أكرم القصاص

التاريخ والوثائق الناقصة.. حرب على ذاكرة الأجيال

الثلاثاء، 09 أكتوبر 2018 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وإذا كنا نتحدث عن أهمية توثيق تاريخنا السياسى، والأهم والعسكرى، فكل هذا لأننا أصبحنا نعتمد بدرجة أكبر على مصادر أجنبية بصرف النظر عن مدى مصداقيتها أو صحتها، وكل من يحاول البحث فى الأحداث التاريخية سوف يجد أنه مضطر للتفتيش فى مكتبات كبرى فى الولايات المتحدة أو بريطانيا. وأهم مصادر يمكن الإطلاع عليها فيما يتعلق بالحرب والتفاوض والمباحثات السرية والعلنية، هى فى الأصل مصادر أمريكية وأوربية عموما. باستثناء مذكرات للقادة والضباط وبعضها بمبادرات شخصية صدرت فى أعقاب الحرب، وبالتالى ينقصها الكثير من التفاصيل.
وربما يتساءل البعض عن السبب وراء وجود أشكال من الجدل والمعارك السطحية فى التاريخ الحديث، بينما هؤلاء يخضعون لبث من مصادر خارجية، ولا يجدوا ما يكفى من مصادر محلية.
وإذا نظرنا إلى الجانب الآخر إسرائيل نكتشف مئات التقارير والكتب والأفلام الوثائقية والبرامج تقدم شهادات أوراق وتفاصيل مختلفة، وهناك مراكز دراسات وأبحاث تتعامل مع الأحداث بالتحليل والشرح وبعضها يتعامل بدرجة من الصراحة تصل لانتقاد الأخطاء، السياسية، لكنها فى الوقت نفسه تحرص على حماية الأسرار العسكرية، ولا تخلو من وجهات نظر متعددة، لكن أغلب هذه الكتب والأبحاث فى النهاية تسعى لفرض وجهة نظر، وعلى سبيل المثال وبينما تم اختصار الثغرة فى الخلاف بين الرئيس السادات والفريق سعد الدين الشاذلى، فإن الإسرائيليين حاولوا أن يضخموا من الثغرة ليصوروها كأنها انتصار كبير، وبينما نجد مناقشات سطحية واستقطاب ساذج حول الحرب، وكأننا فى مدرجات كرة وليس فى تقييم حدث سياسى وعسكرى ضخم، ولا يخلو الكثير مما يدور من مغالطات، تبدو نتيجة طبيعية لنقص المصادر المصرية مقابل المصادر الأجنبية.
على جانب آخر فإن مفاوضات وقف إطلاق النار بعد حرب أكتوبر والتى كانت ذات طابع سياسى أكثر منه عسكرى فهذه المفاوضات لا تتوفر حولها الكثير من التفاصيل باستثناء ما ذكره المشير الجمسى أو بعض قادة المرحلة، بينما هناك سيل من التقارير والأوراق نشرها الإسرائيليون والأمريكان، وبالطبع فهى تحمل وجهات نظر الآخرين أو قد تتضمن حذفا أو إضافة بشكل احترافى.
ومن المفارقات أننا نختلف حول روايات لتواريخ وأحداث قريبة دارت خلال سبع سنوات، فمال بالنا بأحدث تمتد إلى 45 عاما أو أكثر وتخلو من أوراق أو تفاصيل يمكن الاعتماد عليها. لقد كانت هناك مطالب عن أهمية تنظيم عملية نشر الوثائق والمعلومات، وهذا ليس فقط من أجل الصحافة وإنما من أجل الذاكرة والبحث والتحليل الذى يقوم عليه التاريخ، وكما أشرنا ففى عصر المعلومات المزدحم والمعقد يبدو المحتوى العربى عموما والمصرى قليل مقارنة بالمحتويات المختلفة، أو التى تعتمد على مصادر إسرائيلية أو أمريكية، بناء على قوانين إطلاق الوثائق والمعلومات فى هذه الدول، والأخطر أن أغلب الأفلام الوثائقية عن حرب أكتوبر وغيرها، ليست مصرية ولا تعتمد على مصادر حية، وإنما إعادة إنتاج لوجهات نظر الآخرين، وهى التى تؤدى لسوء الفهم.
يضاف إلى ذلك أن جزءا من أسباب تفشى السطحية فى جدل السياسة والتاريخ هو الاعتماد على مصادر خارجية لكل منها وجهة نظرة، ولهذا تظل أهمية نشر الأوراق والوثائق الخام، فى أنها تساعد على فهم وتفسير ما يجرى فى الماضى تمهيدا للمستقبل، إنها حرب على ذاكرة الأجيال تحتاج إلى قواعد تنظيم حق الاطلاع على الوثائق.









مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

طارق

سياسة التعتيم و "خلى الطابق مستور"

سيظل الجدل قائماً حتى تتخلى الدولة عن سياسة التعتيم و"خللى الطابق مستور" وتنشر الوثائق التاريخية للحروب التى خاضتها مصر مع إسرائيل والتى لم تنشرها حتى الآن رغم مرور قرابة نصف قرن بحجة تعودنا عليها وهى " الحفاظ على الأمن القومى وإعتبارات المصلحة العامة".

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة