قال الدكتور رجب عبد العظيم، الوكيل الدائم لوزارة الرى، أن مصر قدمت نموذجاً ناجحاً فى مجال التعامل مع محدودية المياه، وأنشأت مدرسة عريقة فى إدارة المياه عبر الأزمنة واستطاعت من خلالها تحقيق نجاحاً كبيرا فى رفع كفاءة استخدام المياه لتتواكب مع تنامى الاحتياجات كنتيجة طبيعية للزيادة السكانية، وهى الآن تعمل على تطبيق التكنولوجيا والتركيز على البحث العلمى لمزيد من تحسين وتطوير إدارة المياه.
وأضاف عبد العظيم فى كلمته خلال مؤتمر وزراء المياه الإسلامى، أن التحديـات المائيــة التـى تواجــه مصــر، تتجسد فى زيادة الطلب على استخدام المياه لكافة قطاعات الدولة فى ظل محدودية الموارد المائية التى يأتى 97% منها من خارج الحدود، فى الوقت الذى ضاعفت معه التغيرات المناخية من حجم هذه التحديات، حيث انعكست بشكل مباشر على ارتفاع مضطرد فى درجات الحرارة صاحبها زيادة الاستهلاك المائى للمحاصيل، فضلاً عن تأثيرها المباشر على غرق المناطق المنخفضة فى الدلتا كنتيجة لارتفاع سطح البحر.
وأشار عبد العظيم إلى أن هذه التحديات تدفع بنا جميعا إلى التعاون للبحث عن وسائل مبتكرة لتقليل الفجوة بين الاحتياجات المائية المتزايدة والموارد المائية المتاحة.
وأكد عبد العظيم أن مصر تؤمن بأهمية تطوير منظومة إدارة المياه وتعظيم الاستفادة من كل قطرة مياه متاحة لتحقيق أكبر عائد اقتصادى واجتماعى دون التأثير على المنظومة البيئية المرتبطة باستخدام المياه، وفى هذا الإطار ارتكزت استراتيجية تنمية الموارد المائية والرى فى مصر حتى عام 2050 على أربعة محاور رئيسية تُعنى بتحسين نوعية المياه وتنمية الموارد المائية وترشيد استهلاك المياه وتهيئة البيئة الملائمة لتنفيذ هذه الاستراتيجية.
وأشار عبد العظيم إلى أن الاستراتيجية تبنت مجموعة من الاجراءات لتنفيذ هذه المحاور من خلال تعظيم دور البحث العلمى وتوطين التكنولوجيات الحديثة والحد من زراعة المحاصيل الشرهة للمياه - ولقد تم اتخاذ قرار هذا العام بخفض المساحة المنزرعة بالارز هذا العام بنسبة أكثر من 30% - فى الوقت الذى تقوم فيه الدولة بحَث المزارعين على تطبيق نظم الرى الحديثة للتعامل مع ندرة المياه والحفاظ عليها.
ولفت عبد العظيم إلى أن الاجراءات شملت اعادة استخدام المياه، حيث تُعد مصر ثالث دول العالم فى إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى المعالجة فى أغراض الرى طبقاً للمعايير الآمنة.
وقال عبد العظيم أن وزارة الرى من الوزارات التى اتخذت إجراءات بشأن المراقبة والتكيف مع التغيرات المناخية، كانت أولى هذه الخطوات بإنشاء مركز التنبؤ بالفيضان فى تسعينات القرن الماضى وتحديدا عام 1992، وذلك بهدف مراقبة وضع الامطار ودرجات الحرارة فى منطقة منابع النيل ومصر، وقد أصبح هذا المركز فيما بعد ركيزة أساسية للعديد من المشروعات والدراسات لتأثير التغيرات المناخية فى منطقة حوض النيل والمنطقة العربية، وقد تم تنفيذ العديد من الدراسات على تأثير التغيرات المناخية على المناطق الساحلية، وكذلك للحماية من مخاطر السيول والأمطار التى قد تؤثر على الأفراد والممتلكات العامة والخاصة.
ولفت عبد العظيم، إن توطين تكنولوجيا استخدام الطاقة الشمسية فى ضخ المياه هو هدف يستحق أن نعمل سوياً على تحقيقه ونشره، خاصة لما لدى مصر من مقومات تجعلها فى مقدمة الدول التى تستطيع الاعتماد على الطاقة الشمسية المتجددة.
وتبقى الطاقة محدداً أساسياً فى إدارة المياه ورفع كفاءة استخدامها مما دفع بالدول إلى البحث فى مفهوم الترابط بين المياه والطاقة من أجل تحقيق الإدارة المستدامة للمياه . وبالفعل تؤكد سياسات واستراتيجيات وزارة الموارد المائية والرى المصرية على الاستفادة من الطاقة الشمسية فى إدارة المياه كطاقة نظيفة ومتجددة ومتوفرة.
وأوضح عبد العظيم أن من أهم المشروعات التى قامت بتنفيذها وزارة الموارد المائية والرى فى هذا المجال تشغيل 112 بئر جوفى و9 وحدات طلمبات بالطاقة الشمسية
مشروع "إدراك إمكانيات وإدارة مخاطر لاستخدام الطاقة الشمسية فى الرى فى الشرق الأدنى وشمال أفريقيا" بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) للانتقال نحو إنتاج زراعى أكثر استدامة والعمل على نشر تكنولوجيا الرى بالطاقة الشمسية بين المزارعين.
وأكد عبد العظيم أن وزارة الموارد المائية والرى تسعى دوما نحو نشر فوائد تقنية استخدام الطاقة الشمسية كبديل للطاقة الاحفورية من خلال إداراتها وهيئاتها على مستوى الجمهورية والتى تتعامل مع المستهلكين بمختلف قطاعاتهم بشكل مباشر.
وفى مجال بناء القدرات، تم انشاء قطاع التدريب الإقليمى للموارد المائية والرى وهو مركز معتمد لمنظمة اليونسكو ويقدم برامج التدريب فى كافة المجالات المتعلقة بإدارة المياه سواء السطحية أو الجوفية، للمصريين ولأبناء الدول الأفريقية والعربية وذلك فى اطار حرص مصر على تبادل الخبرات مع الدول وحل المشاكل التى تواجه إدارة المياه، بالاضافة إلى التنسيق مع الجامعات المصرية لعقد برامج تدريبية متخصصة مثل دبلومة الموارد المائية المشتركة التى تقوم بها جامعة القاهرة للمصريين والأفارقة
وأشار عبد العظيم إلى أن الدولة اهتمت بَإنشاء المركز القومى لبحوث المياه التابع لوزارة الموارد المائية والرى المصرية والذى يضم 12 معهداً بحثيا متخصصاً فى مختلف تخصصات الموارد المائية ليصبح بذلك ذراعاً بحثياً للوزارة وبيتاً من أهم بيوت الخبرة العالمية، وبالأخص فى إنشاء وتشغيل النماذج الطبيعية، بالإضافة إلى الدراسات التى تتم لتقييم الأمطار والسيول وتصميم أعمال الحماية وتخوين المياه والاستفادة منها وقد قام المركز بإعداد أطلساً دقيقا يحتوى على حصر لجميع الوديان ومخرات السيول فى مصر.
كما ساهمت بحوث ودراسات المركز فى توفير قاعدة بيانات دقيقة عن عمليات النحر والترسيب على طول خط الشاطئ، وأعد المركز مقترحات وبدائل لأعمال الحماية، ويقوم بمشاركة أجهزة الوزارة بالإشراف على التنفيذ والمتابعة لكافة أعمال الحماية للمدن الساحلية .
وفى مجال بحوث المياه الجوفية، تقوم الوزارة بالتنسيق مع الجهات البحثية وجامعة القاهرة بإعداد الخرائط الهيدروجيولوجية لتحديد وحصر إمكانيات الخزانات الجوفية المختلفة بمصر، وتقييم امكاناتها باستخدام النماذج الرياضية، واقتراح سيناريوهات مستقبلية للتنمية ومحاكاتها رياضيا.
وفى مجال مراقبة وتشغيل منظومة الرى تم الاعتماد على نظم الاتصالات الحديثة التى تستطيع نقل المعلومات من مناطق البعيدة إلى متخذ القرار على مدار الساعة بل وإمكانية التحكم فى التشغيل مثل تشغيل الابار وإيقافها من خلال التحكم من بعد بما يساهم فى تعظيم الاستفادة من كل قطرة مياه متاحة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة