"هل هنأتم أخاكم عيسى بعيد الميلاد؟".. أشهر عبارة فى السينما المصرية، قالها صلاح الدين لقيادات جيشه قاصدًا الجندى عيسى العوام الذى قيل فى بعض روايات التاريخ أنه كان من مسيحيى بيت المقدس، وانضم إلى جيش صلاح الدين باعتباره عربيًا يدافع عن أرضه حتى ولو كان ضد أبناء ديانته من الغرب، ونجح المخرج يوسف شاهين من خلال فيلمه "الناصر صلاح الدين" فى كشف العلاقات الطيبة بين أبناء الوطن الواحد وظلت عبارة: "هل هنأتم أخاكم عيسى بعيد الميلاد المجيد" من كلاسيكيات الجمل فى السينما المصرية، وتقال الآن لتذكرة المسلمين بأعياد أشقائهم الأقباط ليؤكد على وحدة هذا الشعب.
ويحتفل الأقباط الليلة بعيد الميلاد المجيد، ما يعيد للأذهان أهمية تهنئة الأقباط لتأكيد الترابط بين عنصرى الأمة، حيث أكد الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، على أن تهنئة الأقباط من أعمال البر، فيما كان الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب من أول المهنئين.
وتوجه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، منذ أسبوعين على رأس وفد أزهرى رفيع المستوى إلى مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، لتهنئة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والإخوة الأقباط بعيد الميلاد المجيد.
وقال شيخ الأزهر، إن مشاعر المحبة والرحمة التى تجمع أبناء الشعب المصرى، مسلمين ومسيحيين، تشكل تجسيدا حقيقيا لقيم التسامح والحوار والتعايش والصفح التى حملها سيدنا محمد "صلى الله عليه وسلم"، والسيد المسيح "عليه السلام"، متابعا: "مصر التقت فيها عديد من الحضارات ومشى على أرضها الأنبياء، وأبرز ذلك الرحلة المقدسة لسيدنا عيسى والسيدة مريم عليهما السلام، وكأن تراب هذا البلد تصوغه الأديان الإلهية".
وأكد الإمام الأكبر، على أن قادة الأديان من المسلمين والمسيحيين عليهم مسئولية كبيرة فى تذكير الناس بعناصر الألفة والأخوة بين أبناء مصر، وهى مسئولية متجددة وتزداد أهمية وخطورة فى هذا الوقت، لأننا أمام تحد كبير يُمارس فيه القتل باسم الأديان، سواء من قبل متطرفين منسوبين للإسلام أو المسيحية المتصهينة، فهؤلاء يدمرون العالم على أساس تفسيرات دينية مغلوطة ومغشوشة، مبينا أن حادث الروضة الإرهابى أكبر دليل على أن الإرهاب لا دين له، وأنه يقتل من المسلمين أكثر مما يقتل من غيرهم.
وفى سياق متصل، أكد الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، على أن ميلاد الأنبياء هو ميلاد رحمة وسلام ومحبة للعالمين، وأن ذكرى ميلادهم هى مناسبات سعيدة على البشرية نحتفل بها ونتذكر ما أرسلهم الله سبحانه وتعالى به من أخلاق وقيم من أجل صلاح الناس، مضيفا أن الله سبحانه وتعالى ذكر ميلاد سيدنا عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وهنأ به فقال سبحانه: (وَالسَّلامُ عَلَى يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا).
وشدد علام، على أن الفتاوى التى تحرم تهنئة إخوتنا المسيحيين بميلاد السيد المسيح عليه السلام هى فتاوى قد عاف عليها الزمان، ويجب ألا نلتفت إليها ونرفضها، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء المصرية والأزهر الشريف يسير على منهجية واحدة فى أن تهنئة أخوتنا المسيحيين بميلاد السيد المسيح هو من أبواب البر الذى أمرنا الله به فى قوله تعالى: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ أن اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).
ومن جانبه، أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، على أهمية دعم وتقوية روابط الوحدة الوطنية والأخوة التى تجمع هذا الشعب الأصيل العصى على الاختراق وتربط أبناءه جمعيا برباط وثيق وتعد أحد أهم مواطن قوته وصلابته وصموده فى وجه التحديات الجسام التى تحيط بالمنطقة كلها، مضيفا أن سماحة الأديان وعمق الفهم الوطنى كفيلان بصد جميع المحاولات الخبيثة التى تحاول النيل من وحدة صفنا وبنائنا الوطنى الصلب المتجذر فى أعماق التاريخ ورد كيد المتربصين بِنَا فى نحورهم.
أما الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، أكد أننا فى حاجة ماسة هذه الأيام لإعادة دراسة العديد من المسائل الفقهية التى تتعلق بقضايا التعامل مع غير المسلمين وتهنئتهم بأعيادهم، خاصة فى ظل هذه الظروف التى يتعرض فيها الوطن لمحاولات كثيرة للنيل منه ومن وحدة نسيجه الوطنى، مضيفا أن المولى عز وجل قال فى كتابه الكريم : «لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ أن اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ»، مشددًا على أن البر بشركاء الوطن ومودتهم من العدل فيهم بنص كتاب الله.
فيما قال الشيخ أحمد المالكى،عضو المكتب الفنى بمشيخة الأزهر، قولا وحبا وعملا، نهنئ إخواننا المسيحيين المصريين بل وجميع المصريين بأعياد الميلاد المجيد، ونسأل الله أن يديم أفراحنا ويرزقنا السلام والأمن والآمان، ويحفظ بلادنا من كل سوء وشر ويجعلها بلادا آمنة مطمئنة مستقرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة