملابس الزبائن بالمكواة الحديد، أو كما يطلق عليها "المكواة الرجل".
تعد من مهنة "المكوجى الرجل" من أقدم الحرف الموجودة منذ عشرات السنين ولكن بمرور الوقت وبتطور التكنولوجيا ظهرت أشكالا أخرى للمكواة حتى تخلى المكوجية عن "المكواة الرجل" لأنها تكلف الصنايعى الكثير من الوقت والجهد، الأمر الذى دفعهم للعمل وفق تطورات العصر، والعمل بـ"المكواة البخار" لعدة أسباب أهمها السرعة، وما تقدمه من تقليل الجهد العضلى، إلا أن عم "محمد كامل" أصر على الحفاظ على صنعته بـ"المكواة الرجل" التى ورثها عن والده منذ 50 عام، وعلى الرغم من تطور العصر حول إلا أنه لم يكل أو يمل منها، خوفا منه على انقراض هذه الصنعة من مدينة المحلة، خاصة وأنه لم يعد أحد من أبناء المحلة يحافظون عليها، الأمر الذى جعله يعد آخر "مكوجى رجل" فى المدينة.
يقول عم "محمد كامل" أنه ورث المهنة عن والده وهو فى سن الـ13 من عمره، وشرب المهنة بعدما فشل فى التعليم، لافتا إلى أنه أتقن المهنة رغم أنها أوشكت على الانقراض إلا أنها من وجهة نظره فهى أفضل من "المكواة البخار"، موضحا أن أنه يتمكن بواسطتها من كى الملابس وضبط القماش، وقبل الكى يقوم بتسخينها على "الباجور".
ويشير عم "محمد عامل" إلى أنه يقوم بكى جميع أنواع الملابس، وأنه بمجرد أن يرى قطع الملابس التى يُحضرها الزبائن يعلم إمكانية كيها من عدمه، كما أوضح أنه يختبر سخونة المكواة عن طريق "بل" إصبع يده بالمياه ويقوم بملامسة المكواة وبعد ذلك يبدأ فى الكى، مبينا أن تسخين المكواة يكفى لكى جلباب واحد.
وأوضح عم "محمد كامل" أن كى الجلباب الواحد يستغرق 15 دقيقة حسب نوعية القماش، مؤكدا أن المكواة الرجل أفضل بكثير من المكواة البخار حيث أن الأولى يتم من خلالها ضبط الملابس وكيها جيدا وتحتاج لمجهود كبير، على عكس المكواة البخار.
وعلى الرغم مما يبذله من جهد فى كى الملابس، لكثرة الانحناء أثناء العمل، إلا أنه يتحمل ما يشعر به من آلام فى الظهر، من أجل لقمة العيش، إضافة إلى حفاظه بهذه المهنة التى أوشكت على الانقراض ولم يتبق غيره بعدما كان هناك ما يزيد عن 20 "مكوجى رجل"، مشيرا أنه حاول أكثر من مرة أن يعلم نجله المهنة ولكنه رفض ذلك، ليختتم حديثه قائلا: "نفسى ربنا يدينى الصحة لحد النهاية وأفضل واقف على رجلى علشان لما أموت الصنعة هتموت معايا".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة