كيف مثلت دعوة ميركل للسيسي لزيارة برلين انتصارا للرؤية المصرية حول الحرب على الإرهاب؟.. التحديات الأمنية تتصدر أجندة المباحثات بسبب مخاوف ألمانيا من تفاقم ظاهرة الهجرة.. وملف الاقتصاد أولوية كبيرة لدى الزعيمان

الأحد، 28 أكتوبر 2018 12:00 م
كيف مثلت دعوة ميركل للسيسي لزيارة برلين انتصارا للرؤية المصرية حول الحرب على الإرهاب؟.. التحديات الأمنية تتصدر أجندة المباحثات بسبب مخاوف ألمانيا من تفاقم ظاهرة الهجرة.. وملف الاقتصاد أولوية كبيرة لدى الزعيمان الرئيس السيسي وميركل
كتب - بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تمثل زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى، اليوم الأحد، إلى العاصمة الألمانية برلين، انعكاسا صريحا لتطور العلاقات بين مصر وألمانيا بصورة ملموسة منذ بداية عهد الرئيس السيسى، خاصة وأن الزيارة تأتى بناءً على دعوة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وذلك لبحث كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب، ومستجدات الأوضاع السياسية فى سوريا واليمن، بالإضافة إلى مناقشة العلاقات الثنائية بين البلدين، وكيفية تطوير ملفات التعاون فى العديد من المجالات.

 

ولعل التطور الكبير فى العلاقات المصرية والألمانية، فى السنوات الأخيرة، يمثل أحد أهم محاور النجاح الذى حققته الدبلوماسية المصرية منذ بداية نظام 30 يونيو، فى تحويل القاهرة من دولة تابعة للولايات المتحدة وحلفائها إلى مركز للاستقطاب الدولى، وهو الأمر الذى يبدو واضحا فيما يمكن تسميته بحالة التنافس الدولى بين القوى الدولية المتصارعة على قيادة العالم لاسترضاء مصر فى المرحلة الراهنة، وهو الأمر الذى أعطى الحكومة المصرية ميزة التنوع بين الحلفاء.

السيسى وميركل
السيسى وميركل

البعد الرمزى.. مصر محلا لاستقطاب قوى الشرق والغرب

ويضفى توقيت الزيارة، والتى تأتى بعد أيام من زيارة الرئيس السيسى إلى روسيا ولقاءه مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين، بعدا رمزيا، لا يمكن تجاهله، فهى تمثل انعكاسا صريحا للقيمة التى تحظى بها القاهرة بين دول العالم باعتبارها جسرا بين دول الشرق والغرب، ففى الوقت الذى تتمتع فيه مصر بعلاقات قوية مع موسكو، وهو ما بدا واضحا فى الاستقبال الحافل بالرئيس السيسى فى منتجع سوتشى الروسى، فإنها تحظى بالأمر نفسه مع ما يسمى بدول "المعسكر الغربى"، وهو ما يتجلى فى دعوة ميركل للرئيس للقيام بزيارة دولة إلى برلين.

وهنا يظهر بوضوح نجاح الهدف الرئيسى الذى سعت الدبلوماسية المصرية فى إرسائها منذ اليوم الأول من نجاح ثورة 30 يونيو، والذى يتمثل فى تنويع التحالفات، خاصة بعد أن بدا واضحا أن الحليف الأمريكى، والذى اعتمدت عليه مصر لعقود طويلة، بتنصل من التزاماته ربما بتغير المواقف أو بتغير أنظمة الدول أو حتى بتعاقب الإدارات الأمريكية، وهو الأمر الذى تجلى فى السياسات التى تبناها الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، والذى لجأ نحو الاعتماد على حلفاء جدد للولايات المتحدة فى منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسهم تركيا، على حساب الحلفاء التقليديين، لخلق ما يسمى بـ"الفوضى الخلاقة" فى إطار خطة الشرق الأوسط الجديد.

 

تحديات كبيرة.. كيف انتصرت الرؤية المصرية حول الإرهاب؟

على جانب آخر، فإن الزيارة تأتى فى توقيت يبدو بالغ الأهمية فى المرحلة الراهنة، فى ظل التطورات الكبيرة التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط، خاصة فى سوريا واليمن وليبيا، وهى قضايا ترتبط إلى حد كبير بالأمن القومى المصرى والألمانى على حد سواء، فى ظل تنامى ظاهرة الإرهاب، والذى يمثل تهديدا مشتركا لكلا الدولتين، بالإضافة إلى حالة الهلع التى يشهدها الشارع الألمانى جراء تفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية والتى تمثل قنبلة موقوتة يمكنها الانفجار فى أى لحظة فى وجه الحكومة الألمانية الحالية، إذا لم يتم احتوائها.

 

ولعل الصعود الكبير للتيارات القومية فى أوروبا بشكل عام، وخاصة فى ألمانيا، دليلا دامغا على حالة الغضب التى يعانيها الشارع الألمانى جراء السياسات التى تبنتها ميركل طيلة السنوات الماضية تجاه الهجرة، والتى كانت سببا رئيسيا فى تنامى التهديدات الإرهابية التى تستهدف المواطنين الألمان فى داخل بلدانهم، وهو الأمر الذى يفسر فشل المستشارة الألمانية، رغم فوزها فى الانتخابات الأخيرة واحتفاظها بمنصبها، فى الاستحواذ على الأغلبية المطلقة وتشكيل الحكومة بمفردها ولجؤها إلى تشكيل تحالف سياسى مع الحزب الاشتراكى الديمقراطى من أجل تشكيل حكومة جديدة.

 

وهنا تصبح دعوة ميركل للرئيس السيسى لزيارة ألمانيا فى التوقيت الحالى، هى بمثابة اعتراف ضمنى بانتصار الرؤية المصرية حول ضرورة وأهمية الحرب على الإرهاب، والتى كانت قبل سنوات قليلة محلا لانتقاد قطاع كبير من دول المعسكر الغربى، والذى كانت ألمانيا تمثل جزءا منه، عندما انهالت انتقادات من قبل بعض القوى والحكومات على الحرب التى خاضتها مصر على الإرهاب، فى أعقاب ثورة 30 يونيو، باعتبارها مسيسة تارة أو تمثل انتهاكا لحقوق الإنسان تارة أخرى.

 

تعاون اقتصادى.. العلاقات المصرية الألمانية تطورت اقتصاديا

إلا أن السياسة والقضايا الدولية لا تمثل وحدها مثار الاهتمام المشترك بين الدولتين، فهناك القضايا الاقتصادية، والتى تمثل أولوية مهمة لكلا منهما فى المرحلة الراهنة، حيث تعتمد مصر على العديد من الشركات الألمانية للقيام بدور هام ورئيسى فى دفع عملية التنمية فى المرحلة الراهنة من خلال المشاركة فى إنجاز المشروعات المصرية بأقل وقت ممكن وبأعلى معايير الجودة الممكنة.

 

كما شهدت العلاقات الألمانية المصرية تطورا كبيرا فى وتيرة التعاون المصرى ــ الألمانى فى جميع المجالات خاصة فى مجال جذب الاستثمارات والسياحة الألمانية إلى مصر، وهى الأمور التى تحتاج لها مصر بشدة فى المرحلة الراهنة من أجل مواصلة الطريق الذى بدأته والذى يتمثل فى تحقيق التنمية، وبالتالى فإن التعاون الاقتصادى وتوسيعه فى المرحلة المقبلة لن يكون بعيدا عن أجندة المباحثات المصرية الألمانية بين السيسى وميركل التى سوف تشهدها العاصمة الألمانية برلين.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة