أسرار مصر القديمة

تاريخ نشأة كتابة السيرة الذاتية.. "دبحن" أول من دونها وهكذا تطورت

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2018 10:00 م
تاريخ نشأة كتابة السيرة الذاتية.. "دبحن" أول من دونها وهكذا تطورت المصريين القدماء
كتب أحمد منصور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

السيرة الذاتية.. فن من فنون الكتابة، التى تستهوى شريحة كبيرة من القراء، والصحفيين، وبخاصة سير رجال الحكم والسياسة، وكذلك الفن والثقافة والأدب، إلا أن أحدا – ربما – لم يسأل نفسه، عن ولادة هذا النوع الأدبى من الكتابة، ولمن لا يعرف فإن فن كتابة السيرة الذاتية، وجد منذ الحضارة المصرية القديمة، ولهذا فإن السؤال الذى يطرح نفسه: من هو أول من كتب سيرته الذاتية من المصريين القدماء؟ وما هى الأسباب التى جعلت الفرعون المصرى القديم لكتابة سيرته الذاتية؟

هذه التساؤلات يجيب عليها الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار- مكتبة الإسكندرية، حيث أوضح لـ"اليوم السابع" أن الفراعنة كتبوا سيرهم الذاتية بداية من عصر الدولة القديمة إلى العصر اليونانى – الرومانى على أسطح التماثيل واللوحات وجدران المقابر والمعابد والتوابيت والصخور، وجذور السير عميقة فى التاريخ المصرى القديم وربما تعود إلى لوحات الأسرة الأولى التى حمل أصحابها العديد من الألقاب مرورًا بلوحات حسى رع الخشبية من الأسرة الثالثة وصولاً إلى سيرة متن فى بداية الأسرة الرابعة.

وعن أول من كتب سيرته الذاتية من المصريين القدماء، أوضح الدكتور حسين عبد البصير، أن أول سيرة تقدم لنا نوعًا من الفن القصصى هى سيرة "دبحن" من نهاية الأسرة الرابعة، وفى الأسرة الخامسة، يخبرنا صاحب السيرة كثيرًا عن نفسه.

وتابع مدير متحف آثار الإسكندرية، يمكن تقسيم هذا النوع من السير إلى نوعين: "سير مثالية" تتفق كلية مع مفهوم "ماعت" الأخلاقى، وتقدم صاحبها بجمل تقليدية طويلة تعنى بإظهاره كشخص مثالى، والنوع الثانى يسمى "سيرة ذات حدث" ويصف خبرات صاحب السيرة والحدث (الأحداث) التى مر بها فى حياته خصوصًا الوظيفية، ومن خلالها يمكن استنتاج التاريخ.

وأشار الدكتور حسين عبد البصير، إلى أن منذ نهاية الأسرة الخامسة، بدأت السير تقدم حياة أصحابها الوظيفية بتفاصيل عديدة مثل عهود الملوك الذين خدموهم ويطلق عليها "سير الوظيفة"، واستمرت فى الأسرة السادسة. وأكدت سير الأسرة الخامسة على العلاقة المتفاعلة بين الملك والنبيل صاحب السيرة، على عكس سير الأسرة السادسة التى ركزت على أعمال أصحابها وكانت خير مقدمة لسير عصر الانتقال الأول. وعبرت سير عصر الانتقال الأول عن التشرذم السياسى الذى مرت به مصر فى تلك الفترة العصيبة من تاريخها القديم.

ومع توحيد البلاد فى عصر الدولة الوسطى، ظهرت روح جديدة فى السير تستند إلى القيم الأخلاقية، وفى عصر الدولة الحديثة امتلأت السير بالأحداث التاريخية نظرًا لفتوحات مصر العسكرية فى الشرق الأدنى القديم وأفريقيا. بينما لم تزدهر السير كثيرًا فى عصر العمارنة. على عكس عصر الرعامسة الذى شهد اهتماما كبيرا بالعقيدة الجنائزية؛ ذلك التوجه الذى يستمر ويزدهر فى سير عصر الانتقال الثالث والعصر المتأخر والعصر اليونانى – الرومانى.

وأضاف مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية، أن السير ركزت على أهم معالم مسيرة المسئولين الوظيفية والمحطات البارزة فى حياتهم. وكتب عدد كبير من الموظفين سيرهم مثل الكهنة ورجال الدين والفنانين والأطباء والوزراء والموظفين المدنيين والعسكريين بدرجاتهم الوظيفية والموظفون الإداريين كالمشرفين على القصر الملكى أو الحدود المصرية أو بلاد النوبة، وتنوعت درجات وأطياف الموظفين؛ فكان من بينهم موظفون من كبار رجال الدولة وموظفون من درجات وطبقات وظيفية أدنى منهم، غير أن جميعهم انتمى إلى صفوة المجتمع المصرى القديم، ولم تكتب السيرة لغير هذه الطبقة الإدارية الحاكمة، فلم نجد سيرًا تخص عامة الشعب، وكذلك لم تنتشر سير النساء من الطبقة العليا إلا فى العصر المتأخر والعصر اليونانى – الرومانى.

وقال الدكتور حسين عبد البصير، إن السير الذاتية القديمة أظهرت السير الذاتية المسئول بصورة مثالية متوافقة مع أفكار ومعتقدات طبقة النبلاء المصريين، وكان الغرض من كتابة مثل هذه السير إضفاء مسحة من التقوى والورع على صاحبها فى أعين الآلهة وأفراد عائلته ومجتمعه والأجيال التالية؛ وذلك حتى لا تندثر سيرة الموظف وحتى يكون سجل إنجازاته فى الوظيفة والحياة فخرًا له ولعائلته، وحتى يرث أفراد أسرته منصبه من بعده وحتى ينعموا بالامتيازات التى تمتع بها صاحب السيرة فى الحياة الدنيا والتى يأمل أن تستمر بعد وفاته وأن ينعم بحياة أبدية سرمدية فى العالم الآخر وألا تتوقف القرابين المادية من مأكل ومشرب عنه وعن مقبرته. وفى هذه السير، صور الفرد كانعكاس للسياق الثقافى والاجتماعى للمجتمع المصرى القديم. وكنتيجة غير مباشرة، ألقت تلك السير –بشكل عفوى- بأضواء كاشفة على التاريخ الاجتماعى والسياسى والاقتصادى لمصر القديمة.

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة