هل يوجد إنسان سوىّ فى أى مجتمع متحضر يقف مع المتحرش؟، هل من الممكن أن يجد المتحرش من يدافع عنه، ويتبنى وجهة نظره، ويلتمس له الأعذار؟.. الإجابة قطعًا لا، هل التحرش حكر على مهنة بعينها دون باقى الوظائف؟.. بالتأكيد لا.
ظاهرة التحرش بالأساس هى ظاهرة اجتماعية تعرفها معظم المجتمعات والشرائح، وتحدث فى مهن مختلفة، لكن ما حدث فى هوليوود، قلعة صناعة السينما الأمريكية فى العالم، كان بمثابة الجنون الذى اجتاح العالم.. نجمات كبار ذوات شعبية طاغية، وقفن فى شجاعة ليعترفن بما وقع لهن من حوادث تحرش، وبالطبع سلطت الأضواء أكثر وأكثر حولهن، وصرن حديث العالم. موجة من المكاشفة والمصارحة والتطهير اجتاحت هوليوود، نجمات ضحايا لمنتجين ومخرجين ظهروا فى دور الغول والوحش المفترس، والذى استغل مهنته، وقدرته على منح نجمة أو نجم دور العمر، أو لتقديمهم كسوبر ستار فى الفن، ويتصدرون التترات والأغلفة، ويحلون ضيوفًا على البرامج الكبيرة والشهيرة، يكسبون الملايين ويجنون أموالًا لا حصر لها فى بعض الأحيان، بالتأكيد كل متحرش يجب أن يعاقب فى حالة ثبوت أنه قام فعليًا بهذه الوقائع.
ولكن حالة الجنون التى تسود، وإلقاء التهم جزافًا هو شىء يجب التوقف عنده، لأن هناك فرقًا شاسعًا بين أن يكون هناك من ارتكب هذا الفعل، أو أن يتحول الأمر إلى تصفية حسابات أو حالة من الهوس والمبالغات غير المنطقية، للتنكيل بالفن والفنانين، لأنه ببساطة يجب ألا يحاسب فنان على فنه بمعيار أخلاقى، أو نرفض فنهلأنه متحرش، بغض النظر عن موهبته، ويبدو أن تلك الحالة ستلقى بظلالها على حفل الأوسكار أيضًا.
تلك الاتهامات من المؤكد بها الكثير من الحقيقة، لكن ما وصلت إليه هوليوود الآن يجعلنا نتساءل إذا كان هناك متحرشون فهناك بالتأكيد من يريدون ركوب الموجة، وفى هذا السياق قال المخرج الأمريكى المخضرم أوليفر ستون، فى تصريحات اعلامية: «ينبغى التريث وانتظار قرار المحكمة قبل إطلاق الاتهامات»، مضيفًا: «لقد سمعت قصصًا مرعبة عن كل شخص فى عملنا، لذلك لن أعلق على الشائعات، أعتقد أن الانتظار أفضل شىء يمكن عمله الآن».
فى حين أن النجمة ليندسى لوهان قالت: «تعاونت مع هارفى واينستين-المتهم بالتحرش- فى عدة أفلام، لم يتعرض لى أبدًا، لذلك أعتقد أنه ينبغى على الجميع التوقف عن الهجوم على المنتج»، موضحة أن الاتهامات يجب أن تقدم إلى السلطات، لا أن تنشر على شبكات التواصل.
هوليوود نفسها تقدم هذه الحالات فى العديد من إنتاجاتها، ولا تتجاهل أن هناك من يتحرش أو يقوم بالغواية، وفى عام 2014 قدمت هوليوود فيلم «maps to the stars»، الذى قامت ببطولته جوليان مور، وهو فيلم يكشف الكثير من أجواء وكواليس صناعة السينما فى هوليوود، والتنازلات التى قد تقدمها نجمة للحصول على دور، والفيلم ليس من الأفلام المميزة، لكنه على الأقل يعرّى ويكشف الكثير، إذا ليس هناك مفاجآت.
لذلك جزء كبير منى ينتصر لبيان النجمة الفرنسية الكبيرة كاترين دونوف، وأرى أن منطقها فى البيان ينتصر للمرأة وقوتها، وأنها كائن قوى ومستقل، وتستطيع الدفاع عن نفسها، وتملك حق أن تتعرى أو ترفض أن تكشف عن أى جزء من جسدها، هى فقط صاحبة القرار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة