سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 11 نوفمبر 1997.. وفاة سعدالدين وهبة.. مبدع الكتابة والقيادة الذى اعتبرته إسرائيل عقبة فى طريق التطبيع

الأحد، 11 نوفمبر 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 11 نوفمبر 1997.. وفاة سعدالدين وهبة.. مبدع الكتابة والقيادة الذى اعتبرته إسرائيل عقبة فى طريق التطبيع سعد الدين وهبة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تتذكر الفنانة سميحة أيوب، أنها كانت مع زوجها الكاتب سعدالدين وهبة فى ألمانيا، وتعرض لأزمة صحية عنيفة دخل على أثرها مستشفى بمدينة «فانجن» الألمانية القريبة من ميونيخ، وتضيف لمجلة الجزيرة الأسبوعية السعودية «15 مارس- 2005»: «اشتبه الأطباء فى وجود ورم بالرئة اليسرى يصعب معه التنفس بصورة طبيعية، وعدنا للقاهرة ثم سافرنا لباريس للعلاج على نفقة الدولة بقرار من رئيس الوزراء، وبعد رحلة علاج استمرت 6 أسابيع عدنا، ومارس حياته بشكل طبيعى إلى حد ما، بالذهاب إلى اتحاد الفنانين العرب «كان رئيسه»، حيث اقتصر عمله على المتابعة التليفونية لسير العمل الخاص بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الحادية والعشرين، وأصر على حضور المؤتمر الصحفى للمهرجان، وكأنه أراد أن يودع أكبر عدد من محبيه وزملائه، وكنت معه فى المؤتمر يمسك بيدى، ثم ودع عالمنا يوم 11 نوفمبر «مثل هذا اليوم عام 1997 قبل افتتاح المهرجان».. كان عمره وقت رحيله 72 عاما «مواليد 4 فبراير عام 1925 بقرية دميرة مركز طلخا بمحافظة الدقهلية».
 
يتذكر الناقد رجاء النقاش فى كتابه «رجال من بلادى»، أنه اتصل به قبل وفاته بأيام «فجاءنى صوته ضعيفا فيه كبرياء وألم مكتوم، وأحسست بأن صوته يحمل نوعا من العتاب على الحياة التى أوشكت أن تخذله فى موسم من أعز مواسم نشاطه وحيويته وهو موسم «مهرجان السينما»، الذى جعل منه عيدا سنويا للثقافة والفكر والسياسة والأفراح العامة التى تملأ القاهرة.. قلت له فى حديثنا التيلفونى: «حاول ألا تتعب نفسك وأن تستريح بقدر ما تستطيع فكلنا بحاجة إليك وكلنا يدعو لك من قلوبنا صادقين».. والحق أننى لم أكن أتصور أنها النهاية، وأنه لم يبق له فى دنيانا سوى بضعة أيام، فسعد وهبة له فى نفسى صورة الشلال المتدفق بالقوة والحيوية والاندفاع الشديد، فكيف تعجز هذه القوة والحيوية أمام أول مرض جدى يتعرض له؟.. عرفته واقتربت منه خلال أربعين سنة متصلة، لم أره يوما يشكو من مرض حقيقى، ولم أجده يوما يحنى قامته الممدودوة والمشدودة أمام أى نوع من الألم أو الشعور بالهزيمة.. كان عندى يقين أنه سوف ينتصر على مرضه، وسينجو منه كما تعود دائما مع أزمات كثيرة».
 
بوصف النقاش: «كان متعدد المواهب، فإذا ضاق به مجال وجد ألف مجال آخر ينبغ فيه ويعمل بكفاءة ونجاح».. كان إبداعه فى الكتابة الأدبية متعددا، ووفقا لأمير أباظة فى «سعدالدين وهبة عاشق المحروسة- القاهرة- 9 فبراير 2010»: «عرضت مسرحيته «المحروسة» على المسرح القومى فى ديسمبر 1961، وبلغت مسرحياته ثلاث عشرة مسرحية كاملة، وفى عام 1980 صدرت مجموعة مسرحياته ذات الفصل الواحد بعنوان «الوزير شال التلاجة» ومسرحيات أخرى.. وتحتل الكتابة السينمائية رغم قلة عددها مكانة متميزة فى تاريخ السينما المصرية والعربية، وتنوعت مساهماته بين كتابة القصة السينمائية أو السيناريو والحوار، وتميزت جميعها بالجدية والأصالة وارتفاع المستوى الفنى والفكرى، وأفلامه فى السيناريو والحوار هى.. «زقاق المدق، عروس النيل، أدهم الشرقاوى، الحرام، مراتى مدير عام، الزوجة الثانية، أرض النفاق، أبى فوق الشجرة، شقة مفروشة للإيجار، سوق الحريم، شباب فى العاصفة، أريد حلا، آه يا بلد».. واختير أربعة منها ضمن أهم مائة فيلم فى تاريخ السينما المصرية فى القرن العشرين».
 
كان موهوبا فى القيادة، وحسب «النقاش»: «لوكان هناك قرار بوضع سعد وهبة على رصيف أى شارع فى مصر بلا أى أدوات ولا أى إمكانات، لتحول هذا الرصيف على يديه إلى مؤسسة ثقافية ناجحة، لأنه لم يكن يعرف النوم والكسل أو الخمول أوالخيال المحدود، وكان قادرا على أن يحيل أى خرابة إلى حديقة مزدهرة، وكانت لديه قدرة عجيبة على العمل المنتج فى أسوأ الظروف أوأسوأ الأمكنة وأسوأ الأحوال، وكان قادرا على أن يجعل من ذلك كله أشياء جميلة، يتجمع حولها الناس، يعملون فيها، ويعطون لها قيمة وأهمية».
 
«اعتبرته إسرائيل عقبة فى طريق التطبيع» طبقا لتأكيد الأمير أباظة، وكان من الرموز الكبار فيها كمعركة وطنية، وجعل من مهرجان القاهرة السينمائى منذ رئاسته له عام 1986 وحتى رحيله منبرا ناطقا بها وساطعا فى سمائها، وظلت كلمته فى افتتاح المهرجان سنويا مناسبة لتجديد العهد بالاستمرار فيها، ووفقا للنقاش: «كان يعشق شخصية عبدالناصر، ويرى فيها مثلا أعلى للرجولة والوطنية والكرامة العامة ومحبة الشعب والانحياز الكامل للملايين من الغلابة، وهم الذين يمثلون الأغلبية المطحونة من أبناء مصر على مر العصور.. وكان عاشقا لمصر، ولكنه كان عربيا بصورة رائعة فى نفس الوقت، فإن ضاقت به مصر طار بجناحين قويين إلى أرض عربية أخرى، ولم يشعر أبدا بأن الدنيا قد انسدت فى وجهه، كان دائما قريبا من السلطة، لكن السلطة لم تعطه ثقتها النهائية فى أى عصر من العصور».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة