قبل بضعة أعوام كان الحديث يجرى عن صعود اليمين فى بعض دول العالم، خاصة مع ظهور تيارات اليمين المتطرف الشعبوية التى تعتمد على إثارة مشاعر الخوف والكراهية لدى الجماهير من أجل الوصول إلى السلطة، لكن الآن أصبحت أجراس الإنذار تدق بقوة بعد سيطرة اليمين بالفعل على العديد من الدول بعضها كبرى اقتصاديا وذات ثقل سياسى على الأقل فى المنطقة التى تنتمى إليها.
وكانت البرازيل، رأبع أكبر الدول الديمقراطية فى العالم، قد أصبحت أحدث المنضمين إلى قائمة مفتوحة للدول التى باتت حكم اليمين، وذللك بعد انتخاب جار بولسونارو رئيس لها، فيما وُصف بأنه أكبر تحول سياسى يشهده البلد اللاتينى منذ نهاية الديكاتاتوريات العسكرية فى زمن الحرب الباردة. ويأتى هذا الفوز ليمثل تغير جوهريا بعد أن سيطر حزب العمال اليسارى على البلاد على مدار أغلب السنوات الخمسة عشر الماضية.
وتبنى بولسونارو نهجا أشبه بما تبناه الرئيس الأمريكى فى حملته الانتخابية مما جعل البعض يصفه بترامب البرزايلى، اعتمد فيها على السوشيال ميديا للتواصل مع الجماهير وتعهد بالقضاء على فساد النخبة السياسية فى البلاد، وهى القضية الأهم فى البرازيل فى الوقت الراهن.
وقبل وصول قطار اليمين إلى البرازيل، مر على كولومبيا، الجارة اللاتينية لريودى جانيرو، حيث فاز اليمينى المتشدد إيفان دوكى فى انتخابات الرئاسة التى أجريت فى يونيو الماضى على منافسه اليسارى جوستافاو بيترو، فيما وصف بالانتخابات التاريخية لأن نتيجتها لها تأثير على اتفاق السلام الذى تم توقيعه مع حركة فارك الانفصالية، حيث تعهد دوكى بإجراء تعديلات على نص الاتفاق الذى جاء بعد أكثر من نصف قرن من المواجهات المسلحة الدامية الذى رأى أنه متساهل جدا. ويقضى الاتفاق بتسليم المتمردين أسلحتهم وتحويل حركة القوات الثورية المسلحة الكولومبية إلى حزب سياسى.
ومن أمريكا الجنوبية إلى الشمالية، حيث ألحق دونال ترامب الولايات المتحدة بمصاف الدول التى يعلو فيها صوت اليمين، حتى وإن لم يكن النهج الرسمى للبلاد، فقد طغت التوجهات اليمينة لترامب على السياسة الداخلية والخارجية لواشنطن وتجلى ذلك فى موقفه شديد العداء للمهاجرين وتبنيه خطابا شعبويا زادت حدته قبيل انتخابات الكونجرس الأخيرة، وانسحابه من الاتفاقيات الرئيسة التى وقعها سابقه ولاسيما الاتفاق النووى الإيرانى.
وفى أوروبا، كان صعود اليمين أكثر قوة ووضوحا، لاسيما بعد أزمة اللاجئين التى واجهت القارة العجوز فى السنوات الماضية والتى كانت سببا فى زيادة العداء للهجرة وتبلور هذا بشكل أوضح عقب تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبى فيما يعرف باسم البريكست.
ودخلت العديد من الدول تحت جناح أحزاب اليمين المتطرف مثلما هو الحال فى النمسا التى تتكون حكومتها الائتلافية من اليمين ممثلا فى حزب الشعب المحافظ واليمين المتطرف ممثلا فى حزب الحرية المتشدد، وتولى الأخير الذى أسسه قادة نازيون سابقون ثلاث وزارات سيادية فيها هى الخارجية والدفاع والداخلية. ويتولى منصب المستشار، وهو المنصب السياسى الأول فى النمسا، سابستيان كورتز اليمينى الذى يعد من أصغر قادة العالم سنا ويبلغ من العمر 33 عاما فقط.
وفى المجر عزز اليمين سلطته فى إبريل الماضى بعد فوز حزب "فيدس" الذى ينتمى إليه رئيس الوزراء فيكتور أوربان بولاية ثالثة. ويعتبر أوربان أحد أقوى الأصوات المعادية للهجرة فى أوروبا وتتبنى بلاده سياسات متشددة للغاية إزاء المهاجرين ورفض استقبالهم.
وأخيرا فى إيطاليا، كان فوز التحالف اليمينى بزعامة حزب الرابطة المتشدد وحركة النجوم الخمس المعارضة لمؤسسات الدولة بمثابة صدمة فى هذا البلد الكبير، وإن كانت التوقعات تشير إلى هذا الفوز، وتشكلت حكومة شعبوية برئاسة جوزيبى كونتى، وكانت حركة النجوم الخمس وحزب الرايبطة قد قدموا برنامجا لمعالجة أزمة الهجرة تضمن تسريع إجراءات اللجوء وترحيل من يتمم رفض طلباتهم عدم قبول القادمين من دول آمنة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة