هواتف ملغومة، ومعجون أسنان مسمم بخلاف عمليات القنص وغيرها من الأساليب الاغتيالات، اعتمد عليها جهاز الموساد الإسرائيلى فى تصفية خصومه داخل وخارج الدول العربية على مدار 70 عامًا كاملة، رصدها كتاب "أنهض واقتل أولاً"، الذى ألفه مراسل صحيفة يديعوت أحرونوت الحربى، رونين بيرجمان، والذى يصدر خلال أيام حاملًا العديد من الأسرار بشأن تاريخ دولة الاحتلال فى الاغتيالات.
وفى تقرير لها اليوم عرضت صحيفة "إندبندنت أون صنداى" البريطانية مقتطفات من الكتاب، وقالت الصحيفة إنه يكشف كيف استخدمت إسرائيل على سبيل المثال معجون أسنان مسموم يستغرق شهرًا لإنهاء حياة الهدف المرجو التخلص منه، وكيف استخدمت كذلك الطائرات المسلحة بدون طيار، وفجرت الهواتف النقالة، وإطارات سيارات احتياطية مزودة بقنابل يمكن تفجيرها عن بعد، كما يلقى الضوء على لجوء الموساد لاغتيال علماء العدو والبحث وراء رجال الدين المسلمين، للكشف عن علاقاتهم السرية.
ويقول بيرجمان فى كتابه إن إسرائيل نفذت ما لا يقل عن 2700 عملية اغتيال فى 70 عاما من وجودها، بينما فشل كثير من تلك العمليات، إلا أنها لا تزال أكثر بكثير من أى دولة غربية أخرى.
وأقنع بيرجمان، مراسل المخابرات فى صحيفة يديعوت أحرونوت، العديد من عملاء الموساد والجيش ليروا قصصهم، واستخدم بعضهم أسمائهم الحقيقية، والبعض الآخر استخدم اسماء مزيفة، واعتبرت "الإندبندنت" أن نتيجة هذه الحوارات هى أول نظرة شاملة على استخدام إسرائيل لعمليات القتل التى ترعاها الدولة.
وبناء على ألف مقابلة وآلاف من الوثائق، يثير الكتاب قضية أن إسرائيل استخدمت الاغتيال بدلا من الحرب، ما أسفر عن مقتل عشرات العلماء النوويين الإيرانيين، على سبيل المثال، بدلا من شن هجوم عسكرى، كما يقترح بشدة أن إسرائيل استخدمت التسمم الإشعاعى لقتل ياسر عرفات، الزعيم الفلسطينى منذ فترة طويلة وهو ما نفاه المسئولون الإسرائيليون باستمرار.
ويرى بيرجمان، أن وفاة عرفات فى عام 2004 تناسب نمطا معينا دافع عنه البعض، لكنه يتراجع عن تأكيد ما حدث بشكل قاطع، قائلا إن الرقابة العسكرية الإسرائيلية تمنعه من الكشف عما يعرف - أو - إذا كان يعلم.
وأوضحت الصحيفة أن عنوان الكتاب يأتى من التلمود اليهودى القديم، إذ يقول "إذا جاء شخص ما لقتلك، فانهض وأقتله أولا"، ويقول بيرجمان إن نسبة كبيرة من الأشخاص الذين قابلهم أشاروا إلى أن هذه المقولة هو مبرر لعملهم، وكذلك يرى محامى الجيش الإسرائيلى، أن هذه العمليات هى أعمال حرب مشروعة.
ورغم المقابلات العديدة التى أجريت مع رؤساء الوزراء السابقين إيهود باراك وإيهود أولمرت، فإن بيرجمان، مؤلف العديد من الكتب، يقول إن الأجهزة السرية الإسرائيلية سعت للتدخل فى عمله، وعقدت اجتماعا عام 2010 حول كيفية تعطيل أبحاثه، كما حذروا موظفو الموساد السابقين بعدم التحدث معه.
ويقول إنه بينما تفرض الولايات المتحدة قيودا أشد على عملاءها من إسرائيل، فقد اعتمد الرئيس جورج دبليو بوش العديد من التقنيات الإسرائيلية بعد الهجمات الإرهابية التى وقعت فى 11 سبتمبر 2001، بينما أطلق الرئيس باراك أوباما المئات من عمليات القتل المستهدف أو الاغتيالات.
وأضاف بيرجمان: "إن أنظمة القيادة والتحكم، وغرف الحروب، وأساليب جمع المعلومات، وتكنولوجيا الطائرات والطائرات بدون طيار، التى تخدم الآن الأمريكيين وحلفائهم، تطورت إلى حد كبير فى إسرائيل".
وأضافت الصحيفة، أن الكتاب يعطى تاريخ محكم للشخصيات والتكتيكات من مختلف الخدمات السرية على مدار الأعوام، فمثلا فى السبعينيات، فتح رئيس جديد لعمليات الموساد مئات الشركات التجارية فى الخارج بفكرة أنها قد تكون مفيدة يوما ما.
وكشف الصحفى والمؤلف الإسرائيلى رونين بيرجمان النقاب عن إصدار وزير الدفاع الإسرائيلى السابق أريل شارون أوامر للجيش الإسرائيلى فى عام 1982 بضرب طائرة ركاب من أجل اغتيال الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات.
وكشف عن أن الطائرة التى أصدر شارون أوامر بضربها لاغتيال عرفات كانت تقل 30 طفلا فلسطينيا من مصابى مجزرة صبرة وشاتيلا.
وأشار الصحفى الإسرائيلى إلى أن عملية الاغتيال التى تم التخطيط لها بالتنسيق مع جهاز الموساد بحق الرئيس الفلسطينى الراحل تم إلغاؤها، إلا أنه أكد أن هذه العملية كانت واحدة من العديد من المخططات الإسرائيلية الرامية لاغتيال عرفات.
وقال بيرجمان "أصدر شارون أوامر لمقاتلات إسرائيلية من طراز (إف-16 إس) و(إف-15 إس) بملاحقة طائرة ركاب تحمل مصابين فلسطينيين لشكه فى أنها تقل عرفات أيضا، ومن ثم اعتمدت العناصر الإسرائيلية التى كانت تتربص بالرئيس الفلسطينى فى مطار أثينا على استغلال حالة التراخى الأمنى هناك فى منطقة هبوط الطائرات الخاصة لتنفيذ عملية الاغتيال".
وتابع الصحفى الإسرائيلى "تلقت العناصر الإسرائيلية التى كانت تتابع الطائرة أوامر بعدم إطلاق النار إلا فى حالة تلقيها أوامر مباشرة من القيادة حال التأكد من أن عرفات على متن الطائرة، ولكن لم يتم إصدار أوامر بتأكيد إطلاق النار".
ورجح بيرجمان أن الشخص الذى كان يستقل الطائرة هو الشقيق الأصغر لياسر عرفات وليس الرئيس الفلسطينى نفسه".
واختتم الصحفى الإسرائيلى عرضه لمقتطفات من الكتاب بالقول أن إسرائيل خصصت أربع مقاتلات عسكرية من الفترة من نوفمبر 1982 وحتى يناير 1983 لاغتيال عرفات فور تحديد موقعه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة