مرة جديدة يحقق اليمين انتصارا كبيرا، وإن كان متوقعا فى تلك الجولة، ومرة أخرى تثبت السياسات الشعبوية قدرتها على كسب الناخبين الذين سئموا النخب السياسية المعتادة وخطابها البعيد عنهم.
فاستمرارا لموجة اليمين، استطاع جار بولسونارو أن يحدث تغييرا كبيرا بفوزه برئاسة البرازيل، وهو الفوز الذى قالت عنه صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إنه يمثل التحول الأكثر درامية صوب اليمين فى الدولة الأكبر فى أمريكا اللاتينية منذ نهاية الديكتاتوريات العسكرية فى زمن الحرب الباردة.
وقد هزم بولسونارو، المحامى اليمينى والضابط السابق بالجيش، منافسه اليسارى فرناندو حداد فى جولة الإعادة وحصل على 55% من الأصوات، بحسب النتائج الرسمية التى تم إعلانها. ورأت الصحيفة الأمريكية أن هذا الفوز يضيف البرازيل إلى قائمة متنامية من الدول التى حقق القوميون اليمنيون فيها انتصارات فى صناديق الاقتراع بدءا من الولايات المتحدة وحتى المجر.
ولفتت الصحيفة إلى أن بولسونارو أدار حملة اعتمدت على السوشيال ميديا مشابهة لحملة دونالد ترامب، تعهدت بالقضاء على فساد النخب السياسية ومحاربة الجريمة بقبضة حديديةـ وهاجم معارضيه وأثار الاستقطاب فى البلاد بتاريخه المسىء للنساء والمثليين والأقليات.
لكن البعض يصف بولسونارو بأنه أكثر خطرا من ترامب، ويرون أن فوزه سيجعل بلاده التى تعد رابع أكبر ديمقراطية فى العالم فى خطر، لاسيما وأنه كان مؤيدا للحكم الديكتاتورى السابق فى بلاده فى فترة السبعينيات وبداية الثمانينات، فى حين أن الرئيس الأمريكى ترامب، الذى تتم مقارنته به ومهما كانت اتجاهاته يظل يعمل فى إطار سياسة ومنظمة متكاملة.
وتقول "واشنطن بوست"، إن انتخابات البرازيل حدثت فى الوقت الذى انهار فيه الإيمان بالطبقة السياسية الملوثة بالفساد فى البلاد، بينما تداعى الاقتصاد وزادت عمليات القتل مما جعل البرازيلين يشعرون بأنهم محاصرون. وكان حداد اليسارى قد خاض الحملة إلى حد كبير كبديل للرئيس السابق ذى الشعبية لولا دا سيلفا، الذى لم يسمح له بالترشح لسجنه فى اتهامات فسادن وحصل حداد على 45% فقط من الأصوات.
ويمثل فوز بولسونارو تحولا جوهريا للبرازيل الدولة التى سيطر عليها حزب العمال اليسارى على مدار أغلب السنوات الـ 15 الماضية. فقد كان الرئيس المنتخب مدافعا بقوة عن الديكتاتورية التى حكمت البلاد منذ عام 1964 حتى عام 1985. ووصف نفسه بأنه من خارج الطبقة السياسية رغم أنه كان نائبا فى الكونجرس البرازيلى لسبع فترات.
ومن تصريحاته المثيرة للجدل قوله إن "سياسية" كانت قبيحة جدا لدرجة لا يمكن معها اغتصابها، وقوله أيضا أن يكون له ابن ميت خير من أن يكون له ابن مثلى. وفى العام الماضى، أشار إلى بعض أحفاد العبيد الأفارقة بأنهم سمينون وكسالى.
لكن فى خطاب حملته الانتخابية، تبنى بولسونارو نهجا أكثر انفتاحا، ودعا إلى الوحدة فى البلاد، وقال: سنوحد هذا الشعب، سنوحد البيض والسود والمثليين وغيرهم من فئات الشعب وسنوحد الرؤساء والعاملين ولن نزرع بذور الخلاف بينهم".
وعلى الرغم من أن تعهد بمحاربة الفساد، إلا أنه لم يكن بعيدا عنه تماما. فبحسب ما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى"، فأن زوجته الحالية ميشيل، وهى الزوجة الثالثة له وأم ابنته الخامسة لورا، ترقت فى عملها الذى بدأته كسكرتيرة بطريقة غير قانونية وحصلت على أجر مضاعف بشكل غير قانونى عندما كان زوجها عضوا فى الكونجرس. وقالت المحكمة العليا إن عليها أن يطلقها لو أرادت أن تستمر فىى عملها لأن ذلك يعتبر محاباة، لكن رفض ذلك ويعيش الزوجان حاليا فى حى الأثرياء بمدينة ريو دى جانيرو.