أبو الغيط: الأمن الغذائى قضية وجود بالنسبة للعالم العربى

الأربعاء، 14 نوفمبر 2018 12:02 م
أبو الغيط: الأمن الغذائى قضية وجود بالنسبة للعالم العربى أبو الغيط
(أ ش أ)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أن قضية الأمن الغذائى هى قضية وجود بالنسبة للعالم العربى.

وقال أبو الغيط -فى كلمة له اليوم الأربعاء، فى الجلسة الافتتاحية لأعمال "المؤتمر العربى السادس للاستثمار فى الأمن الغذائى" الذى أقيم بإمارة الفجيرة بدولة الإمارات العربية المتحدة، إن العالم العربى هو أكبر منطقة عجز غذائى فى العالم..إذ نستورد نحو نصف احتياجاتنا من الغذاء، كما تصل نسب واردات الحبوب -وهى مكون استراتيجى فى سلة الغذاء العربية- فى بعض الدول إلى 70% وأكثر من الاستهلاك المحلي.

وأشار إلى أن الدول العربية تتصدر قائمة أكبر مستوردى اللحم، كما أن مصر هى أكبر مستورد للقمح على مستوى العالم، مشيرًا إلى أن الأزمة ليست جديدة، وقد تنبهت لها الحكومات العربية فى العقود الماضية.

وأضاف أن الزيادة السكانية الرهيبة، وارتفاع مستويات الدخول، مع تراجع الإنتاج الزراعى أسهمت جميعًا فى اتساع الفجوة على نحو متسارع ومخيف، مشيرًا إلى أن عدد سكان المنطقة العربية قد زاد من 100 مليون فى 1960، إلى نحو 300 مليون فى 2006، ومن المتوقع أن يصل سكان العالم العربى إلى 600 مليون فى 2050.

وقال أنه إذا أضفنا إلى ذلك تحدى الشح المائى الذى تواجهه المنطقة العربية التى يصلها 1% فقط من موارد المياه العذبة فى العالم، نجد أنفسنا أمام سيناريوهات لا أقول إنها كارثية، وإنما تدعو إلى التدبر والاستعداد؛ حفاظًا على البقاء وصونًا للحضارة والعمران.

وأضاف أن تحدى الأمن الغذائى له أوجه مختلفة..إذ أن له بعدًا جيوسياسيًا لا يخفى، وقد تنبهت له الدول العربية فى مرحلة مبكرة بخُطط لتحقيق الاكتفاء الذاتى فى الستينيات والسبعينيات، خاصة عندما هددت الدول الكبرى بقطع توريد الغذاء ردًا على الحظر البترولى بعد حرب أكتوبر.

وأضاف أبو الغيط: "لقد تجدد الشعور بالخطر مع أزمة 2007 و2008 التى شهدت ارتفاعًا حادًا فى أسعار الغذاء على صعيد عالمي..وكذلك فى عامى 2010 و2011، عندما شهدت أسعار الحبوب ارتفاعًا مماثلًا أشار البعض إلى أنه لعب دورًا رئيسيًا فى إشعال الأوضاع فى أكثر من دولة عربية، بسبب ما شهدته هذه الدول من تضخم حاد فى أسعار السلع الغذائية الأساسية خلال فترة قصيرة".

ولفت إلى أن ارتفاع الأسعار العالمية للغذاء يُمثل تحديًا خطيرًا خاصة للدول العربية غير النفطية، وقال أن الخبراء يشيرون إلى أن هذا الارتفاع فى أسعار الغذاء يعكس وضعًا دائمًا ولا يمثل ظاهرة عابرة، مشيرًا إلى أن انتقال مئات الملايين من البشر إلى الطبقة الوسطى فى الصين والهند وغيرها كان من شأنه تغيير أنماط الاستهلاك..وأدى إلى توسع الطلب بشدة على اللحوم والحبوب، يُضاف إلى ذلك الاتجاه إلى تزايد الطلب على الوقود الحيوى، خاصة فى الولايات المتحدة والبرازيل وغيرها، فضلاً عن تأثيرات التغير المناخي.

وأوضح أن كل هذه العوامل تُشير إلى أن أسعار الغذاء ستواصل ارتفاعها فى المستقبل بل ستتضاعف، مشددًا على أن ذلك يقتضى منا الاستعداد، وبناء الاستراتيجيات الوطنية والعربية على هذا الأساس.

وقال أبو الغيط أنه حتى الدول التى تستطيع، بواقع وضعها المالى المستقر، توفير واردات الغذاء من دون إرهاق لموازناتها.. تشعر بالقلق والانزعاج إزاء تقلب الأسعار، وإمكانية فرض الحظر التجارى وحظر التصدير من جانب الدول المصدرة..وهو ما حدث بالفعل فى فترات سابقة.

وأضاف لقد دفع هذا الوضع عددًا من الدول العربية إلى التفكير فى استراتيجيات مستدامة لتحقيق الأمن الغذائى، وما يُسمى بـ "السيادة الغذائية"؛ أى أن يكون للدولة القدرة على تحقيق أمنها الغذائي؛ اعتمادًا على ذاتها مهما كانت الظروف سواء عبر زيادة الإنتاج المحلى أو الحصول على أراض فى الخارج أو غير ذلك من الاستراتيجيات.

ونوِّه بالإمكانيات الهائلة للدول العربية -إن هى تبنت استراتيجيات تكاملية- للتعاون وفق منطق المنفعة المتبادلة لتحقيق الأمن الغذائى والرفاه الاقتصادى للجميع.

كما قال أن للسودان تجربةٌ رائدة فى هذا المجال لا ينبغى أن تغيب عن أذهاننا، مضيفًا: "الرئيس السودانى المشير عمر البشير قد تقدم بمبادرة للاستثمار الزراعى العربى فى السودان للمساهمة فى سد الفجوة الغذائية وتحقيق الأمن الغذائى العربى، وذلك من خلال القمة العربية التنموية الاقتصادية الاجتماعية الثالثة التى عقدت فى الرياض عام 2013..وتهدف المبادرة إلى استغلال موارد السودان الطبيعية (الأرض والمياه والمناخ والموقع الجغرافي) وذلك بالاستثمار فى سلع غذائية أساسية يمتلك فيها السودان ميزة نسبية".

وقال "لقد جربنا فى السابق استراتيجيات تقوم على تحقيق الاكتفاء الذاتى المطلق والكامل، ولم تحقق النجاح المأمول فى سد الفجوة الغذائية، إذ تبين ما تنطوى عليه هذه الاستراتيجيات من عوار اقتصادى، وما تتسبب فيه من تدهور بيئى، فضلاً عن عدم استخدام الموارد الشحيحية، وعلى رأسها المياه، الاستخدام الاقتصادى الأمثل الذى يُراعى الأبعاد المستقبلية".

وأضاف "جربنا كذلك استراتيجيات تعتمد على التجارة وحدها، وفق مبدأ الميزة النسبية، وبحيث يتم سد الفجوة الغذائية من خلال الاستيراد..ووجدت الكثير من الدول العربية أن ذلك يعرضها لتقلبات السوق وانفلات الأسعار العالمية، فضلًا عن المخاطر السياسية المعروفة التى تنتج بالضرورة عن الارتهان للاستيراد".

وتابع قائلًا "وعلينا اليوم أن نسعى إلى استراتيجيات جديدة تمزج بين زيادة الإنتاج المحلى، والاستفادة من التقدم الهائل فى تكنولوجيا الزراعة، فضلاً عن توظيف الإمكانيات الكبيرة التى يتيحها التكامل العربى من خلال استغلال الأراضى الأجود، والتى تتوفر فيها المياه، ويمكن استغلالها اقتصاديًا".

وأكد أن جامعة الدول العربية تضع الموضوعات المتعلقة بالأمن الغذائى فى مقدمة أولوياتها، مشيرًا إلى أن القمة العربية بالرياض فى المملكة العربية السعودية عام 2007 أقرت استراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة للعقدين 2005-2025.

وقال "تعتبر هذه الاستراتيجية إطارًا مرجعيًا للعمل العربى المشترك فى المجال الزراعى طويل الأجل لتأطير وتحديد مسار التنمية الزراعية العربية خلال العقدين القادمين، بما يحقق التكامل الزراعى العربى من خلال تعزيز القدرة التنافسية والاستفادة من الميزة النسبية للزراعة العربية".

وأضاف "لا ننسى أن دولة مثل اليمن يعيش نحو نصف سكانها على شفى المجاعة، بسبب استمرار النزاع الدائر هناك، والذى ساهم فى مفاقمة وضع كان بالفعل حرجًا وخطيرًا".

وأردف قائلا "ولا ننسى أن المنطقة العربية تُعد المنطقة الوحيدة، بخلاف أفريقيا جنوب الصحراء، التى تزايدت فيها أعداد من يُعانون سوء التغذية منذ التسعينات..ولا ننسى كذلك أن نسبة كبيرة من سكان العالم العربى يُعانون، فى نفس الوقت، من مشكلتين متناقضتين: الجوع والسمنة المُفرطة، وذلك بسبب نقص أو سوء التغذية".

وقال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أن كل هذه هى هموم وقضايا ترتبط بالأمن الغذائى فى معناه الشامل..إذ لا يكفى فى هذا الزمان أن يملك الإنسان قوته لكى يملك قراره، بل لابد أيضا أن تحرص الدول على أن يحصل مواطنوها على غذاء صحى وسليم، بما يُفرز أجيالًا قادرة على العطاء والإسهام فى النهوض بالمجتمعات".

 

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة