خالد عزب يكتب: الصراع السياسى فى إيران ومستقبلها

الإثنين، 15 يناير 2018 12:00 ص
خالد عزب يكتب: الصراع السياسى فى إيران ومستقبلها الدكتور خالد عزب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كأى ثورة أيدلوجية يأتى زمن يتراجع الوقود الأيدلوجى لكى تأخذ الثورة بعدًا يتعامل مع الواقع، لكن تمثل إيران حالة خاصة، إذ أدت الحرب العراقية الإيرانية إلى تكتل وطنى خلف شعارات الثورة فى زمن الحرب، ثم جاء الحصار الاقتصادى الغربى ليزيد من تماسك الجماهير خلف الثورة وأهدافها، فإلى أى مدى أصبحت إيران فى مرحلة التحول من الثورة إلى الواقعية؟ 
 
فى حقيقة الأمر تشهد إيران صراعا ما، هذا الصراع يبدو غير طافى على السطح ولا ظاهرًا للعيان، إذ أن تآكل جيل الثورة الإسلامية، والذى كان وقودها وسبب تماسكها سواء بالوفاة أو بعامل الزمن وتقادم السن أو بتغير المعطيات على الساحة، والصراع بين أجنحة النظام ولد حالة من حالات خلخلة النظام نفسه، فجيل الإصلاح الذى عبر عنه محمد خاتمى تراجع مع مقولات أحمدى نجاد حول الإصلاح من الداخل، من داخل أيدلوجيا الثورة الإيرانية، لذا فإن نجاد برغم غيابه عن سدة الرئاسة إلا أنه يمثل حالة زخم ويعبر عن قدرات المرشد العام أحمد خامئنى مثل أحمدى نجاد انقلاب ناعم فالشعبويه الدينية تغلبت على النخبة فى صورة نجاد الذى عاش فى أزقة جنوب طهران بعد نزوحه مع أسرته من مدينة كرمسار الفقيرة، احتكاكه بالفقراء جعله يحولهم لطاقة تخدم سياسته، اعتمد نجاد على سرعة الحركة مع سرعة التطورات، واستعان بمن يثق فى قدراتهم على الإنجاز، لكن مع صعود روحانى للرئاسة يستعين الاصلاحيون التقليديون نفوذهم فى الدولة الإيرانية، والمستقبل خلال السنوات القادمة لا شك أنه سيكون مختلف فى إيران، إذ أن طول أمد الحروب والصراعات التى خاضتها إيران منذ الثمانينات من القرن العشرين، أدى إلى رفض الأجيال الجديدة فكرة الحرب لمجرد نشر النفوذ المذهبى أو السياسى دون عائد على مستواه الاقتصادى لذا هناك صراع لن يكون بين الاصلاحيين التقليديين الذين يعدون امتدادًا لرفسنجانى أو ختامى أو إصلاحى الداخل امتداد أحمدى نجاد، لكن بين هاذين الجناحين وأجنحة جديدة، إذا احتدم الصراع بينها أو رفض النظام أو صاحبها فى الحراك السياسى ستكون هناك بوادر حرب أهلية قد تبدأ بحرب شوارع داخل مدن إيران.
 
هنا تبدو الأقليات العرقية والمذهبية فى وضع جديد، إذ أن إيران بها أقليات إما مهمشة أو مهملة مثل: العرب – الترك – الآذاريين – الكرد – البلوش، بل يبدو أن الأكراد والبلوش ستصبح لديهم فرص إما للانفصال أو الحصول على حكم ذاتى هنا تبدو إيران أمام صراع داخلى بين الشيعة والسنة وهو صراع مذهبى حرصت إيران إلى وأده عبر الضغط المستمر على السنة.
هل هذا يعنى أن إيران ستتخلى عن سياسة تصدير الثورة، فى حقيقة الأمر تعد إيران تنشيط المذهب الاثنى عشرة أداة لامتداد نفوذها السياسى لذا فانها لو تخلت مرحليًا عن دعم نشر هذا المذهب، فإن ذلك سيرتبط بمدى قوة نظام ولاية الفقيه فى إيران، فضلًا عن انتقال إيران من مرحلة الثورة الايدلوجية إلى مرحلة الواقعية السياسية، من هذا المنطلق نستطيع أن نفهم أن القيادة السياسية تعى فى إيران أهمية تعزيز الثقافة والصناعات الثقافية كأداة لتماسك الدولة والروح القومية، فإيران التى تصدر بما يزيد على 2 مليار دولار سنويًا من الحرف التقليدية، تتعامل مع هذه الحرف ومع فن الخط العربى والشعر والأدب والتراث المادى فى مدينة كأصفهان كمكون يجرى تعزيزه يوميًا ضد سياسات التغريب أو الاختراق الثقافى لإيران، فإيران تدرك أن تعزيز هويتها الوطنية سيكون هو سبب تماسكها ضد التيارات التى تنادى بالحداثة وتقليص نفوذ وشرعية ولاية الفقيه.
 
ومن المدهش أن الولايات المتحدة الأمريكية دون أن تدرك تعزز من تماسك إيران بل أن سياسات الولايات المتحدة التى تدحض القومية العربية، تعزز التوجه المذهبى لأن التقسيم العرقى والمذهبى أقل خطرًا على الولايات المتحدة وأوروبا من التقسيم القومى المتعارض مع نظام العولمة، فضلًا عن أن أى صراع إيرانى/ غربى أو مفاوضات إيرانية/ غربية، هى فى مجملها تدور حول قضايا تتجاوز فيها إيران حجمها كدولة إلى لاعب إقليمى يخدم مصالح الآخرين، سواء بإشعال حروب جانبية فى المنطقة أو عبر إحداث قلق يستنزف المنطقة العربية، بعيدًا عن الاستقرار الذى يحدث نمو حقيقى.
 
لذا السنوات القادمة من المتوقع أن نشهد فيها تقزم إيران مرة أخرى إلى دولة مهمة لها حساباتها فى المنطقة وليس لاعب رئيسى خاصة أنه من المتوقع تغير تركيبة الحكم سواء بتراجع أو اختفاء سلطة ولاية الفقيه، ستكون بداية هذا استعادة العرب السنة فى العراق دورهم السياسى مما يحدث توازنًا فى العراق بين السنة والشيعة، ثم إنهاء حربى اليمن وسورية وصعود قوى عربية تحدث توازن إقليمى ان الضغوط الاقتصادية فى الداخل الإيرانى تمثل تحديا لنظام الحكم فى إيران ففى ظل أمل الإيرانيين بتحسن الأوضاع بعد الاتفاق النووى تراجع هذا الأمل بشدة مع تصاعد البطالة فى أوساط الشباب لنسب غير مسبوقة ، فضلا عن الحاجة الماسة الآن فى إيران إلى إعادة التوازن فى الموازنة العامة إذ طغت موازنة الجيش على حساب التنمية وموازنة طموحات إيران الإقليمية على حساب تنمية أقاليم إيران خاصة خارج القلب فالأطراف تعانى بشدة نقص الخدمات الخاصة.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة