د.أيمن رفعت المحجوب

المبادئ العامة للعدالة الاقتصادية

الخميس، 18 أكتوبر 2018 10:46 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عند تحديدنا لأبعاد العدالة الاقتصادية يجب أن تكون عدالة إنسانية شاملة، تساعد البشرية على تسيير سبيل خلاصها والاهتداء إلى خط سيرها المفضى إلى استقرارها وأمنها وسلامتها. 

 

لذلك نرى لزاماً علينا أن نعمد إلى تقنين بعض المبادئ العامة والأفكار المشتركة والأهداف المثلى التى تنشدها البشرية جمعاء من وراء التقدم والتكنولوجى الكبير، والذى انجرف بالإنسانية عن الخط القويم فى السير نحوها، رغم أنها كانت وما زالت ضالة الفكر البشرى، والمثل الأعلى لكل نشاط إنسانى، وهى تتلخص فى تحديد وتحقيق مجموعة من المبادئ تحقق هدف المثلث التالى: "الرغبة فى العدالة - والحقيقة - واحترام كرامة الإنسان".

 

ويمكن أن نجمل فيما يلى الصفات الإنسانية المشتركة والمبادئ العامة للعدالة الاقتصادية والتى طال حولها الجدل وتشعبت فيها سبل الفكر والاجتهاد للوصول إلى مجتمع الخير.

 

أولا؛ العدالة الاقتصادية هى مبدأ شمولى، عالمى، إنسانى يستهدف تحديد شخصية الإنسان، وإطلاق مواهبه، واحترام إنسانيته وتحقيق أمنه وسلامته وخيره ورفاهيته. على أنها مبدأ فى الأساس أخلاقى يجب أن يستقر فى الضمير، ويقوم على أساس من تكافل المجتمع الإنسانى وتعاونه والحفاظ على سائر أجنحته، وعلى أن البشرية يجب أن نتعايش لا نتناحر.

 

وهو مبدأ هادف وغائى، مؤداه تسخير الازدهار الاقتصادى فى سبيل الانتعاش الاجتماعى ورفع مستوى الحياة الإنسانية كلها.

 

ثانيا؛ العدالة الاقتصادية تعتبر الإنسان وحده لا تنفصل أشواقه الروحية عن نزعاته الحسية، ولا تنفك حاجاته المعنوية عن حاجاته المادية أيضاً.

 

فهى توازن كامل بين مصالح الفرد والمجتمع، فهى تحارب طغيان مصالح الفرد ومطامعه على حق المجتمع، كما تدين طغيان المجتمع على فطرة الفرد فى الكسب الشريف وحريته وكرامته.

 

وهى بذلك تحقق تكافؤ الفرص المتاحة للجميع ،  وتطلق المواهب لتعمل وتنشط ضمن الحدود التى لا تتعارض مع القوانين والأهداف العليا للحياة. 

 

كما أنها، إذ تؤمن بالمساواة بين بنى البشر فى الكرامة والمنزلة الانسانية ، فإنها لا تفرض أبداً قيام مساواة مطلقة بينهم فى المال أو الثروة ، لأن الأصل فى تحصيل المال تابع للاستعداد للعمل وليس متساوية ، فالعدل المطلق يقتضى أن تتفاوت أوجه الكسب (كلا حسب عمله). إلا أن تحقيق العدالة الانسانية يقتضى هنا بإتاحة الفرص المتساوية للجميع ، فلا يجب أن يعوق أى فرد حسب ونسب ولا نشأة ولا أصل ولا جنس ولا دين ، ولا قيد واحد من القيود التى تغل الجهود وتفرض التمييز العنصرى والتفضيل بأى شكل من الأشكال.

 

ثالثاً؛ العدالة الاقتصادية إذ تعترف بحق الملكية الفردية وتحترمها وتصونها فى حدود أدائه لوظيفته الاجتماعية ، فإنها تقيده فى وسيلة التملك ووسيلة الانفاق والتنمية أيضاً. لذلك فهى تحارب السرف والتبديد ، وتطبيق مبدأ تقليص الفوارق بين الطبقات حتى لا نصل الى التفاوت البين والصراع المحترم بين بنى البشر.

 

ومن هنا كانت قوانين منع الاحتكار فى العالم هى الظاهرة الأهم فى العشر سنوات الأخيرة ، حتى لا تتلاعب بعض الدول بمصائد باقى دول العالم. وسوف نكمل فى مقال قادم باقى المبادئ العامة الاقتصادية.

 

أستاذ الاقتصاد السياسى والمالية العامة – جامعة القاهرة

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة