"عندما تجتمع الموهبة مع الإصرار والتحدى لابد تكون النتيجة إبداعًا خالصًا".. بهذه العبارة الموجزة يمكن تلخيص حياة شهيرة أبو إسماعيل أشهر "نحاتة" بالبحيرة التى احترفت تصنيع التحف الفنية والمصنوعات الراقية من عظام الحيوانات خاصة قرون الجاموس وأخذت حظًا من اسمها لتكون من أشهر الفنانات فى هذا المجال النادر.
وعلى بعد أمتار قليلة من منزلها تذهب "شهيرة" كل يوم إلى عملها بجمعية تنمية المجتمع وسط مدينة دمنهور لتبدأ رحلة كفاحها مع هذا الفن الذى أفنى عقودًا من عمرها من أجل تحويل القبح إلى جمال والنفايات إلى قطع فنية رائعة.
شهيرة تقص حكايتها مع إبداعها الفنى لتقول: "بدأت هذه المهنة فور حصولى على دبلوم الثانوية الفنية فى أواخر التسعينيات بعد أن تم تدريبى على أيدى "اسطوات" المهنة الكبار بجمعية تنمية المجتمع بدمنهور حتى وصلت لأكون السيدة الوحيدة التى استمرت فى هذا العمل حتى الآن.
وأضافت: "شاركت فى العديد من المعارض المحلية والدولية للصناعات اليدوية ما ساهم فى التعريف بهذا الفن الذى يوشك على الاندثار وتسويق هذه المنتجات وتصديرها للخارج، لافتة إلى أن ركود الحركة السياحية فى مصر خلال السنوات الماضية أثر بالسلب على تسويق تلك المنتجات اليدوية بشكل كبير.
وعن مراحل صناعة التحف من قرون الجاموس قالت شهيرة أبو اسماعيل إن بداية العمل يبدأ من الرسم على قرن الجاموس بالأقلام الملونة للشكل المطلوب سواء مجسمات للطيور والحيوانات أو قطع ديكورية وأطقم للمكاتب وغيرها من المنتجات ثم يتم تشكيل العمل الفنى بالمنشار والمبرد اليدوى ليتم الحفر عليه بعد حرقه ليكون أكثر طواعية لينتهى بالصنفرة والتلميع ليكون جاهزًا للبيع.
هذه القطع الفنية المبهرة التى صنعتها "شهيرة" لم تنجز بالسهولة المتخيلة فى أذهان البعض بل على العكس كانت وراءها معاناة حقيقية لتصل إلى هذا الشكل كما تقول نحاتة البحيرة "17 سنة وأنا على المنشار يتهد حيلى وأنحت قرون الجاموس لتحويلها إلى أنتيكات ممكن فى الآخر ممكن متتبعش لحد وتقعد على الرفوف".
وتابعت: "أغلب الناس ثقافتها اتغيرت وبتدور على الأكل والشرب فقط وميهمهاش التحف ولا الانتيكات"، هذه النظرة المتشائمة التى يمكن أن تعزى إلى غياب أى دعم حقيقى لهذه المهنة النادرة عجل بسؤال نحاته البحيرة عن أهم مشاكلها ومطالبها من المسئولين.
فأكدت أن أهم المشاكل تتمثل فى ارتفاع أسعار الخامات وضعف التسويق بالإضافة إلى قلة الإمكانيات لتطوير المهنة.
وأضافت: "من غير المعقول أن يصل قرن الجاموس الذى يعتبر من النفايات الحيوانية إلى نحو 50 جنيهًا ما يؤدى إلى ارتفاع أسعار المنتج النهائى وقلة مبيعاته وكذلك ضعف ميزانية ورشة الأشغال اليدوية الذى لا يتعدى 3 آلاف جنيه فى السنة.
وطالبت شهيرة المسئولين وعلى رأسهم المهندسة نادية عبده محافظ البحيرة بالتدخل العاجل لإنقاذ هذه الحرفة النادرة من الاندثار، ودعم الصناعات اليدوية خاصة أنتيكات قرن الجاموس وتنظيم المعارض الفنية لها والمساهمة فى تسويقها بشكل يتناسب مع قيمتها الجمالية والتراثية.
