سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 8 يناير 1492.. «جامع الحمراء» يتحول إلى «كاتدرائية غرناطة».. ومأدبة للأمراء والأكابر احتفالا بسقوط الأندلس

الإثنين، 08 يناير 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 8 يناير 1492.. «جامع الحمراء» يتحول إلى «كاتدرائية غرناطة».. ومأدبة للأمراء والأكابر احتفالا بسقوط الأندلس جامع الحمراء يتحول إلى كاتدرائية غرناطة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان الموكب المتجه إلى «غرناطة» حافلا بالأمراء والأكابر والأحبار والأشراف يتقدمهم الملكان الكاثوليكيان «فرناندو» و«إيسابيلا» يوم 8 يناير «مثل هذا اليوم» عام 1492، حسبما يؤكد الدكتور محمد عبدالله عنان فى» دولة الإسلام فى الأندلس–العصر الرابع: نهاية الأندلس وتاريخ العرب المتنصرين عن «مكتبة الخانجى- القاهرة»، مضيفا: «تسلم الملكان مدينة الحمراء بصفة رسمية، فى هذا اليوم، وأقيم القداس فى الجامع الأعظم، وحول الجامع منذ ذلك اليوم إلى «كاتدرائية غرناطة»، وفى ذلك اليوم «8 يناير» أقيمت مأدبة عظيمة فى قصر الحمراء، ومدت الموائد الحافلة فى أبهة القصر العظيمة، وجلس إليها الملكان والأمراء والعظماء، وكانت مأدبة رائعة».
 
دارت وقائع هذا اليوم «8 يناير1492» بعد ستة أيام من احتلال «القشتاليين» لمدينة غرناطة «آخر الحواضر الإسلامية الأندلسية، طبقا لاتفاق عقده حاكم وصاحب غرناطة «أبو عبد الله» مع فرناندو«ملك قشتالة يوم 25 نوفمبر عام 1491، واشترط أن يتم تسليم المدينة يوم 2 يناير 1492» راجع، ذات يوم..25 نوفمبر 2017، وجاء استلام «مدينة الحمراء» بعد اطمئنان «فرناندو» على أنه لم يعد هناك أى خطر أمامه، أما عن وقائع تسليم «غرناطة»، الذى انتهت به دولة الأندلس، ينقل «عنان» رواية لشاهد عيان، كتبها فارس فرنسى كان يقاتل فى صفوف الجيش القشتالى، وشهد بنفسه حفلات التسليم، ونشرت روايته فى القرن السادس عشر ضمن مؤلف بعنوان «بحر التواريخ».
 
يقول «شاهد العيان»: «أوفد الملكان الكاثوليكيان، الأستاذ الأعظم رئيس جمعية» شنت ياقب «واسمه» جوتيرى دى كارديناس»، وتسلم القصر والأبراج وأخرج منها الحرس المسلمين، ووضع بها الحرس النصارى، ورفع الصليب الكبير فوق برج الحراسة ثلاث مرات، والمسلمون من أسفل يصعدون الزفرات ويذرفون الدموع، ثم لوح بعد ذلك بعلم «شنت ياقب» ثلاث مرات، ونصب إلى جانب الصليب، وصاح المنادى بعد ذلك: القديس يعقوب ثلاثا.. قشتالة ثلاثا.. غرناطة لسيدنا الدون فرناندو ودونيا إيسابيل ثلاثا، ولما رأى «فرناندو» الصليب وهو فى جنده من أسفل، ترجل وجثا على ركبتيه، وجثا الجند جميعا شكرا لله، ثم أطلقت المدافع ابتهاجا، وفى اليوم الثامن سار المكان الكاثوليكيان إلى غرناطة فى موكب حافل، وتسلم مدينة الحمراء بصفة رسمية».
 
ينقل «عنان» الروايات التى تناولت الحالة المأساوية للملك أبى عبدالله يوم تسليم غرناطة أى ملكه الذى زال، وبالرغم من أنها تحتوى على مآسى النهايات، إلا أن هناك رواية هى الأكثر ذيوعًا لدى المؤرخين القشتاليين، وتقول: «فى صباح اليوم الثانى من يناير سنة 1492، فى الوقت الذى اقترب فيه النصارى من أسوار غرناطة، كان أبو عبد الله قد غادر قصره وموطن عزه ومجد آبائه إلى الأبد، فى مناظر تثير الأسى والشجن، كان رنين البكاء يتردد فى غرف قصر الحمراء وأبهائه، وكانت الحاشية منهمكة فى حزم أمتعة الملك المخلوع وأهله، وساد الوجوم كل محيا، واحتبست الزفرات فى الصدور، وما كادت تباشير الصبح تبدو حتى غادر القصر، ركب قاتم مؤثر هو ركب الملك المنفى، يحمل أمواله وأمتعته، ومن ورائه أهله وصحبه القلائل، وحوله كوكبة من الفرسان المخلصين، وكانت أمه الأميرة عائشة تمتطى صهوة جوادها، يشع الحزن من محياها الوقور، وكانت باقى السيدات من أهله وحشمه يرسلن الزفرات العميقة والدموع السخية، واخترق الركب غرناطة فى صمت البكورة وستره، وحين بلغ الباب الذى سيغادر منه المدينة إلى الأبد، ضج الحراس بالبكاء لرؤية ذلك المنظر المؤلم، ثم اتجه الركب صوب نهر شنيل فى طريق البشرات».
 
يواصل عنان: «خرج أبو عبدالله فى صباح ذلك اليوم «2 يناير» للقاء ملك قشتالة على ضفة نهر شنيل، وحين لمح فرناندو هم بترك جواده فبادر بمنعه وعانقه بعطف ومودة، فقبل أبو عبد الله ذراعه اليمنى إيماءة الخضوع، ثم قدم إليه مفتاحى البابين الرئيسيين للحمراء قائلا: «إنها مفتاحى هذه الجنة، وهما الأثر الأخير لدولة المسلمين فى أسبابنا، وقد أصبحت أيها الملك سيد تراثنا وديارنا وأشخاصنا، وهكذا قضى الله، فكن فى ظفرك رحيما عادلا»، فرد فرناندو: «لا تشك فى وعودنا، ولاتعوزنك الثقة خلال المحنة، وسوف تعوض لك صداقتنا ما سلبه القدر منك».
 
سار أبو عبد الله بعد ذلك صحية فرناندو إلى حيث كانت الملكة «إيسابيلا» فى ضاحية أرمليا، فقدم إليه تحياته وطاعته، ثم ارتد إلى طريق البشرات ليلحق بأسرته وخاصته، وأشرف أثناء مسيره على منظر «غرناطة»، فوقف يسرح بصره لآخر مرة فى هاتيك الربوع العزيزة، التى ترعرع فيها، وشهدت مواطن عزه وسلطانه، فانهمر فى الحال دمعه، وأجهش بالبكاء، فصاحت أمه «عائشة» «أجل فلتبك كالنساء، ملكا لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال».






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة