أكرم القصاص

ميركل.. اعتزال «الأم البراجماتية»

الخميس، 01 نوفمبر 2018 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد أقل من عام على فوزها بالولاية الرابعة للمستشارية الألمانية، أعلنت آنجيلا ميركل عن نيتها فى عدم الترشح فى انتخابات 2021، والتخلى عن رئاسة الحزب المسيحى، مع توقعات بألا تكمل مدتها حتى نهاية الفترة.ولاشك أن انسحاب آنجيلا ميركل يؤثر فى مستقبل ألمانيا وأوروبا أيضًا، فهذه الزعيمة البراجماتية بمظهرها وملابسها المتواضعة أقوى زعماء أوروبا والعالم، وكانت «أقوى امرأة فى العالم» باستطلاعات عام 2011، و أنصارها يرون أنها الحصن الأخير فى مواجهة صعود اليمين و«ضمان استقرار فى مرحلة اضطراب». لكن رهانهم على مواجهة زحف اليمين المتطرف و«أشباح النازى» لم ينجح تمامًا، فقد فازت ميركل فى الخريف الماضى وسط صعود لليمين، ومع مزيد من الخسائر أعلنت الاعتزال. وهى توجه نصائح إلى حزبها ومنافسيها الاشتراكيين أن يحاولوا استعادة المبادرة، إذا كانوا حريصين على عدم خسارة الوضع.
 
ولا يمثل إعلان ميركل مفاجأة، وهناك آراء طالبتها بعدم الترشح فى الانتخابات الأخيرة، التى شهدت أقوى صعود لليمين الشعبوى، حيث حقق الحزبان المحافظان الحاكمان الاتحاد المسيحى الديمقراطى، والاتحاد المسيحى الاجتماعى 33%، بينما حصل حزب البديل لألمانيا اليمينى القومى المتشدد على 13%، وجاء فى المركز الثالث بعد الحزب الاشتراكى الديمقراطى، فى أسوأ نتائجه منذ الحرب العالمية الثانية. وجرت العادة أن يتبادل المحافظون والاشتراكيون السلطة فى ألمانيا حيث جاءت ميركل فى مواجهة جيرهارد شرودر الاشتراكى. وبالتالى كان إعلان ميركل الانسحاب متوقعًا له الانتخابات الأخيرة.
 
إعلان ميركل الانسحاب فتح الباب لرسم تصورات لمستقبل ألمانيا وأوروبا ومستقبل المحافظين والاشتراكيين فى ظل زحف كبير لليمين القومى، وتأثيره على الاتحاد الأوروبى، حيث يشجع حزب البديل انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبى ويعادى اللاجئين والأجانب عمومًا.
 
ولهذا تظل آنجيلا ميركل إحدى علامات السياسة فى القرن الواحد والعشرين، حيث قدمت تجربة غنية كأول امرأة تتولى المستشارية فى ألمانيا، وأيضًا أول مستشار من ألمانيا الشرقية، وكانت أستاذة الفيزياء بدأت مسيرتها نحو السياسة بعد سقوط سور برلين 1989. 
 
ميركل التى تقود أقوى اقتصاد فى أوروبا تحتفظ بمظهر متواضع ميزها عن غيرها من قادة العالم، تظهر بنفس الملابس على مدى سنوات، كما أنها تسكن فى شقة متواضعة بوسط برلين، وتقف فى طوابير السوبر ماركت المخفض، ومع هذا تجبر حكومتها وشركاءها على التقشف وفرض سياسات اقتصادية صعبة، وهو شكل منح ميركل قوة إضافية طوال فتراتها الأربع كمستشارة، ضربت المثل فى البقاء بالسلطة منافسة أستاذها هيلموت كول، بخليط من البراجماتية والقوة، وجنبت القوة الاقتصادية لألمانيا الألمان أعباء وتعثرات اقتصادية تعانى منها شعوب أخرى داخل الاتحاد الأوروبى. لكنها دفعت ثمن فتح الحدود للاجئين متحدية قطاعات من الناخبين الألمان. واستغلها حزب البديل من أجل ألمانيا، اليمينى الشعبوى، تذمر قطاع عريض من الألمان من سياسة اللجوء، ليحقق النجاح فى ولايات الشرق ويدخل البرلمان الألمانى «بوندستاج» فى انتخابات خريف 2017 لأول مرة فى تاريخه. وفى 2018 بدأ يفوز فى جميع برلمانات الولايات التى أجريت فيها انتخابات وبنسب مرتفعة. 
 
وعندما أعلنت ميركل نيتها عدم الترشح، قالت «لقد قلت مرة إننى لم أولد كمستشارة ولم أنس هذه المقولة أبدًا»، لتترك مكانها بينما تواجه ألمانيا وأوروبا أوقاتا صعبة. 
 
تظل ميركل مثالًا على الدأب والطموح، والتعامل بسياسات مختلطة فى أوقات صعبة، وبينما حصلت على لقب «ميركافيللى»، وهو خلط بين اسمها واسم ميكافيلى فيما يتعلق ببراجماتيتها السياسية، وحصلت على لقب «الأم» بسياساتها المدافعة عن استقبال اللاجئين.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة