فى فيلم The post.. سبيلبرج ينتصر لصاحبة الجلالة على تقييد الحريات بالقاضية

الإثنين، 22 يناير 2018 06:38 م
فى فيلم The post.. سبيلبرج ينتصر لصاحبة الجلالة على تقييد الحريات بالقاضية بوستر فيلم the post
تحليل يكتبه خالد ابراهيم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يقولون "الجواب بيبان من عنوان".. صحيح.. إذا ما طبقنا هذا المثل على الفيلم الأمريكى the post، فيلم يقوم ببطولته توم هانكس وميريل ستريب ويخرجه ستيفين سبيلبرج ويكتبه جوش سينجر، وموسيقى وجون ويليامس فماذا ننتظر من عملا يساوى 14 أوسكار؟

عشرات الأفلام ناقشت كواليس المطبخ الصحفى، كونه عالما مثيرا مليئا بالقصص والحكايات العجيبة، وأرضًا خصبًا للخيال، وفضاء درامى غير محدود، بخلاف شخصياته المتباينة ذي الطبائع المختلفة، والدوافع الدفينة، والدليل على ذلك حصول فيلم spotlight على جائزتى أوسكار وعدد كبير من الجوائز الكبرى، وهو الفيلم الذى يتحدث عن كواليس الصحافة الاستقصائية.

 بوستر الفيلم

بوستر الفيلم

يأخذنا the post من جديد إلى هذا العالم الواسع ولكن تلك المرة من بوابة الواقعية، فالفيلم مأخوذ عن أحداث حقيقية حدثت بالفعل، وبالأسماء الفعلية.


 

بناء درامى سريع يفى بالغرض
 

فى المشهد الأول نجد أنفسنا فى ساحة حرب عام 1966 بفيتنام، ولكن لا يبدو أن الحرب تسير هناك كما يتمناها الأمريكان، حيث يعانون فى غاراتهم ويسقط منهم الضحايا ويوجد شخص معه آله كاتبة يدون عليها الأحداث لحظة بلحظة.. وفور وصوله وطنه يفاجأ بأن المسئولين يكذبون على الشعب رغم رؤية الحقيقية بأعينهم، ويزعمون أنهم متقدمون في الحرب، فيقرر تسريب جزء من الوثائق الخطيرة التى أصبحت بحوزة السلطة بعدما استطاع سرقتها.

 

مطبخ الصحافة الأمريكية فى السبعينيات
 

يقفز بنا المخرج 5 سنوات دفعة واحدة حتى عام 1971، لندخل كواليس الصحافة من خلال جريدة "واشنطن بوست" التى تمتلكها كاثرين غاراهام "ميريل ستريب" الكاتبة الصحفية ويرأس تحريرها بين برادلى "توم هانكس"، لنجد أنفسنا جزءا من صناعة الصحافة فى السبعينيات بأمريكا وكيف تدار جريدة يومية بعيدًا عن الصورة العبثية للصحافة فى أغلب الأعمال الفنية، فهنا نحن أمام صحفى من طراز رفيع ذو علاقات قوية تحظى باحترام الجميع، يعرف قدر نفسه، أضفى عليها توم هانكس قدرًا من العمق والغموض، وهيبة رؤساء التحرير.

فى حين أن كاثرين مالكة الجريدة تعيش أيام سيئة بسبب اقتراب طرح الشركة فى البورصة وهو ما يجعلها مترددة ومهتزة طوال الوقت.

ومع توالى الأحداث تنشر "نيويورك تايمز" بصفحتها الأولى تقريرًا عن تسريب وثائق سرية تكشف تورط مسئولين حكوميين فى حرب فيتنام فيهتزر الرأى العام الأمريكى، ويصبح الشغل الشاغل لبين برادلى هو العثور على هذه المستندات والثوائق بأى ثمن، حتى بعد صدور قرارا من المدعى العام بحظر النشر وبالفعل يعثر عليها فتحدث مناوشات ومناقشات بينه وبين كاثرين التى لا تريد النشر خوفًا على مستقبل الجريدة مع اقتراب طرحها بالبورصة، ولكن بضغط "ذكى" واعلاءً للمهنة، ترضخ له وتوافق عن اقتناع متحدية بعض أعضاء مجلس الإدارة، وبالفعل تنشر الوثائق وتهتز أمريكا فعليا وتقوم المظاهرات ويمثل رئيس التحرير ومالكة الجريدة أمام القضاء ويصدر الحكم بعدم إدانتهما.

توم هانكس مدير تحرير
توم هانكس مدير تحرير

 

 

الصحافة فى وجه السلطة 
 

القضية الأساسية فى الفيلم تتمثل فى جوهر مهنة الصحافة ومدى قدرتها على الإتيان بالمعلومة وتغليفها وإرسالها للقارئ.. ومدى حريتها وحدودها.. جميعها أسئلة يجيب عنها المخرج رغم أن الأحداث حقيقية، ولكن الفيصل هنا هو وجهة النظر والزاوية التى تعالج منها القضية، فانحاز ستيفين سبيلبرج لفكرة النشر وحق القارئ فى المعرفة، ولعل المشهد قبل الأخير يثبت ذلك حينما تقرأ صحفية على زملائها منطوق الحكم فتقول: "يجدر بالصحافة أن تخدم المحكومين وليس الحاكم".

لم يركز ستيفين سبيلبرج على محتوى الوثائق وكأن الأمر لا يعنيه ولا يعنى الصحافة نفسها، فما يعني هو حق النشر وحق القارئ فى المعرفة، مهما كانت الجهة التى تدينها هذه الوثائق.

 مشهد من الفيلم

مشهد من الفيلم

 

اللافت هنا هو أن ستيفين سبيلبرج لم يبحث عن "البهرجة" الفنية، واستعراض مهاراته وقوته الفنية، ولكنها الحقيقة التى كانت واضحة تمامًا أن البساطة هى كلمة السر فى قوة العمل، بداية من أداء الممثلين والديكورات خاصة "المطابع" ومكاتب الصحفيين حتى مكتب رئيس التحرير، فضلا عن الأزياء جميعها عناصر كان شعارها البساطة، بقدر يتماشى مع أجواء السبعينيات.

أداء توم هانكس وميريل ستريب هو التجسيد الحقيقي لمعنى "السهل الممتنع" دون تعقيد أو فزلكة فى التمثيل أو أفورة لا يحتاجها أى من الدورين.

إجمالاً.. الفيلم رغم بساطته الفنية لكنه يحمل مضمونًا شديد العمق والتركيز يتعلق بحدود المهنة والمعرفة وأن السلطة لا يمكن أن تقف فى طريق الصحافة الصادقة الواعية.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة