على جمعة: تجديد الفقه والفتوى يبدأ من احترام التراث وتقدير تجربة السابقين.. فيديو

الثلاثاء، 16 أكتوبر 2018 02:12 م
على جمعة: تجديد الفقه والفتوى يبدأ من احترام التراث وتقدير تجربة السابقين.. فيديو الدكتور على جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف
كتب لؤى على -إسماعيل رفعت تصوير أحمد معروف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 
قال الدكتور على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، "إن عصرنا الذي نعيش فيه نحن في أحوج الحاجة للتجديد حتى نعيش الواقع الذي حولنا ونحقق مقاصد الشرع الشريف من غير شطط بترك النصوص القطعية، ومن غير خروج من هويتنا، ومن غير تخلف عن مواكبة عصرنا، والتفاعل معه، والتأثير فيه، وهي مسألة شديدة التعقيد شديدة التركيب شديدة الصعوبة، والأمة في حالة تراجع عن أداء دورها الحضاري المنوط بها والمنتظر منها، وتركت ريادة العالم لمن ينظرون للحضارة على أنها المدنية من زاوية ضيقة تراعي الشق المادي وتهمل الروحي، تعلي من شأن الإنجاز والتطور على حساب القيم والأخلاق والمبادئ".
 
وأضاف خلال كلمته بمؤتمر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء والمنعقد تحت عنوان "التجديد فى الفتوى بين النظرية والتطبيق"، أن تجديد الفقه والفتوى يبدأ من احترام التراث وتقدير تجربة السابقين في القيام بأدوارهم المنوطة بهم، والتي نجحوا على إثرها في صناعة الحضارة ودعم العمران وريادة العالم، وتأليف العقول والقلوب إلى تلك الشريعة الإسلامية التي نعمت في ظلها الأمم، وقبلت التعددية وانصهرت فيها الحضارات السابقة دون حرج أو عنت".
 
وتابع: "وكل تجديد وإبداع لا بد فيه من شطط، وهذا هو نصيب الرواد، دائما يقعون في بعض الشطط، ودائما توجه إليهم أسهم النقد والتجريح، ولكنهم يأخذون ثواب تحريك المياه الراكدة، وإثارة حفيظة العلماء على إعمال العقل والاجتهاد، للرد ولمواجهة الفكرة بالفكرة، والإبداع الموازي، ثم يقبلون بعض التجديد ويرفضون بعضه، فتتحرك الأمة نحو آفاق فكرية جديدة عما كانت جامدة عليه، وهذا أمر محمود شرعا وغير مذموم، فإن النظر يزيد الإيمان، ولا يضره".
 
واستطرد؛ "ينبغي علينا كلما رأينا إبداعا ألا نقتله في مهده، ونحارب صاحبه ونوبخه، بل ننظر فيه ونرده إلى مبادئ العلم والمنهج، ونأخذ منه ما كان منضبطا ونافعا، ونترك ما دون ذلك، ونعذر صاحبه، لأنه أولا وآخرا عمل حسب الآية: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ)  والعبرة بالقارئ لا بالمقروء، فالقرآن عظيم، ولكن القارئ هو الذي يخطئ ويصيب، وعليه المعول في فهم مراد الله سبحانه وتعالي، وعليه المعول في تطبيق أحكام ما فهم، وعليه المعول في التدبير (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا). 
 
وأضاف أن تجديد الدين يعني بعثه وإحياءه وإعادته إلى الفاعلية في واقع حياة الناس ويعني في الفقه خاصة تنزيل الأحكام الشرعية على ما يجد من وقائع وأحداث ومعالجتها معالجة نابعة من هدي الوحي، وهناك من العلماء من يقف أمام دعوى التجديد ويرفضها لمجموعة من الدعاوي، منها أن علم الأصول قد كمل واكتمل ولم يعد فيه مجال للتجديد، ونحن نرد على هذه الدعوى ونؤكد على حاجة علم الأصول للتجديد والإصلاح في الشكل والجوهر وقابليته أيضا لذلك التجديد، ولكنا نحتاج إلى تحديد آلية ذلك التجديد ووضع ضوابطه، ولا يصح لهم أن يتخذوا من انحراف المنحرفين الذين اتخذوا من دعوى التجديد طريقا لهدم الدين والتفلت منه ذريعة للوقوف أمام التجديد بالكلية".
 
وأوضح أن "الدلائل التي تشير إلى حاجة الأصول إلى التجديد هو ما نلقاه من تخبط بعض المتصدرين للفتوى ـ ممن ليسوا لها أهلا ـ وقصورهم عن تلبية حاجة عصرهم، وتقديم الاجتهادات المناسبة لحل المشكلات المستجدة، فبعضهم توقف عند اجترار المسائل القديمة التي ضاقت بها الأحوال والظروف الحالية، ويردد أقوال محصورة داخل دائرة زمانية ضيقة، لا يسع الإنسان المسلم المعاصر أن يعيش فيها ويتمسك بها، وبعضهم الآخر يخرج على الثوابت ويطعن فيها تشكيكا وتفلتا".
 
كما أوضح أن ضوابط التجديد الفقهي تكون من خلال الالتزام بالأدلة القطعية، والالتزام باللغة العربية، الالتزام بالإجماع، اعتبار المآلات، مضيفا أن هناك نماذج عديدة في أمور استجدت كان الحكم والفتوى فيها مستندًا إلى مآلتها، ومن ذلك: شرب القهوة، فالقهوة من المشروبات الحديثة، اكتشفها رجل يمني عن طريق الصدفة، استساغه ووجد له تأثيرا في قوة الانتباه وزيادة التركيز، فأطلق عليه قهوة الصالحين لمساعدته على العبادة والذكر ليلا، وأما القهوة في المعاجم العربية القديمة فهي تعني "الخمر"؛ ولذلك أضاف لها لفظ الصالحين تمييزًا لها عن الخمر المحرم، وعندما وصل نبات القهوة إلى مصر والحجاز صار اسمها قهوة فقط، فذهب الناس إلى أحد المشايخ ليسألوا عن حكم شرب القهوة، فنظر لها من منظور لفظي فقط لا علاقة له بإدراك الواقع، وقال بأن القهوة "خمر"، وصدرت الفتوى أن القهوة حرام.
 
وكانت تشرب في الحجاز واليمن، ولما عرف الفقهاء في مصر أن لها تأثيرا مغايرًا لتأثير الخمر التي تذهب العقل، حسم الأزهر الشريف الخلاف فيها وأفتى بحلها بناء على إدراك حقيقتها وبعيدا عن مجرد اللفظ، والحكم على الشيء فرع عن تصوره، واتبع أحد علماء الأزهر التجربة لمعرفة أثرها على الإنسان فجمع عشرة من طلابه وأعد لهم القهوة وجلس يتدارس معهم العلوم فوجد أنها تعمل على زيادة النشاط والتركيز والانتباه، ولا علاقة بينها وبين الخمر المحرمة إلا في الاسم فقط.
 
كذلك التصوير الفوتوجرافي فهو نموذج على الخطأ في الفتوى نتيجة عدم إدراك الواقع، وعدم مراعاة المآلات، فقد أفتى أول الأمر بحرمة "التصوير الفوتوجرافي"؛ استنادًا إلى فهم خاطئ لما رواه الإمام البخاري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ"، ولكن الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية ألف كتابا في إباحتها سماه "الجواب الشافي في إباحة التصوير الفوتوغرافي"، وبين للفقهاء حقيقته فهو عبارة عن احتباس الظل، كالمرآة إذا وقفت أمامها ورأيت صورتك، وبين أنه لا حرمة فيه.
 
 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة