حمدى رزق

ابن الخفير بقى وزير!

الأحد، 21 أكتوبر 2018 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كن ابن من شئت واكتسب أدباً / يُغْنِيكَ مَحْمُودُهُ عَنِ النَّسَبِ
فليس يغنى الحسيب نسبته / بلا لسانٍ له ولا أدب
إن الفتى من يقول ها أنا ذا/ ليسَ الفَتَى مَنْ يقولُ كان أبى
 
وبالمثل، إن الوزير من يقول ها أنا ذا/ ليسَ الوزير مَنْ يقولُ كان أبى، ليتهم يفقهون، ابن الخفير بقى وزير، ابن الأصول الدكتور محمد معيط وزير المالية لم يتنكر لأصله، ولم يزعم أصلا، ولكنه يفخر بأصله الطيب، وزير متربى على طبلية أبوه، وشبعان من الحلال، ونعم الابن يفخر بالأب، ويعتد به، ولا يتنكر، ويتيه به فخرا.
 
ع الأصل دور، نعم أبوه كان خفيرا، وماله الخفير، خفير ربى ابنه تربية باشوات، وعلمه كويس، وأنفق عليه شقى العمر، واستثمر فيه أيامه وتعبه وشقاه، فحصد ما تمناه وصار ابنه وزيرا لمالية مصر، الفقر مش عيب، الفقر فخر، الفقر مش عجز ولكنه قوة، الفقر لا يولد إحباطا بل يشحذ العزائم، وعلى قدر أهل العزم تأتى العزائم.
 
الوزير الفقير إلى الله يضرب مثلا، نموذج ومثال للكفاح، شاب ريفى لديه حلم، حلم أخضر، حلم به يوما، واستبطنه، وعمل عليه، وشق على نفسه، وواصل الليل بالنهار، لم يحبطه فقر، ولم يثبطه أصل، ولم يفكر فى الأصل والفصل، واستعان بالله يهديه، وقفز الصعاب جميعا، وقهر الظروف المعاكسة جميعا، وأمسك بناصية حلمه، وتوجه ميمما وجهه نحو المستقبل، ورسالته «خليك ورا حلمك واسعى لتحقيقه».
 
عظيمة يا مصر، فى مصر المحروسة ابن الخفير بقى وزير، يوما ما كانت الوزارة حكرا على الباشوات وأولاد الباشوات، وكانت الوظائف العليا محجوزة للبهوات و لأبناء البهلوات، ولا يجد أولاد الفقراء سوى الفتات، كانت مصر حكرا على طبقة، صارت ملكا لأولادها، أولاد العمال والفلاحين وأصحاب الجلابيب الزرقاء، الله يرحمه عبد الناصر الذى أتاح فرصة تاريخية لأولاد الغلابة أن يقفوا رافعى الرأس فى مواجهة أولاد الباشوات، ويتحصلون على حقوق هى لهم، ومن حقهم.
 
نموذج الوزير معيط تفخر به مصر ، وإن بحثت فى سيرة كثير من وجوه المجتمع اللامعة ستجد أصولا بسيطة، وقصص كفاح رائعة «محدش بياكلها بالساهل» ووراء كل منهم أسرة بسيطة ادخرت من قوتها الضرورى لتعلم أولادها، واقتطعت من لحم الحى لتنشئتهم تنشئة صالحة، وعاشت على الكفاف حتى توفر لهم مؤونة الغد.
 
مثل هذه القصص الرائعة يستوجب أن تعلن على الشباب الذى يعانى إحباطا رهيبا، ويشكو ويتشكى ويلعن أيامه، ويؤنب أهله، ويعذب نفسه، وليه ياربى خلقتنى فقيرا، تعلموا الدرس، درس ابن الخفير الذى أصبح وزيرا على خزائن مصر، ابن الخفير بقى وزير بلا واسطة ولا معرفة ولا طريق مفروش بالحرير الطبيعى، شق طريقه بين صخور الحياة.
 
مثله مثل كثيرين بيننا، لا نعرفهم ولكن نطالع أخبارهم، وصورهم اللامعة، ووراء كل صورة قصة كفاح وألم ودموع، بيننا من ذاق المرار، وطعم قسوة الأيام، وذل الحاجة، لا سرق ولا نهب ولا سب ولا لعن وكان من الصابرين.
 
الفقر مش عيب، الفقر حالة تستاهل طريقا مرصوفا بالفرص المتساوية، حلم جميل فى غد أفضل، معيط لم يستسلم لفقره، ولم يقعد جنب الحيطة يندب حظه، ولا علق مستقبله على شماعة فقره، بل ذهب بعيدا حاملا حلمه فوق ظهره، واتكأ على عصاه وأبحر فى اليم.
 
لو روى معيط حكايته بتفاصيلها لكانت درسا لأجيال محبطة، لشباب استسلم بدرى قوى للإحباط، وقعد مع القاعدين أمام شاشة المحمول يحقد ويحتقن ويمضغ لبان فشله وإحباطه، ولم يفكر فى أن ينفر إلى العمل، ولو عمل بسيط، ينميه بالأمل، ويعمل عليه حتى يصير حقيقة.
 
ابن الخفير بقى وزير ليس بمنحة أو هبة أو واسطة، هو الخفير يعرف مين  فى الطريق، ولكنه كان أمينا فى تربية ابنه التربية التى جعلت منه إنسانا صالحا ورث عن والده فضيلة العمل، وفضيلة الحمد والشكر، وفضيلة الإيمان بأن المستقبل بالضرورة يحمل مكافآت سخية للصابرين.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة