يوسف أيوب

ماذا يحدث حولنا؟ «3»

الخميس، 25 يناير 2018 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحدثت فى المقالين السابقين عما يدور من أحداث حولنا، ولها تأثيرات مباشرة وأخرى غير مباشرة على المنطقة العربية، لكن بقيت نقطة يجب الإشارة لها تتعلق بالحلول التى يمكن من خلالها التصدى لأى تأثيرات محتملة، والحل بطبيعة الحال يكون بداية من خلال وضع اليد على الداء لاختيار الدواء المناسب له، وإذا ما طبقنا هذه القاعدة على وضعنا فى المنطقة، فإن أمراضنا يمكن تلخيصها فى ضعف الانتماء الوطنى، وأيضاً سعى أطراف عربية معروفة لنا سلفاً إلى تدمير الهوية العربية، وبث الفتن والفرقة بين العرب لصالح أجندات خارجية.
 
هذه الأطراف تستغل التيارات الإسلامية المتشددة، وأيضاً حالة الفقر فى كثير من دولنا لكى تنفذ أجندتها المدمرة، وساعدها على ذلك ما يمكن وصفه بضعف الدولة الوطنية، لذلك فإن أى حل يتطلب بداية العمل على إعادة تقوية الدولة الوطنية، والوقوف بشكل واضح وصريح فى وجه كل المخططات الخارجية الساعية إلى تقسيم الدول العربية، أو بث الفتن والنعرات القبلية والمذهبية، وهذا لن يحدث إلا إذا امتلك العرب قرارهم، وأن يحددوا الطريق الذى سيسلكونه، وفى الوقت نفسه، تصحيح الأخطاء التى أثرت على قوام الدول العربية من الداخل، ويكون ذلك بداية بأن نعترف بوجود أخطاء فى أساليب الإدارة والحكم، أدت إلى حدوث ما شاهدناه فى 2011، والتى عمقت من فكرة التمييز بين المواطنين على أساس دينى أو طائفى ومذهبى، وربما القتل على الهوية كما حدث فى العراق على سبيل المثال، قبل أن تأتى الحكومة الحالية، وتعيد تصحيح المسار الخاطئ التى سارت عليه حكومة نورى المالكى، التى اعتمدت على المذهبية فى تحركاتها، مما أدى إلى تخيخ المجتمع العراقى من الداخل، وفتح المجال للتنظيمات الإرهابية على رأسها داعش لكى يكون لها وجود قوى، وربما مساندة من بعض القطاعات الشعبية العراقية، وتحديداً الطائفة السنية، فى محاولة منها للرد على التصرفات الطائفية من جانب حكومة المالكى.
 
نعم لقد استطاعت العراق على سبيل المثال تجاوز هذه الفترة العصيبة، كما أن سوريا بدأت تفيق أيضاً، لكن لاتزال بذور الفتنة موجودة داخل مجتمعاتنا، لأن من ذرع هذه البذور لازال حراً طليقاً، يعبث كما يشاء، مستخدما ما توفر لديه من وفرات مالية لكى يحدث حالة الانقسام والاقتتال أيضا التى يتمناها، ولا يخفى علينا أيضاً خطورة التهديدات التى تواجه المنطقة العربية، وكثير منها اجتماعية واقتصادية، فى وقت تعانى غالبية الدول العربية من ضعف فى الموارد، وهو ما منح هذه الأطراف، ممثلة فى إيران وبمساعدة من النظام القطرى، حرية الحركة.
 
كما لا يخفى علينا أيضاً وجود تباين فى وجهة نظر كل دولة تجاه المخاطر التى تهدد المنطقة، فلا يوجد حتى الآن توافق جماعى أو اتفاق على ترتيب واضح لأولويات التحرك الجماعى أو سبل المواجهة، وهناك غياب لآلية واضحة لمعالجة الخلافات العربية- العربية، فى حين يستلزم الأمر ألا يتم التعامل مع الأمن الوطنى لكل دولة بمعزل عن الأمن القومى العربى الشامل، فما نراه الآن من تحركات فردية من بعض الدول لترتيب أمنها الخاص على حساب الأمن الجماعى هو لب المشكلة، وربما تجدر الإشارة هنا إلى بعض التحركات من جانب مصر على سبيل المثال لترتيب الأوضاع العربية من الداخل، وإيجاد توافق عربى حول مفهوم الأمن القومى الجماعى، عبر مقترح إنشاء أو تشكيل القوة العربية المشتركة، وهو المقترح الذى لاقى رفضاً وتحفظاً من بعض الدول التى يبدو أنها لم تدرك حينها خطورة هذا الرفض والتحفظ، لأنها بهذه الطريقة منحت العابثين فى أمننا الداخلى فرصة للحياة مرة أخرى، بدلاً عن مواجهته، ومواجهة أذراعه، خاصة الميليشيات الإرهابية المسلحة، أخذاً فى الاعتبار أن تهديد الإرهاب يظل هو أخطر ما يواجه المنطقة العربية خلال المرحلة الحالية، وذلك رغم وجود مؤشرات إيجابية مثل هزيمة داعش وإنهاء سيطرتها على معظم المناطق التى كانت تتحكم فيها فى سوريا والعراق، لكن علينا أن نتعامل بنظرة أكبر، فالقضاء على الإرهاب لن يتم بين ليلة وضحاها، لأن المواجهة ستطول ربما لسنوات، خاصة فى ظل توقعات أمنية واستراتيجية بأن الإرهابيين سيغيروا من استراتيجياتهم وأدواتهم وطرق عملهم، الأمر الذى تحتاج معه البلدان العربية إلى استحداث أساليب عمل جديدة واستراتيجيات مختلفة لمكافحته، مع تجفيف منابع الإرهاب لاجتثاثه من جذوره.
 
فى المجمل يمكن القول أن الصورة العربية ليست كلها قاتمة، فهناك ما يشير إلى وجود إرادة أكيدة لدى الشعوب والحكومات لتجاوز الأزمات الحالية، لكن المهم أن نعمل بجد على دراسة الواقع الحالى وما يحيط بنا، حتى نضع الحل.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة