كريم عبد السلام

حاكموا ضحايا المستريحين بتهمة المشاركة فى النصب

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2018 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صحيح مفيش فايدة، مهما قلنا وعدنا واتنبح صوتنا للناس متصدقوش إن فى حد ممكن يديكم فايدة أكبر من فوايد البنوك، ومتروحوش للنصابين بتوع توظيف الأموال اللى بيدوا فوايد ضخمة أول شهرين وبعدين ينهبوا الفلوس ويختفوا، مازالت قطاعات كبيرة من الناس على اختلاف فئاتهم الاجتماعية ومستويات تعليمهم وثقافتهم وإدراكهم يقعون فى قبضة النصابين أو المستريحين الذين انتشروا بكثرة خلال السنوات العشر الماضية.
 
آخر هذه الحوادث المضحكة المبكية ما حدث فى قرية الروضة مركز فارسكور بمحافظة دمياط، عندما استولى أحد النصابين على 125 مليون جنيه من أهالى القرية واختفى، تعامل مع 64 زبونا أو ضحية محتملة واستطاع إقناعهم جميعا بإعطائه أموالهم لتوظيفها مقابل فوائد شهرية تبلغ ألف جنيه عن كل خمسين ألف، وهنا داعب النصاب كالعادة غريزة الطمع لدى الناس واستطاع إيهامهم بأنهم يستطيعون تحقيق المكسب السهل دون بذل أى مجهود، وعندما وقعت الفاس فى الراس وتوقفت الفوائد بعد الشهور الأولى، وهو طبعًا كان يدفعها من أصول أموالهم، واجههم بالحقيقة المرة، الفلوس راحت تبخرت انتهت والسبب الركود الاقتصادى وقوانين الربح والخسارة.
 
مع كل حادثة من هذه الحوادث، أندهش من معرفة الناس بقدر المخاطرة التى يدخلون فيها، مهما أخذوا من احتياطات ومستندات على النصاب، لأنه لا يملك من الأصول ما يغطى ديونه كما أنه عار بدون أى ضامن مثل البنوك التى يضمن ودائعها البنك المركزى، ورغم ذلك يذهب إليه الناس جماعات وجماعات، مرة بدافع الطمع والجشع والتكاسل ومرة بسبب انتشار الخرافات والأكاذيب المغرضة التى تصور البنوك على أنها تشتغل بالربا وأعمالها حرام بينما نشاط النصابين باعتباره الحلال البين!
 
لماذا يوكل كثير من المواطنين غيرهم بالعمل بدلًا من أن يعملوا هم؟ لماذا يفضل كثير من المواطنين تسليم مدخراتهم أو تحويشة العمر لشخص غريب بدلًا من المبادرة أو المغامرة فى مشروع صغير مضمون الملكية، ويستطيع صاحبه أو صاحبته إدارته والإشراف عليه مباشرة؟ لأن ثقافة العمل غائبة، والسائد هو التكاسل والحلم الساذج بالثراء السريع دون تعب أو جهد، سواء بالفوز بجائزة من جوائز القنوات النصابة إياها أو عن طريق وسيط يستثمر أموالنا بفائدة كبيرة تساوى ضعف فوائد البنوك، وعادة لا يفعل ذلك إلا اللصوص والنصابون، ولا يستجيب لهم إلا الخائبون الطماعون.
 
متى تتغير ثقافة الكسل والتواكل والبحث عن الثراء السريع دون بذل الجهد والعرق؟ متى تعود العصامية عنوانًا لقصص النجاح المتحققة ويعود المشروع الخاص المنتج حلمًا لكل شاب لكى يحقق ذاته ويترقى فى المجتمع ماديًا واجتماعيًا؟ لقد ظللنا سنوات طويلة نلقى أحمالنا على الحكومة ونتمرغ فى تراب الميرى راضين بملاليمه وفرصه القليلة، وعندما انعدمت فرص الميرى غرقنا فى أحلام اليقظة، كما غرقنا فى موجات التطرف التى تجعل من الدنيا مجرد معبر تافه لا يستحق عناء بذل الجهد، ومن ثم فقدنا القدرة على المبادرة وشجاعة المغامرة ولم نعد نرضى بالبناء المتراكم على مدار السنين، وأصبح كل همنا أن نعيد سيرة العاطلين بالوراثة أبناء العائلات الغنية قبل ثورة يوليو.
 
لذلك لابد من وقفة أولًا وأخيرًا مع الناس الذين يهرعون إلى النصابين ويسلمونهم تحويشة العمر فإذا خسروا يلجأون إلى الشرطة والأجهزة الحكومية باعتبارها بابا وماما والمسؤولة عن استرجاع أموالهم المسلوبة، لا، إذا كان النصاب سيسقط مهما طال هروبه وسينال عقابه على جرائمه، فإن ضحاياه من المفروض أن يحاكموا بتهمة المشاركة فى تسهيل عمليات النصب، وإذا فعلنا مثل هذه العقوبة سيرتدع الناس وسيتعلمون ألا يسلمون أموالهم للنصابين ثم يولولون على أبواب أقسام الشرطة.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة