بالرغم من مرور أكثر من سبعة أشهر، على إعلان كل من مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية ومملكة البحرين، فى 5 يونيو الماضي، قطع علاقاتها مع قطر، جراء دعم حاكم الأخيرة للإرهاب، ورفضه الانصياع إلى نداء الحكمة والعقل، لنزع فتيل الأزمة التى افتعلها، مع سبق الإصرار والترصد، ضد الشعوب العربية الخليجية والعربية، وتحديداً، مصر.
وبالرغم من احتضان النظام القطرى التنظيمات الإرهابية، وفى مقدمتها جماعة الإخوان وجناحها العسكرى وداعش العراق وسورية، واليوم داعش مصر وليبيا وشمال أفريقيا، نقول بالرغم من مرور هذه الفترة وهذا الدعم المتواصل، فإن تميم ما يزال يصر على موقفه الداعم للإرهاب، بل بات التمادى والإيغال بكل ما يصب الزيت على النار، وتأجيج نيران الإرهاب في المنطقة، ديدنه واستراتيجيته وهوايته المفضلة، لرؤية مزيد من أنهار الدماء وأشلاء الجثث، تتناثر مع عمليات الإرهاب فى مناطق متعددة من العالم العربى، وخارجها، وبخاصة أن تقارير رسمية عربية واستخبارية، تشير إلى أن النظام القطرى ومخابراته، قد أعدوا خطة مسبقة ومنظمة لانتقال تنظيم داعش من العراق وسورية إلى جنوب ليبيا، ولاسيما بعد الهزيمة الساحقة التى منى بها هذا التنظيم فى هذين البلديين العربيين، والمفارقة هنا، أن حمد والد تميم ومخابراته، هو من أنفق ملايين الدولارات، ووفر الغطاء اللوجيستى لحركة ونقل خلايا داعش من ليبيا، بعد حيازة الأخيرين، على ترسانة الجيش الليبي من الأسلحة والذخائر، بعد سقوط الرئيس الليبي معمر القذافى فى أكتوبر عام 2011، إلى كل من العراق وسورية.. ليستكمل مسرحية ومهزلة، ما اصطلح على تسميته بـ"الربيع العربي".
الغريب في الأمر، أن تميم، ومن قبله، أباه، لم يترددان لحظة واحدة، في الإعلان عن دعمهما لهذه التنظيمات الإرهابية، وبخاصة جماعة الإخوان، التى أسستها بريطانيا فى مارس من العام 1928، لأهداف سياسية استعمارية، وشق صفوف المسلمين والعرب، والأكثر غرابة ومدعاة للاستغراب فى هذا الأمر، أن تنظيم الحمدين، لم يتوان لحظة واحدة، فى التحالف والتآمر، مع أية جهة تناصب العداء لوحدة الصف العربي وللتنمية في هذه المنطقة، بل ومع أية جهة لها أطماعها المعروفة فى المنطقة، سواء كانت إسرائيل أو إيران ومليشياتها فى العراق، أو حزب الله أو مليشيات الحوثى أو تركيا وغير ذلك.
مليارات الدولارت القطرية، تم إنفاقها لهذا المخطط الذى بانت دوافعه وأهدافه وآليات تنفيذه.. لكن اليوم، وبعد كل المحاولات والجهود الخليجية والعربية لعودة قطر إلى حاضنتها العربية الخليجية، وما يزال الأمل معقوداً بأن يعود الشيخ تميم إلى رشده وعقله وجادة الصواب، وتعود الأمور إلى طبيعتها، ليفرح العرب والخليجيون بهذه العودة، ولكن فى حال لم يبالِ ولم يكترث بكل نداءات السلام والحكمة، أليس من حقنا أن نتساءل، كعرب وكخليجيين وكمراقبين: لو أن الشعب القطرى الشقيق، الذي هو جزء لا يتجزأ من حاضنته العربية الخليجية، قد ثار ضد مجرمى الحرب فى الدوحة المتسلطين على رقابه، هل سيتمكن هؤلاء الحلفاء من حمايته من القصاص العادل، الشعبى والعربى والدولى الذي سيقع عليهم..!؟ أعتقد أن جميع الطغاة والمستبدين، كما فصل فيهم، عبد الرحمن الكواكبي في كتابه "طبائع الاستبداد وﻣﺼﺎرع اﻻﺳﺘﻌﺒﺎد" لن يدركوا هذه الحقيقة أبداً، إلا بعد فوات الآوان..والتاريخ ما يزال يسجل تكرار هذه الأحداث.. مع الأسف..!
*مدير عام المركز الإستشاري الإستراتيجي للدراسات الاقتصادية والمستقبلية، أبوظبي
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة