أكرم القصاص - علا الشافعي

لماذا رفضت باريس انعقاد القمة الأمريكية الروسية على أراضيها؟.. لقاء ترامب وبوتين فى فرنسا يقوض أحلام ماكرون فى قيادة أوروبا خلفا لميركل.. مواقف أمريكا من الاتحاد الأوروبى والناتو تضعها فى كفة "الخصم" مثل موسكو

الأحد، 11 نوفمبر 2018 01:30 ص
لماذا رفضت باريس انعقاد القمة الأمريكية الروسية على أراضيها؟.. لقاء ترامب وبوتين فى فرنسا يقوض أحلام ماكرون فى قيادة أوروبا خلفا لميركل.. مواقف أمريكا من الاتحاد الأوروبى والناتو تضعها فى كفة "الخصم" مثل موسكو إيمانويل ماكرون
كتب - بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الموقف الفرنسى تجاه اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ونظيره الروسى فلاديمير بوتين شهد تغييرا كبيرا، فبعد الإعلان عن القمة، فى أكتوبر الماضى، تدخل قصر الإليزيه مؤخرا للإعلان عن أن اللقاء سيكون قصيرا على هامش غذاء عمل، ليتم تأجيل القمة الفعلية إلى أواخر الشهر الجارى، بعد تغيير وجهتها لتصبح فى العاصمة الأرجنتينية بيونيس آيرس، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول الأسباب التى دفعت القيادة الفرنسية لاتخاذ مثل هذا الموقف.

ولعل اختيار موقع اللقاء بين الخصوم، على غرار الولايات المتحدة وروسيا، يمثل فى ذاته أهمية كبيرة ولو على المستوى الرمزى، حيث دائما ما تحرص زعماء الدول أطراف مثل هذه القمم على اختيار مكان انعقاد اللقاء فى الدول التى تتسم بحيادها تجاه كل منهما، والتى تحظى بعلاقات طيبة مع كلا الطرفين، وهو الأمر الذى بدا واضحا فى اللقاء السابق الذى جمع ترامب ببوتين فى العاصمة الفنلندية هلسنكى، وكذلك لقاء الرئيس الأمريكى مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون فى سنغافورة، وبالتالى فإن الموقف الفرنسى من القمة التى كان من المقرر أن تجرى على أراضيها يحمل فى طياته رسائل دولية تبدو فى غاية الأهمية.

مؤامرة روسية أمريكية.. الموقف من أوروبا لا يروق لفرنسا

وبالنظر إلى العلاقات بين فرنسا من جانب وكل من الولايات المتحدة أو روسيا من جانب آخر، نجد أن مواقف كل البلدين تجاه العديد من القضايا الدولية لا تروق للإدارة الحاكمة فى باريس، وعلى رأسهما عدائهما المشترك للاتحاد الأوروبى، وسعيهما المشترك، وربما مؤامرتهما، لتقوية شوكة اليمين المتطرف، فى دول القارة العجوز، وهو الأمر الذى يبدو مناوئا لتوجهات الرئيس الفرنسى، والذى يكرس جهودا كبيرة فى المرحلة الحالية لاستعادة نفوذ بلاده كقوى قيادية فى القارة خلفا للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

ويمثل خفوت نجم ميركل فى الداخل الألمانى، وقرارها الأخير بالتنحى عن رئاسة حزبها، بعد تنامى التحديات الكبيرة التى تواجهها جراء الرفض الكبير بين الألمان لسياساتها المتعلقة بالهجرة، وما ترتب على ذلك من صعود التيارات اليمينية المتطرفة فى الداخل الألمانى، بمثابة فرصة كبيرة للرئيس الفرنسى لتحقيق الحلم الذى وضعه على رأس أولوياته منذ دخوله إلى قصر الإليزيه فى العام الماضى، فى قيادة أوروبا، حيث تبنى خطابا داعيا للإصلاح داخل الاتحاد الأوروبى، محذرا من التحديات الكبيرة التى تواجه الكيان الأوروبى المشترك جراء تغير المعطيات الدولية.

منقذ أوروبا.. ماكرون يسعى لعسكرة أوروبا خوفا من ترامب

وتعد الدعوة التى تبناها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، منذ بداية صعوده إلى رأس السلطة فى باريس، لإنشاء جيش أوروبى مشترك بمثابة محاولة جديدة ليضع نفسه فى صورة المنقذ للقارة العجوز فى مواجهة التحديات الكبيرة التى تواجهها، خاصة منذ وصول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض فى شهر يناير من العام الماضى، حيث تبنت الولايات المتحدة خطابا مختلفا تجاه حلفائها من دول المعسكر الغربى، ليس فقط بسبب حرمانهم من المزايا التجارية التى كانوا يتمتعون بها لعقود سابقة، وإنما امتد الخطاب الأمريكى فى حدته إلى الجانب الأمنى، وهو ما بدا واضحا فى التلويح الأمريكى المتواتر بالتنصل من الالتزامات الأمنية تجاه أوروبا، والتهديد المتواصل بالانسحاب من حلف الناتو.

 

وهنا يبدو الموقف الفرنسى متشككا للغاية تجاه النوايا القائد التاريخى للمعسكر الغربى، خاصة وأن الحديث عن فكرة انسحاب الولايات المتحدة من حلف الناتو، والذى يحمل قيمة رمزية كبيرة بالنسبة للخصم الروسى ربما تعادل قيمته الأمنية، يعد أمرا غير مسبوق بين كافة رؤساء الولايات المتحدة على مدى عقود طويلة من الزمن، خاصة وأن الناتو وتوسعاته تمثل أحد وسائل الردع الغربية التى طالما استخدمها الغرب لتطويق النفوذ الروسى فى مناطق تنظر إليها موسكو باعتبارها عمقا استراتيجيا لها، إلى جانب كونها محيطها الجغرافى.

 

انعقاد القمة يقوض جهود ماكرون لقيادة أوروبا

 

وربما تجلت اللهجة العدائية الفرنسية واضحة، فى دعوة ماكرون، التى كررها مؤخرا، حول الحاجة لتأسيس جيش أوروبى مشترك فى المرحلة الراهنة، حيث أكد أن الهدف من مثل هذه الخطوة هو حماية القارة من قوى أخرى، على رأسها روسيا والصين والولايات المتحدة، وهو ما يعنى أن القيادة الفرنسية أصبحت تضع واشنطن وموسكو فى كفة واحدة، وهو ما يمثل نقطة فارقة فى الخطاب الذى تتبناه باريس تجاه أمريكا، خاصة إذا ما وضعنا فى الاعتبار الخصومة التاريخية بين الغرب الأوروبى وموسكو.

 

وهنا تصبح القمة الأمريكية الروسية هى بمثابة لقاء بين "خصوم" أوروبا الموحدة، من وجهة النظر الفرنسية، وبالتالى فإن انعقادها على الأراضى الفرنسية يمثل صفعة قوية للجهود الحثيثة التى يبذلها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون من أجل قيادة القارة العجوز، وربما يدحض مصداقية الدعوات التى تبناها مؤخرا، والتى دارت معظمها حول ضرورة الالتفاف لحماية أوروبا، وهو الأمر الذى يتهدد بقوة فى ظل أى تقارب بين موسكو وواشنطن، خاصة مع استهدافهما الحالى للكيان الأوروبى المشترك.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة