هوس النساء بالسحر والأعمال السحرية، تلك العلاقة التى من الصعب فك عقدتها أو تحديد أسبابها، فمنذ القدم تعلقت النساء بعالم السحر بتفاصيله المختلفة بصورة جنونية، من جلب الحبيب للانتقام من الأعداء والربط أو حتى الحجاب لجلب الحظ، وغيرها من القصص المهووسة التى لعبت دور البطولة فى حياة النساء على عكس الرجال، ودفعتهن للتضحية بالميراث أو تحويشة العمر فى أفضل الظروف، أو بالشرف، وأحيانًا بحياتهم بأكملها فى ظروف أخرى، والمتابع بدقة لقصص السحر والدجالين والنساء يكتشف العديد من القصص المرعبة والمفزعة التى يلعب فيها الحب والانتقام دور البطولة.
ويكفى أن تنظر إلى صفوف الحاضرين فى جلسات إخراج الجن، سواء فى المساجد أو الكنائس لترى صفوف النساء التى ربما لا تجد مكانًا حتى للجلوس والدخول للجلسات، أو تسأل من يصنفون أنفسهم باعتبارهم متخصصون فى إخراج الجن أو فك الأعمال وغيرها لتكتشف العدد الضخم للزبائن المقبلات على بضاعتهم.
القتل وهتك العرض.. ضرائب تدفعها النساء لجلب الحبيب والانتقام
«لجأت له عشان فى مشاكل بينى وبين جوزى وعرضت عليه مشكلتى، طلب أروح له البيت فرفضت وقابلته فى مكان عام 3 مرات تقريبًا، كل مرة كان بيدينى أعشاب بـ4 آلاف جنيه ولما قلت له مافيش نتيجة قالى معمول لك عمل سفلى، ولازم أعمل علاقة معاكى عشان أفكه» باختصار حكت إحدى ضحايا الدجل والشعوذة تجربتها التى كلفتها 12 ألف جنيه وصدمة مفزعة.
هذه التجربة التى لا تعد الأولى من نوعها وإنما تكاد تكون شائعة حيث يستغل المشعوذون السحر السفلى، أو الأسود ليكون بوابة لممارسات جنسية مع الزبائن من النساء، سواء بموافقتهن أو بعد إفقادهن الوعى.
لم تلجأ هذه السيدة إلى الشرطة خوفًا من الفضائح، إلا أن «سارة.أ.ع» فعلت ذلك قبل شهور فى شرم الشيخ، وقاد بلاغها الشرطة إلى دجال مارس الرذيلة مع إحدى ضحاياه 12 مرة، زاعمًا أنه ساحر مغربى يفعل ذلك من أجل إخراج الجن وفك الأعمال.
وقبل نحو 9 أشهر، شهدت مصر واقعة صادمة فى قرية أطفيح، حيث استغلت عصابة من الدجالين جهل أهل القرية، وهتكوا عرض 100 سيدة بزعم علاجهن من العقم وفك السحر الذى يسبب الخلافات الزوجية، ولم يكتفوا بممارسة الرذيلة معهن، وإنما التقطن لهن صورًا وفيديو فى أوضاع غير لائقة ولم يكتشف أهالى القرية الكارثة إلا بعد تسريب الصور.
وفى عام 2016، تفجرت قضية «الشيخ عثمان» الدجال الستينى فى البدرشين الذى كان يبتز مئات النساء بصورهن عاريات، فضلًا عن تقاضى آلاف الجنيهات من أجل فك الأعمال والسحر وحل مشاكلهن.
ولا ينتهك الدجالون عرض الضحايا فقط بإقناعهم وإنما فى بعض الأحيان يغتصبن الضحايا بالقوة أو بعد تغييبهن عن الوعى، كما حدث عام 2017 حين وقع دجال فى قبضة الداخلية بالسيدة زينب بعد بلاغ من سيدة بأنه اغتصب ابنة اختها، بعد أن أوهمها أنه قادر على علاجها وحل مشاكلها العائلية بالسحر الأسود.
وحدثت الواقعة بعد أن استدرجها إلى مكانه وقدم لها عصيرًا به مادة مخدرة لتفيق بعد ساعات على الكارثة.
ولا تتوقف جرائم الدجالين عند حد النصب وممارسة الرذيلة وإنما تصل أحيانًا لحد القتل من أجل الاستيلاء على الأموال كما حدث قبل شهور فى مركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية، حين قتل دجال سيدة بالسم وإصابة زوجها بدعوى أنه كان يعالجهما من المس واستولى على 100 ألف جنيه وحلى ذهبية كانت بحوزة الزوجة.
ونظرًا للسمعة السيئة للاستغلال الجنسى للنساء من قبل الدجالين، فأحيانًا ما تنتهى مغامرة الزوجة عندهم بالطلاق، فقبل شهور لجأ «مصطفى.أ» الزوج الثلاثينى للقضاء لرفع دعوى نشوز ضد زوجته فى يوليو الماضى، بسبب هوسها بالدجل والشعوذة لدرجة أنها كانت تنفق نحو 100 ألف جنيه فى الشهر.
وبعد أن ضاق «مصطفى» بهوس زوجته بالخرافات، حاول منعها عن ذلك وطالبها بقطع علاقتها بالدجالين وأصدقائها الذين يقودونها إليهم هجرته بصحبة طفليها ورفعت دعوى طلاق ضده.
«النودز» لفك العمل وجلب الحبيب
وفى السنوات الأخيرة لم يعد الدجالون يكتفون بالضحايا الذين يطرقون أبوابهم على أرض الواقع، وإنما بدأوا استدراج شريحة مختلفة من الضحايا عبر «السوشيال ميديا»، حيث يعرضون عبر مجموعات السحر والروحانيات خدماتهم لتوقيع «الكشف» مجانًا على من يشك أنه مسحور، أو يوفر خدمة جلب الحبيب أو ربط شخص ما.
وبمجرد أن تتواصل معه الضحية يبدأ استدراجها إما لإرسال صور عارية له «نودز» أو فتح الكاميرا وهى عارية تمامًا ليتمكن من سحب الجن أو العمل منها، ويدعى البعض أنه أحيانًا ما يسحرها الدجال لنفسه.
وعلى مجموعات السحر والجن والأعمال السفلية انتشرت التحذيرات من هذه الحيل، وانتشرت أيضًا صور المحادثات مع الشيوخ المزعومين الذين يدعون قدرتهم على فك السحر، فكتب «هانى صالح» على واحدة من تلك المجموعات: «نصيحة لكل بنت بتفكر تعمل جلب، بلاش تفتحى الكاميرا مع أى شخص عشان يقرأ عليكى لأن دا من خبث الساحر، لو شافها جميلة بيعملها جلب ليه والقصة دى حصلت فعلاً والبنت الآن فى توهان بين قلبها اللى متعلق بالشاب اللى بتحبه، وبين الساحر النجس اللى عملها جلب ليه وطالب منها أمور محرمة. أتمنى كل بنت تكون حريصة على نفسها ومفيش حاجة اسمها جلب بصور عارية أو طلاسم تكتب على الجسد».
الطلبات الأكثر انتشاراً للنساء من السحرة
ورغم كل هذه المخاطر التى تحيط التجربة، والتى تصل إلى حد الموت أحيانًا، إلا أن طلبات النساء من المشعوذين لا تتوقف، وتتعلق غالبيتها بمشكلات اجتماعية أو زوجية، بدءًا من العنوسة وفشل مشاريع الزواج قبل إتمامها وصولاً إلى الطلاق، ومرورًا بطلبات جلب الحبيب أو زيادة رغبته الجنسية تجاه صاحبة العمل السفلى، أو طلب إحكام السيطرة على الرجل بحيث يكون طيعًا لها ولا يخالفها أبدًا.
فى المقابل تنتشر أيضًا طلبات تحضير أعمال للانتقام من الرجل الذى خانها أو تزوج غيرها، وكذلك الانتقام من امرأة أو رجل كسروا قلبه أو لغيرتها تجاه هذا أو تلك.
لماذا تؤمن النساء أكثر من الرجال بالسحر؟
هذا التساؤل الذى يخطر ببالنا دائمًا حين نرى النساء مستعدات لعمل أى شىء يطلبه منهن الدجالين، وحين نرصد أيضًا عدد النساء اللائى يلجأن للمشعوذين مقارنة بالرجال.
ووفق دراسة شهيرة للمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية أجراها الباحث محمد عبدالعظيم، فإن %63 من المصريين يؤمنون بالدجل وغالبيتهم من المتعلمين، ونحو %50 من نساء مصر يؤمنون بدور الدجالين فى حل مشاكل الحياة كمشاكل الزواج والإنجاب وغيرها، فما السر فى هذا الإيمان الكبير للجنس الناعم بالسحر؟
ترى الدكتورة هدى زكريا، أستاذة علم الاجتماع، أن هذا يرجع إلى أن النساء هن الطرف الأضعف فى المجتمع، فإحساسهن بالضعف يدفعهن لاستجلاب قوة إضافية من خلال السحر والشعوذة.
وتضيف لـ«اليوم السابع»: فى المجتمع نربى الطفل الذكر ليكون أسدًا، صلبًا وقادرًا على المواجهة، فيما نربى الأنثى على الانكسار والمحايلة لذا تتعلم البنت التحايل منذ بداية الطفولة ولا تتعلم المواجهة. وبحكم التربية والظلم الاجتماعى تستخدم السحر كواحدة من الحيل التى تلجأ إليها لتحقيق رغباتها أو الانتقام، خاصة مع إحساسها الدائم بالخطر.
يتفق معها الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، ويقول: هذا يرجع للتعليم والتنشئة الاجتماعية التى تجعل البنت تخاف من كل شىء وتجعلها أشد تدينًا وأيضًا أكثر إيمانًا بالسحر. كما تلجأ المرأة للسحر أيضًا لأنها ترى أنه ليس لديها أى وسيلة للمواجهة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة