كشف الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، عن كواليس لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى بشأن مراجعة ملف الأوقاف المصرية فى الداخل والخارج، مشيرًا إلى أن الرئيس أكد أن الدولة المصرية تصون أرضها وترابها وممتلكاتها، ولا تسمح لأحد أن يقترب منها، ولديها من العزيمة والإرادة والتصميم ما يحقق ذلك، مضيفًا أن الرئيس يولى مال الوقف رعاية خاصة، فلكل مال صاحب يحميه، أما مال الوقف فكما عبر الرئيس فهو “مال اليتيم”، وهذه العبارة تحمل من الوعى والعمق مالا يدركه الكثيرون، فهى أولاً عبارة مدرك لخصوصية مال الوقف، ومفهوم أنه مال الله تعالى، موقوف على مرضاته وطاعته وفق مصارفه الشرعية.
وتابع وزير الأوقاف، فى تصريحات له: كما أنها تعنى أنه مال موجه لخدمة وقضاء حوائج الأكثر فقرًا أو احتياجًا فى المجتمع وفى خدمة دور العبادة وما فى حكمها من مصالح عامة للمجتمع، وهو لما أوقف له، فشرط الواقف فى الالتزام به كنص الشارع ما لم يحل حرامًا أو يحرم حلالاً.
وأضاف، غير أن المعنى الأكثر عمقًا والذى كانت نبرات الرئيس تكاد تنطق به، بل نطقت حالاً أو مقالاً: هو أن مال اليتيم يحتاج إلى ولى قوى يحفظه ويحميه ويحافظ له عليه، وقد أشعرنا الرئيس بأنه هو المسئول بحكم موقعه الشرعى والسياسى عن حماية مال اليتيم هذا، وأننا مسئولون أمام الله ثم أمامه عن ذلك، فإن اعترضنا عارض يفوق طاقتنا فإليه بعد الله (عز وجل) المرجع، ومنه بعد الله (عز وجل) العون فى حماية هذا المال، وأجهزة الدولة مكلفة بذلك، فلم يعد لأحد من العاملين فى مجال الوقف عذر على الإطلاق أن يقول: ليس فى مكنتنا حماية هذا المال وأمامهم رئيس عظيم يدعم مهمتهم فى حفظ مال الوقف والعمل على تعظيم استثماره الاستثمار الأمثل وتعظيم فائدته لما أوقف له، وبكل قوة، احتسابًا لوجه الله (عز وجل) وأداء الحق للأمانة التى حمله الله (عز وجل) إياها.
وأؤكد أن حق هذا المال لا يسقط بالتقادم أبدًا، وأن الاعتداء عليه أو تسهيل الاستيلاء عليه أو الإهمال فى حقه وعدم المحافظة عليه إثم وجرم عظيم، فهو بمثابة مال اليتيم وأشد، فكلاهما نار تحرق جسد من يقترب منهما بغير حق فى الدنيا والآخرة، حيث يحول هذا المال الحرام حياة آكله إلى جحيم فى الدنيا، “وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ”، حيث يقول الحق (سبحانه وتعالى) فى كتابه العزيز : ”إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ” ويقول سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً).
والقائمون على شئون الوقف كالقائم على مال اليتيم، وقد نظم لهم القانون حقوقهم وواجباتهم، غير أن هناك قانونًا أعظم لا يفلت منه أحد، هو قانون السماء وعدالة السماء، فعلينا جميعًا أن نستحضر نية مرضاة الله تعالى والخوف منه سبحانه، وأن نبتغى – إلى جانب القيام بمهمتنا الوظيفية- وجه الله تعالى فى الحفاظ على هذا المال، وأن نحرص على استرداد ما اعتدى عليه منه، وأن نعمل على تنميته وتعظيم استثماراته وعائداته، مدركين أن ما نقوم به إنما هو عمل جليل فى خدمة الدين والوطن وأنه أمانة عظيمة فى أعناقنا.
ويبقى أمر هؤلاء المتربصين بالوقف، المتطلعين إليه، الذين لا يردعهم دين ولا خلق كريم عن الاعتداء عليه أو محاولات هذا الاعتداء، أو التحايل فى الاستيلاء عليه ظلمًا وعدوانًا، غصبًا أو تدليسًا، أو بأى صورة من صور الاعتداء أو التدليس، وإلى جانب هؤلاء كل متواطئ أو صامت على جرائمهم، أو مستغاث به غير مغيث، أو غير مكترث، أو غير مهتم، أو ناظر إليه على أنه مال لا صاحب له، ولهؤلاء وأولئك نقول : إن لهذا المال صاحبًا لا يغفل ولا ينام، ولن ينتفع أحد بمال الوقف بغير حق فيهنأ به أبدًا، إنما يكون عليهم حسرة ووبالاً فى الدنيا قبل أن يقال يوم العرض على الله (عزوجل): “وقفوهم إنهم مسئولون”، فماذا هم لربهم قائلون؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة