عصام شيحة

الأمن القومى.. تحديات وفرص «3»

السبت، 27 أكتوبر 2018 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لعل أخطر التهديدات والمخاطر التى يمكن أن تحيط بالأمن القومى، هى ما تنبع من الداخل، ذلك أنها تكون بين أطراف وطنية لها الكثير من الحقوق التى تمنع استخدام الدولة أساليب عنيفة فى مواجهتها، كما أنها مشكلات لديها القدرة على أن تستدعى أطرافاً خارجية إلى الداخل، ما يجعل منها صراعاً بالوكالة، يحمل فى طياته فرص التمدد والتشعب داخل الوطن، مُسبباً آلاماً مزمنة تعانى منها الشعوب طويلاً.
 
من هنا حرصت على أن أُفرد لمقالاتى عن الأمن القومى مقالاً عن الوحدة الوطنية، خاصة وقد أمضيت أكثر من ثلاثة عقود فى بيت الأمة، حزب الوفد، حاملاً شعار الهلال يحتضن الصليب، ولعلى أوجز أفكارى بدقة وأمانة فيما يلى من ملاحظات:
 
عملية إنشاء وصيانة الكنائس والأديرة لم تتخلص من العقبات التى تواجهها، مثلما حدث فى عهد الرئيس السيسى، وهى خطوات واسعة بالفعل قطعتها الدولة المصرية لكنها تأخرت كثيراً، وبالفعل وجدت هذه الخطوات تقديراً كبيراً من الإخوة المسيحيين، وأزالت تشوهاً فى وجه «الدولة المدنية الحديثة» التى نود التأكيد عليها.
 
أتمنى أن أرى بيوت العبادة المسيحية محمية بنفس أسلوب حماية المساجد، ساعتها فقط سأشعر بأننا بلغنا ما نتمناه من وحدة وطنية، وأزلنا مشاعر الخوف من قلوب أخواتنا المسيحيين. وعليه فإن منظر التمركزات الأمنية أمام الكنائس والكاتدرائيات يشير إلى أن الطريق ما زال أمامنا فى حاجة إلى جهد كبير.
 
اقتصار المعالجة على الأدوات الأمنية لفترات طويلة، أخرت كثيراً من جنى ثمار ما تنفقه الدولة من جهد فى هذا الشأن، فدور الخطاب الدينى ينبغى أن يسبق الجانب الأمنى، والإعلام لا يصح له أن يقتصر اهتمامه على نقل الحوادث المتعلقة بهذا الشأن، دون الخوض الموضوعى الدقيق لأسس المشكلة، ومؤسساتنا التعليمية بكل أشكالها ومستوياتها، منوط بها تهيئة أجيال جديدة أقرب إلى روح الدولة المدنية الحديثة، وفكرة المواطنة، وكل القوى الناعمة المصرية ينبغى أن تدرك مسؤولياتها فى هذا المجال دون مواربة، أو خشية من الدخول فى مناطق شائكة.
 
الجلسات العرفية ينبغى أن تختفى تماماً فى مواجهة المشكلات المتعلقة بالوحدة الوطنية؛ إذ لا أمل إلا فى سيادة القانون، وتكريس احتكار الدولة للقوة فى مواجهة ما يحيط بها من تحديات، أما فكرة سرادقات التصالح العرفى، فقد أفسدت الطريق أمام القانون، وأقرت بالخطأ، وأقرت للمتجاوزين حق الإفلات من العقاب تحت دعاوى واهية، لا يمكنها مناطحة القانون فى هيبته وعليائه.
 
المتشددون على الجانبين، المسلم والمسيحى، لا ينبغى أن تأخذنا بهم سعة صدر، وأمرهم إلى القضاء موكول دون مواربة أو تأخير، وكل تقصير فى مواجهتهم يفتح المجال واسعاً أمام ما يبثونه من فتن وأكاذيب فى الداخل والخارج، والسباق هنا محمود أمام القائمين على الأمور فى كل جانب لاستئصال كل من يشوه صورة الدولة المدنية الحديثة التى نسعى إليها.
 
أتصور أن حديثاً عن التعليم وجدواه، ورفع الوعى العام، كلها أمور تصب فى صميم الموضوع، لاحظ أن معظم المشكلات المتعلقة بهذا الشأن تتركز فى المجتمعات الفقيرة، ضعيفة الوعى والتعليم، ولعلى هنا أُشير إلى أهمية وضع التعليم على رأس أولويات الدولة فى المرحلة الراهنة.
 
توسيعاً لفكرة الوحدة الوطنية، ولإخراجها أبعد من حدود المصرى المسلم والمصرى المسيحى، أتصور أن فكرة التكامل الوطنى ينبغى أن تنهض بها الأحزاب السياسية بشكل فعال أكثر من الحادث على أرض الواقع، حين تنتشر فى كل ربوع الوطن، خاصة النائية منها، وتعمل على جذب أعضاء لها من هناك، وتتبنى قضاياهم، وتفتح أمامهم المجال واسعاً للتعبير عن أفكارهم ومطالبهم وحاجاتهم، وهى وظيفة أساسية من الوظائف المنوطة بالأحزاب السياسية، وأتصور أن الموارد المالية لا يمكن أن تقف عقبة أمام إسهام وطنى على مثل هذا القدر من الأهمية.
 
وإلى مقال مقبل بإذن الله، نناقش فيه جهود دبلوماسية الرئاسة فى مجابهة تحديات الأمن القومى المصرى.
 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة