أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 أكتوبر 1891.. قاسم أمين يبدأ التحقيق مع عبد الله نديم فى «نيابة طنطا» ويتحمل مصاريف إعاشته.. ويؤكد له: أنت حر فى كلامك فقل ما شئت

الأربعاء، 03 أكتوبر 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 أكتوبر 1891.. قاسم أمين يبدأ التحقيق مع عبد الله نديم فى «نيابة طنطا» ويتحمل مصاريف إعاشته.. ويؤكد له: أنت حر فى كلامك فقل ما شئت قاسم أمين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استعان وكيل حكمدار الغربية بحسن الفرارجى ليدله على بيت «إبراهيم الشهاوى» الذى هو فى الحقيقة «عبد الله نديم»، بعد أن أنكر عمدة قرية الجميزة وجود هذا الاسم فى قريته.
 
كان «الفرارجى» هو الذى وشى بنديم «راجع – ذات يوم 3 أكتوبر 2018»، ويذكر الدكتور على الحديدى فى كتابه «عبد الله النديم–خطيب الوطنية»: «أحس النديم بالحركة غير العادية خارج الدار فأوجس فى نفسه خيفة، وأراد الانتقال إلى دار أخرى، وحين صعد إلى سطح المنزل صوب إليه الجنود بنادقهم من الدور المجاورة، وتيقن أنه مقبوض عليه لا محالة فعاد أدراجه، ونزل وفتح باب الدار، وواجه البوليس فى جلد وشجاعة وسلم نفسه».
 
يشيد «نديم» بوكيل الحكمدار، مشيرا فى العدد الأول من مجلته «الأستاذ، 24 أغسطس 1892» إلى أن الحكومة لم تبعث رجلا فظا للقبض عليه، ويقول «بعثت رجلا مهذبا هو محمد أفندى فريد وكيل حكمدارية الغربية، فاشتد فى أول الأمر، وأراد أن يكتفنى فلما ذكرته بأنى مذنب سياسى ولا مجرم جنائى انصاع لأفكارى، وتلطف بى وتساهل معى، ومكننى من دخول البيت لألبس ثيابى، وأوصى أهل البيت بما يفعلونه بعد توجهى، وعندما وصلت معه إلى مركز السنطة لم يضعنى فى السجن، بل وضعنى فى محل العساكر، وفرش لى كبود عسكرى، وأمر لى بماء أتوضأ لأصلى العشاء ثم أخذ خادمى واستنطقه وحده بما اضطره للإقرار ببعض من آوونى وأكرمونى فى الاختفاء».
 
استدعى وكيل الحكمدار «نديم» فى آخر الليل، أى فى الساعات الأولى من صباح 3 أكتوبر «مثل هذا اليوم عام 1891»: «استحضرنى إليه آخر الليل، وحاول أن أعترف له بأن أحدا ممن ذكرهم خادمى كان يعرف حقيقتى، فأكدت له عدم معرفة واحد منهم لى، وكانت همته متجهة لإقرارى بمعرفة سعادة منشاوى باشا، فعز عليه ذلك، وامتلأ عجبا عندما قلت له إنى لم أعرف المنشاوى إلى الآن، ولم يكن بينى وبينه سابق اجتماع، فقال لى كيف ذلك مع شهرتكما، فقلت: الشهرة لا تقتضى بالتعارف ما لم يكن هناك اختلاط وصحبة، ولا صحبة بيننا».
 
فى قصة «المنشاوى باشا» مع «نديم» أسرار، يوضحها «أبو المعاطى أبو النجا» فى «العودة إلى المنفى»، مؤكدا أن الشيخ شحاتة القصبى دل «نديم» على الاختفاء عنده فى «القرشية»: «كان الشيخ شحاتة يعرف عن المنشاوى ما يجعله مطمئنا على مصير نديم، فالباشا فضلا عن معرفته بنديم، من أنصار الثورة العرابية، والذى أنقذه من مصيرهم هو أنه إبان الحرب أنقذ عددا من الأوربيين من مذبحة كادت تودى بحياتهم ونقلهم جميعا إلى عزبته، وفى حمايته، وحين حوكم مع العرابيين لم ينس الأوربيون صنيعه فتدخلوا لدى قناصلهم الذين تدخلوا بدورهم لدى الإنجليز، فصدر عفو عنه، وعاش كجزيرة محاصرة وشامخة بعد فشل الثورة، عاش أيضا يتسلى بزراعة أرضه الواسعة، وبمجلس علمى وأدبى، فكر نديم أن يحتل ركنا فيه.. استقبله المنشاوى ذات مساء فى قصره رجلا يرتدى ثياب أهل اليمن، وينطق لهجتهم، واسمه الشيخ على، ثم أصبح الشيخ «على اليمنى».
 
أصبح «اليمنى» ركنا أساسيا فى مجلس المنشاوى، وذاعت شهرته حتى وصلت إلى «رياض باشا» رئيس الوزراء، يقول نديم فى «الأستاذ»: «كان رياض باشا يعلم بوجود عالم يمنى فى القرشية»، ويؤكد أنه تلقى منه رسالة عن طريق المنشاوى، يسأله فيها عن معنى المثل اليمنى المشهور: «بعلة الورشان يؤكل رطب المشان»، فرد نديم عليه بجواب.. قضى نديم خمسة شهور عند «المنشاوى باشا»، حتى أعلن ذات مساء لرواد مجلس الباشا عن سفره لأداء فريضة الحج.. واختفى من جديد.
 
فى صباح 3 أكتوبر 1891 نقلوه إلى نيابة طنطا للتحقيق معه، وكان رئيسها قاسم بك أمين، ويثنى نديم عليه قائلا: «اعتنى بشأنى وأرسل لى خالد أفندى الفوال لينظر حالة السجن أنظيف هو أم لا، وهناك تضييق أو تعذيب، فلم أطلب منه أكثر من تنوير المحل ليلا، ورفع باب الملقف ليدخل الهواء، ففعل وأمر أن يرش فى المحل حمض الفنيك كل يوم، وأن ترفع مستيلة البراز كل يوم مرتين أو ثلاثا، وأن لا أمنع من شرب القهوة والدخان إن أردت»، ويؤكد نديم أن قاسم سأله إذا كان معه نقود أم لا؟، وأمر: «استحضروا له ما يطلبه على حسابى».. وقال لى: «أنت حر فى كلامك فقل ما شئت».. فلم يسمع منى أن أحدا من الناس آوانى على أنى عبد الله نديم المطلوب للحكومة، بل قلت: «كنت أدخل البيت بدعوى أدعيها، وأخرج خوفا من تفرس صاحب البيت فى وقبضه على».
 
احتجزته نيابة طنطا حتى تقرر الجهات العليا فى القاهرة مصيره، ووفقا للحديدى: «قبض على الذين أدلى خادم النديم بأسمائهم، واعترف بأنهم آووه وساعدوه فى الاختفاء، وأودعوا السجن جميعا، أما زوجة النديم فأرسلت إلى أهلها بالمحلة الكبرى.. وفى يوم 12 أكتوبر 1892، قرر مجلس الوزراء برئاسة عبد الرحمن رشدى باشا، إبعاد النديم إلى الشام، والإفراج عن كل الذين قبض عليهم، ومنحه 150 جنيها ليستعين بها فى منفاه على شؤون الحياة».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة