سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 8 أكتوبر 1958.. ثروت عكاشة يستمع إلى تعيينه وزيرا للثقافة فى نشرة الراديو فى روما ويقرر الحضور للقاهرة للاعتذار لعبدالناصر

الإثنين، 08 أكتوبر 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 8 أكتوبر 1958.. ثروت عكاشة يستمع إلى تعيينه وزيرا للثقافة فى نشرة الراديو فى روما ويقرر الحضور للقاهرة للاعتذار لعبدالناصر الدكتور ثروت عكاشة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان الدكتور ثروت عكاشة برفقة زوجته فى الصفوف الأولى بدار الأوبرا بالعاصمة الإيطالية روما، لمشاهدة حدث فنى فريد «مساء يوم 8 أكتوبر، مثل هذا اليوم عام 1958»، قبل أن يفيق على خبر مهم حسب تأكيده فى الجزء الأول من مذكراته، كان الحدث الفنى هو: «تقديم أوبرا «بوريس جودونوف» لموسورسوكى، بمشاركة المغنى العالمى «بوريس كريستوف»، الذى كان ذكر اسمه يثير بين عشاق الموسيقى وفنون المسرح ثورة من الشوق والفرح الغامرين».
 
يصف «عكاشة» الأثر الذى تركه عرض الأوبرا عليه وزوجته، وكيف أفاق منه: «ظللنا أسرى متعة فياضة حتى ونحن نتناول العشاء، وظلت الألحان تتردد فى وجداننا حتى امتدت يدى إلى مفتاح جهاز الراديو لأستمع كالعادة إلى نشرة أخبار الحادية عشرة من إذاعة القاهرة، فإذا بالخبر الأول يحمل إلينا مفاجأة مذهلة، فقد كانت القاهرة تذيع قرار تشكيل حكومة جديدة تضم بين أعضائها اسمى وزيرا للثقافة «وزارة برئاسة جمال عبدالناصر».. انمحت صور الحفل من فكرى وخمدت ومضاته فجأة، وشملنى قلق غامر، وشرد ذهنى إلى ما ينتظرنى من عمل فى القاهرة».
 
كان «عكاشة» من قيادات تنظيم «الضباط الأحرار» الذى قام بثورة 23 يوليو 1952 وفى سبتمبر عام 1953 سافر إلى سويسرا ليكون ملحقا عسكريا لمصر، وفى 1954 انتقل ملحقا عسكريا فى باريس ومدريد، ومن باريس أرسل إلى الرئيس جمال عبدالناصر خطة العدوان الثلاثى «بريطانيا وفرنسا وإسرائيل» ضد مصر التى بدأ تنفيذها فى 29 أكتوبر 1956، ويذكر «عكاشة» المرحلة التى تلت ذلك قائلا: «كنت إبان السنوات الأربع التى كانت عمر «الثورة» ضابطا بالقوات المسلحة، إلى أن ارتأى جمال عبدالناصر مع قيام نظام «مركزية السلطة» فى يونيو 1956 أنه لابد من إعفاء الضباط الأحرار- وكان عددهم لا يتجاوز التسعين– من الخدمة العسكرية حتى لا يجمعوا بين النقضين: الجندية والسياسة، ثم شاركت فى نظام «مركزية السلطة» فكنت سفيرا فى روما فى الفترة من أكتوبر 1957 حتى أكتوبر 1958، ثم وزيرا للثقافة مرتين، الأولى من أكتوبر 1958 إلى سبتمبر 1962 والثانية من سبتمبر 1966 إلى نوفمبر 1970».
 
يعترف عكاشة بأنه كان قلقا وغير سعيد بالخبر: «برغم إيمانى بالعمل الثقافى إلا أن منصب الوزير ذاته لا مفر من أن يدخلنى فى غمرة المشتغلين بالسياسة، وهم فى كل بلاد العالم وليس فى مصر وحدها رجال ذو استعداد طبيعى وطباع خاصة تمليها عليهم حرفة السياسة، وأنا على طبع مغاير، فحين انضممت إلى الضباط الأحرار كنت أحمل بين جوانحى شعورا عاما لتحرير الوطن والشعب دون تفكير فى أن أزج بنفسى فى غمرة السياسة، ولهذا وبعد نجاح الثورة تنازلت طواعية عن مكانى فى مجلس قيادة الثورة لزميل كريم فاضل، مبتعدا بنفسى عن ثارات السياسة واضعا نصب عينى أن أقدم لوطنى ما تسمح به إمكاناتى، وكان تعطشى إلى المعرفة يجعل الكتاب أقرب رفيق لى كما كان ولعى بالموسيقى يشدنى إلى مواطن النغم، وهكذا كانت هواياتى الفنية تستحوذ على أوقات فراغى فتنأى بى عن أن أشارك فى جلسات الدردشة مما خال البعض معه أن بى تباعدا أو تعاليا، وما كان هذا حقا».
 
تجول عكاشة فى غرفته، محدثا نفسه: «مر فى ذهنى العديد من الخواطر، وأنا أتجول فى غرفتى غاديا رائحا بعد أن أرقنى نبأ تعيينى وزيرا، فاستعصى على النوم بقدر ما غاب الهدوء عن وجدانى، وأخذت أقارن بين رضائى يوم فوجئت بتعيينى سفيرا لمصر فى روما، وبين البلبلة التى اعترتنى لتعيينى وزيرا، ولم يكن الأمر عندى هو مقارنة بين السفارة والوزارة، فالسفير رغم مباهج عمله فى عراقة عاصمة أوربية كروما، لا يعدو أن يكون موظفا محدود الاختصاصات ضيق الدائرة التى يتحرك فيها أو التى يمتد إليها نفوذه، فى حين يملك الوزير صلاحيات كبيرة ويستطيع التأثير فى مجال ينفسح ليشمل الوطن كله، غير أن الأمر كما أتصور كان مناخ العمل هنا وهناك، فلقد كنت أحس وأنا سفير أنى بين مجموعة يسودها التواؤم والتوافق، كلنا نعمل لهدف معين محدد، بينما الأمر سيكون فى الوزارة كما كنت أتخيل على العكس من هذا، إذ كان لابد للوزير من الاضطلاع بمهام أخرى تتصل بالحقل السياسى، وما كنت أحب أن أرتاد هذا الخضم».
 
بعد أن ساد القلق وتزاحمت الخواطر لدى عكاشة، اتخذ قرارا وهو حسب قوله: «انتهيت إلى أنه لابد من أعود إلى مصر قبل مرور أربع وعشرين ساعة ومقابلة الرئيس جمال عبدالناصر».. فماذا دار فى هذه المقابلة؟









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة