وائل السمرى

أطفالنا ضميرنا

الإثنين، 08 أكتوبر 2018 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت أتحدث مع إحدى صديقاتى العربيات حول التطور المذهل الذى تشهده بلادها، وإذا بى أجدها غير مبالية بما أقول غير مستحسنة له، فسألتها عن سبب فتورها فى الحديث فقالت باختصار لأنك لا ترى ما أرى، فلا شىء يحدث فى بلدى سوى التخريب المتعمد لهويتها، ويكفى أن أقول لك إننى حينما سألت إحدى قريباتى التى تبلغ من العمر أربع سنوات عن اسمها قالت لى «اسمى فاطيما» وأنا أعرف أن اسمها فاطمة، وقد نطقت اسمها بلكنة أجنبية لأن فى الحضانة ينادونها هكذا، وكذلك تفعل أمها وأبوها، فأى تطوير هذا الذى يؤدى إلى خلع الإنسان من جذوره؟ وأى تقدم هذا الذى يجعلنا لا نعرف أنفسنا، ولا نتمسك بهويتنا وأصلنا؟
 
كانت كلمات صديقتى مفاجأة بالنسبة لى، ولكنى اندهشت من اندهاشى، كيف لم أدرك ما تقوله من قبل؟ وكيف استسلمت لماكينات الدعاية التى لا تروج إلا لكل ما هو زائف بهذا الشكل؟
 
دارت الأيام وأدركت فداحة الأزمة التى نعيش فيها حينما رزقنى الله بابنى، ويوما بعد يوم أراه يكبر ويتعرف إلى العالم، مستعينا على ذلك بكل وسائل التكنولوجيا التى نستخدها الآن، وفوجئت بهذا الغياب المخجل عن حياة الذى نمارسه يوميا دون أدنى شعور بالعار.
 
ابنى الذى يبلغ من العمر أربع سنوات ونصفا لا يعرف من هو، يتصرف كما يتصرف الأجانب، ينفعل بالأشياء مرددا «واااو» وحينما يعجبه الطعام يقول «أوه سو تيستى» وينادى أصحابه قائلا «هاى جايز» ولا أخفى عليك أنى أجاريه فيما يقول، ربما لكى لا يشعر بفارق الثقافة بيننا، لكنى أحاول بقدر استطاعتى أن أعلمه شيئا عن هويته، أحاول الجلوس معه وعزف بعض الأغانى العربية وترديدها، أحاول تحفيظه ما تيسر من القرآن الكريم، أحاول أن أحكى له بعض القصص التى حفظتها من أمى رحمها الله، أحاول أن أناقشه وأكلمه وأعلمه شيئا عن نفسه وتاريخه ومجتمعه، فماذا يعفل الآخرون؟ لا أعرف.
 
بهذا الذى أفعله مع ابنى، أحاول أن أربى ضميره على فطرته، فأطفالنا هم ضميرنا، وقد وجدنا ما يربى ضمائرنا قديما سواء فى المنزل أو فى المدرسة أو فى التليفزيون، وللأسف لا يجد أطفالنا الآن ما يربى ضمائرهم لأننا غائبون، فهل سنصل إلى اليوم الذى نرى فيها أبناؤنا وهم غرباء عنا لا يربطنا بهم سوى الاسم؟






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة